القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 71 سورة الزخرف - يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها

سورة الزخرف الآية رقم 71 : سبع تفاسير معتمدة

سورة يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها - عدد الآيات 89 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 71 من سورة الزخرف عدة تفاسير - سورة الزخرف : عدد الآيات 89 - - الصفحة 494 - الجزء 25.

سورة الزخرف الآية رقم 71


﴿ يُطَافُ عَلَيۡهِم بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ وَفِيهَا مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ وَأَنتُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ ﴾
[ الزخرف: 71]

﴿ التفسير الميسر ﴾

يطاف على هؤلاء الذين آمنوا بالله ورسله في الجنة بالطعام في أوانٍ من ذهب، وبالشراب في أكواب من ذهب، وفيها لهم ما تشتهي أنفسهم وتلذه أعينهم، وهم ماكثون فيها أبدًا.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«يطاف عليهم بصحاف» بقصاع «من ذهب وأكواب» جمع كوب وهو إناء لا عروة له ليشرب الشارب من حيث شاء «وفيها ما تشتهيه الأنفس» تلذذاً «وتلذ الأعين» نظراً «وأنتم فيها خالدون».

﴿ تفسير السعدي ﴾

يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ أي: تدور عليهم خدامهم، من الولدان المخلدين بطعامهم، بأحسن الأواني وأفخرها، وهي صحاف الذهب وشرابهم، بألطف الأواني، وهي الأكواب التي لا عرى لها، وهي من أصفى الأواني، من فضة أعظم من صفاء القوارير.
وَفِيهَا أي: الجنة مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وهذا لفظ جامع، يأتي على كل نعيم وفرح، وقرة عين، وسرور قلب، فكل ما اشتهته النفوس، من مطاعم، ومشارب، وملابس، ومناكح، ولذته العيون، من مناظر حسنة، وأشجار محدقة، ونعم مونقة، ومبان مزخرفة، فإنه حاصل فيها، معد لأهلها، على أكمل الوجوه وأفضلها، كما قال تعالى: لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وهذا هو تمام نعيم أهل الجنة، وهو الخلد الدائم فيها، الذي يتضمن دوام نعيمها وزيادته، وعدم انقطاعه.


﴿ تفسير البغوي ﴾

( يطاف عليهم بصحاف ) جمع صحفة وهي القصعة الواسعة ( من ذهب وأكواب ) جمع كوب وهو إناء مستدير مدور الرأس لا عرى لها ( وفيها ) أي في الجنة ( ما تشتهيه الأنفس ) قرأ أهل المدينة والشام وحفص : ( تشتهيه ) وكذلك في مصاحفهم ، وقرأ الآخرون بحذف الهاء .
( وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن عبد الرحمن بن سابط قال : قال رجل : يا رسول الله أفي الجنة خيل ؟ فإني أحب الخيل ، فقال : " إن يدخلك الله الجنة لا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت ، إلا فعلت " ، فقال أعرابي : يا رسول الله أفي الجنة إبل ؟ فقال : " يا أعرابي إن يدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك " .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- مظاهر أخرى لتكريمه لهؤلاء العباد فقال: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ.
.
.
.
والصحاف: جمع صحفة، وهي الآنية الواسعة الكبيرة التي توضع فيها الأطعمة.
والأكواب: جمع كوب وهو ما يوضع فيه الشراب.
وفي الكلام حذف يعرف من السياق، والتقدير: يقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون، فإذا ما دخلوها واستقروا فيها، يطاف عليهم بأطعمة وأشربة في أوان من ذهب.
ولم تذكر الأطعمة والأشربة للعلم بها، إذ لا معنى للطواف بالصحاف والأكواب وهي فارغة.
.
وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ أى: وفي الجنة التي دخلوها كل ما تشتهيه الأنفس من أنواع المشتهيات، وكل ما تتلذذ بين الأعين وتسر برؤيته.
وَأَنْتُمْ أيها المؤمنون فِيها خالِدُونَ خلودا أبديا لا نهاية له.

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

( يطاف عليهم بصحاف من ذهب ) أي زبادي آنية الطعام ، ( وأكواب ) وهي : آنية الشراب ، أي : من ذهب لا خراطيم لها ولا عرى ، " وفيها ما تشهي الأنفس " - وقرأ بعضهم : ( تشتهيه الأنفس ) ( وتلذ الأعين ) أي طيب الطعم والريح وحسن المنظر .قال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، أخبرني إسماعيل بن أبي سعيد ، عن عكرمة - مولى ابن عباس - أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد ، يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب ، وخيام من لؤلؤ ، ليس فيها موضع شبر إلا معمور يغدى عليه ويراح بسبعين ألف صحفة من ذهب ، ليس فيها صحفة إلا فيها لون ليس في الأخرى ، مثله شهوته في آخرها كشهوته في أولها ، لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي ، لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا " .وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا عمرو بن سواد السرحي ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن عقيل بن خالد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة : أن أبا أمامة - رضي الله عنه - حدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم - وذكر الجنة - فقال : " والذي نفس محمد بيده ، ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ، ثم يخطر على باله طعام آخر ، فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى " ثم قرأ : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن - هو ابن موسى - حدثنا سكين بن عبد العزيز ، حدثنا الأشعث الضرير ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أدنى أهل الجنة منزلة إن له لسبع درجات ، وهو على السادسة وفوقه السابعة ، وإن له ثلاثمائة خادم ، ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلاثمائة صحفة - ولا أعلمه إلا قال : من ذهب - في كل صحفة لون ليس في الأخرى ، وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره ، ومن الأشربة ثلاثمائة إناء ، في كل إناء لون ليس في الآخر ، وإنه ليلذ أوله كما يلذ آخره ، وإنه يقول : يا رب ، لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم ، لم ينقص مما عندي شيء ، وإن له من الحور العين لاثنين وسبعين زوجة ، سوى أزواجه من الدنيا ، وإن الواحدة منهن ليأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض " .( وأنتم فيها ) أي : في الجنة ) خالدون ) أي : لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب أي : لهم في الجنة أطعمة وأشربة يطاف بها عليهم في صحاف من ذهب وأكواب .
ولم يذكر الأطعمة والأشربة ; لأنه يعلم أنه لا معنى للإطافة بالصحاف والأكواب عليهم من غير أن يكون فيها شيء .
وذكر الذهب في الصحاف واستغنى به عن الإعادة في الأكواب ، كقوله تعالى : والذاكرين الله كثيرا والذاكرات .
وفي الصحيحين عن حذيفة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة .
وقد مضى في سورة ( الحج ) أن من أكل فيهما في الدنيا أو لبس الحرير في الدنيا ولم يتب حرم ذلك في الآخرة تحريما مؤبدا .
والله أعلم .
وقال المفسرون : يطوف على أدناهم في الجنة منزلة سبعون ألف غلام بسبعين ألف صحفة من ذهب ، يغدى عليه بها ، في كل واحدة منها لون ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، ويجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها ، لا يشبه بعضه بعضا ، ويراح عليه بمثلها .
ويطوف على أرفعهم درجة كل يوم سبعمائة ألف غلام ، مع كل غلام صحفة من ذهب ، فيها لون من الطعام ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، ويجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها ، لا يشبه بعضه بعضا .
وأكواب أي : ويطاف عليهم بأكواب ، كما قال تعالى : ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب وذكر ابن المبارك قال : أخبرنا معمر عن رجل عن أبي قلابة قال : يؤتون بالطعام والشراب ، فإذا كان في آخر ذلك أوتوا بالشراب الطهور فتضمر لذلك بطونهم ، ويفيض عرقا من جلودهم أطيب من ريح المسك ، ثم قرأ شرابا طهورا .
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون قالوا فما بال الطعام ؟ قال : جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد والتكبير - في رواية - كما يلهمون النفس .
الثانية : روى الأئمة من حديث أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم وقال : لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها وهذا يقتضي التحريم ، ولا خلاف في ذلك .
واختلف الناس في استعمالها في غير ذلك .
قال ابن العربي : والصحيح أنه لا يجوز للرجال استعمالها في شيء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذهب والحرير : هذان حرام لذكور أمتي حل لإناثها .
والنهي عن الأكل والشرب فيها يدل على تحريم استعمالها ; لأنه نوع من المتاع فلم يجز .
أصله الأكل والشرب ، ولأن العلة في ذلك استعجال أمر الآخرة ، وذلك يستوي فيه الأكل والشرب وسائر أجزاء الانتفاع ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قال : هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة فلم يجعل لنا فيها حظا في الدنيا .
الثالثة : إذا كان الإناء مضببا بهما أو فيه حلقة منهما ، فقال مالك : لا يعجبني أن يشرب فيه ، وكذلك المرآة تكون فيها الحلقة من الفضة ولا يعجبني أن ينظر فيها وجهه .
وقد كان عند أنس إناء مضبب بفضة وقال : لقد سقيت فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال ابن سيرين : كانت فيه حلقة حديد فأراد أنس أن يجعل فيه حلقة فضة ، فقال أبو طلحة : لا أغير شيئا مما صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتركه .
الرابعة : إذا لم يجز استعمالها لم يجز اقتناؤها ; لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اقتناؤه كالصنم والطنبور .
وفي كتب علمائنا أنه يلزم الغرم في قيمتها لمن كسرها ، وهو معنى فاسد ، فإن كسره واجب فلا ثمن لقيمتها .
ولا يجوز تقويمها في الزكاة بحال .
وغير هذا لا يلتفت إليه .
قوله تعالى : بصحاف قال الجوهري : الصحفة كالقصعة والجمع صحاف .
قال الكسائي : أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ، ثم الصحفة تشبع الخمسة ، ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ، ثم الصحيفة تشبع الرجل .
والصحيفة الكتاب والجمع صحف وصحائف .
قوله تعالى : ( وأكواب ) قال الجوهري : الكوب كوز لا عروة له ، والجمع أكواب قال الأعشى يصف الخمر :صريفية طيب طعمها لها زبد بين كوب ودنوقال آخر :متكئا تصفق أبوابه يسعى عليه العبد بالكوبوقال قتادة : الكوب المدور القصير العنق القصير العروة .
والإبريق : المستطيل العنق الطويل العروة .
وقال الأخفش : الأكواب الأباريق التي لا خراطيم لها .
وهي الأباريق التي ليست لها عرى .
وقال مجاهد : إنها الآنية المدورة الأفواه .
السدي : هي التي لا آذان لها .
ابن عزيز : ( أكواب ) أباريق لا عرى لها ولا خراطيم ، واحدها كوب .
قلت : وهو معنى قول مجاهد والسدي ، وهو مذهب أهل اللغة أنها التي لا آذان لها ولا عرى .
قوله تعالى : وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين روى الترمذي عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من خيل ؟ قال : إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت .
قال : وسأله رجل فقال يا رسول الله ، هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه قال : إن أدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك .
وقرأ أهل المدينة ، وابن عامر وأهل الشام وفيها ما تشتهيه الأنفس ، الباقون ( تشتهي الأنفس ) أي : تشتهيه الأنفس ، تقول الذي ضربت زيد ، أي : الذي ضربته زيد .
( وتلذ الأعين ) تقول : لذ الشيء يلذ لذاذا ، ولذاذة ، ولذذت بالشيء ألذ ( بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل ) لذاذا ولذاذة ، أي : وجدته لذيذا .
والتذذت به وتلذذت به بمعنى .
أي : في الجنة ما تستلذه العين فكان حسن المنظر .
وقال سعيد بن جبير : وتلذ الأعين النظر إلى الله - عز وجل - ، كما في الخبر : [ أسألك لذة النظر إلى وجهك ] .
وأنتم فيها خالدون باقون دائمون ; لأنها لو انقطعت لتبغضت .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)يقول تعالى ذكره: يُطاف على هؤلاء الذين آمنوا بآياته في الدنيا إذا دخلوا الجنة في الآخرة بصحاف من ذهب, وهي جمع للكثير من الصَّحْفة, والصَّحْفة: القصعة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ ) قال: القصاع.
حدثنا أبو كريب, قال: ثنا يمان, عن أشعث بن إسحاق, عن جعفر, عن شعبة, قال: " إنّ أدنى أهل الجنة منزلة, من له قصر فيه سبعون ألف خادم, في يد كل خادم صحفة سوى ما في يد صاحبها, لو فتح بابه فضافه أهل الدنيا لأوسعهم ".
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا يعقوب القميّ, جعفر, عن سعيد, قال: " إن أخسّ أهل الجنة منزلا من له سبعون ألف خادم, مع كل خادم صحفة من ذهب, لو نزل به جميع أهل الأرض لأوسعهم, لا يستعين عليهم بشيء من غيره, وذلك في قول الله تبارك وتعالى: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ولهم (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ)".
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, عن أبي أيوب الأزدي, عن عبد الله بن عمرو, قال: " ما أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام, كلّ غلام على عمل ما عليه صاحبه ".
وقوله: ( وَأَكْوَابٍ ) وهي جمع كوب, والكوب: الإبريق المستدير الرأس, الذي لا أذن له ولا خرطوم, وإياه عنى الأعشى بقوله?صَرِيفِيَّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُهَالَهَا زَبَدٌ بَيْنَ كُوب وَدَنّ (3)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:حدثنا محمد, قال حدثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( وَأَكْوَابٍ ) قال: الأكواب التي ليست لها آذان.
ومعنى الكلام: يطاف عليهم فيها بالطعام في صحاف من ذهب, وبالشرب في أكواب من ذهب, فاستغنى بذكر الصحاف والأكواب من ذكر الطعام والشراب, الذي يكون فيها لمعرفة السامعين بمعناه " وَفِيهَا مَا تَشْتَهِي (4) الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ" يقول تعالى ذكره: لكم في الجنة ما تشتهي نفوسكم أيها المؤمنون, وتلذّ أعينكم ( وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يقول: وأنتم فيها ماكثون,لا تخرجون منها أبدا.
كما حدثنا بشر, قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن علقمة بن مرثد, عن ابن سابط أن رجلا قال: يا رسول الله إني أُحِبُّ الخَيْلَ, فهل في الجنة خيل؟ فقال: " إنْ يُدْخِلْكَ الجَنَّةَ إنْ شاءَ, فَلا تَشاءُ أنْ تَرْكَبَ فَرَسًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ تَطيرُ بِكَ فِي أيّ الجَنَّة شِئْتَ إلا فَعَلَتْ", فقال أعرابيّ: يا رسول الله إني أحبّ الإبلَ, فهل في الجنة إبل؟ فقال: " يا أعرابيّ إنْ يُدْخِلْكَ اللهُ الجَنَّةَ إنْ شاءَ اللهُ, فَفِيها ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ, وَلَذَّتْ عَيْنَاك ".
حدثنا الحسن بن عرفة, قال: ثنا عمر بن عبد الرحمن الأبار, عن محمد بن سعد الأنصاري, عن أبي ظبية السلفي, قال: إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة, قال: فتقول: ما أُمْطِرُكُمْ؟ قال: فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم, حتى إن القائل منهم ليقول: أمطرينا كواعب أترابا.
حدثنا ابن عرفة, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن عليّ بن أبي الوليد, قال: قيل لمجاهد في الجنة سماع؟ قال: إن فيها لشجرا يقال له العيص, له سماع لم يسمع السامعون إلى مثله.
حدثني موسى بن عبد الرحمن, قال: ثنا زيد بن حباب, قال: أخبرنا معاوية بن صالح, قال: ثني سليمان بن عامر, قال: سمعت أبا أمامة, يقول: " إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الطائر وهو يطير, فيقع متفلقا نضيجا في كفه, فيأكل منه حتى تنتهي نفسه, ثم يطير, ويشتهي الشراب, فيقع الإبريق في يده, ويشرب منه ما يريد, ثم يرجع إلى مكانه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ ) فقرأته عامة قرّاء المدينة والشام: ( مَا تَشْتَهِيهِ ) بزيادة هاء, وكذلك ذلك في مصاحفهم.
وقرأ ذلك عامة قرّاء العراق " تَشْتَهِي" بغير هاء, وكذلك هو في مصاحفهم.
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان بمعنى واحد, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
------------------------الهوامش:(3) البيت لأعشى بن قيس بني ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة ص 17) وصريفية ، منسوبة إلى صريفون : موضع بالعراق مشهور بجودة خمره .
وقيل نسبت إلى الصريف وهو اللبن ساعة يحلب جعلها صريفية لأنها أخذت من الدن ساعتئذ أحضرت ، كأنها أخذت قبل أن تمزج .
والزبد .
ما يعلوها عند تحريكها من الدن إلى الكوب من الفقاقيع .
والكوب : الكوز الذي لا عروة له .
أو هو الكوز المستدير الرأس الذي لا أذن له .
(4) قراءة مشهورة متواترة بحذف الهاء .

﴿ يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ﴾

قراءة سورة الزخرف

المصدر : تفسير : يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها