القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 79 سورة التوبة - الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

سورة التوبة الآية رقم 79 : سبع تفاسير معتمدة

سورة الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات - عدد الآيات 129 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 79 من سورة التوبة عدة تفاسير - سورة التوبة : عدد الآيات 129 - - الصفحة 199 - الجزء 10.

سورة التوبة الآية رقم 79


﴿ ٱلَّذِينَ يَلۡمِزُونَ ٱلۡمُطَّوِّعِينَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهۡدَهُمۡ فَيَسۡخَرُونَ مِنۡهُمۡ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنۡهُمۡ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
[ التوبة: 79]

﴿ التفسير الميسر ﴾

ومع بخل المنافقين لا يَسْلَم المتصدقون من أذاهم؛ فإذا تصدق الأغنياء بالمال الكثير عابوهم واتهموهم بالرياء، وإذا تصدق الفقراء بما في طاقتهم استهزؤوا بهم، وقالوا سخرية منهم: ماذا تجدي صدقتهم هذه؟ سخر الله من هؤلاء المنافقين، ولهم عذاب مؤلم موجع.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«الذين» مبتدأ «يلمزون» يعيبون «المطوعين» المتنفلين «من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم» طاقتهم فيأتون به «فيسخرون منهم» والخبر «سخر الله منهم» جازاهم على سخريتهم «ولهم عذاب أليم».

﴿ تفسير السعدي ﴾

وهذا أيضًا من مخازي المنافقين، فكانوا قبحهم اللّه لا يدعون شيئا من أمور الإسلام والمسلمين يرون لهم مقالا، إلا قالوا وطعنوا بغيا وعدوانا، فلما حثَّ اللّه ورسوله على الصدقة، بادر المسلمون إلى ذلك، وبذلوا من أموالهم كل على حسب حاله، منهم المكثر، ومنهم المقل، فيلمزون المكثر منهم، بأن قصده بنفقته الرياء والسمعة، وقالوا للمقل الفقير‏:‏ إن اللّه غني عن صدقة هذا، فأنزل اللّه تعالى‏:‏ ‏‏الَّذِينَ يَلْمِزُونَ‏‏ أي‏:‏ يعيبون ويطعنون ‏‏الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ‏‏ فيقولون‏:‏ مراءون، قصدهم الفخر والرياء‏.
‏‏‏و‏‏ يلمزون ‏‏الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ‏‏ فيخرجون ما استطاعوا ويقولون‏:‏ اللّه غني عن صدقاتهم ‏‏فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ‏‏‏.
‏ فقابلهم الله على صنيعهم بأن ‏‏سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏‏ فإنهم جمعوا في كلامهم هذا بين عدة محاذير‏.
‏منها‏:‏ تتبعهم لأحوال المؤمنين، وحرصهم على أن يجدوا مقالا يقولونه فيهم، واللّه يقول‏:‏ ‏‏إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ‏‏ ومنها‏:‏ طعنهم بالمؤمنين لأجل إيمانهم، كفر باللّه تعالى وبغض للدين‏.
‏ومنها‏:‏ أن اللمز محرم، بل هو من كبائر الذنوب في أمور الدنيا، وأما اللمز في أمر الطاعة، فأقبح وأقبح‏.
‏ومنها‏:‏ أن من أطاع اللّه وتطوع بخصلة من خصال الخير، فإن الذي ينبغي ‏[‏هو‏]‏ إعانته، وتنشيطه على عمله، وهؤلاء قصدوا تثبيطهم بما قالوا فيهم، وعابوهم عليه‏.
‏ومنها‏:‏ أن حكمهم على من أنفق مالا كثيرا بأنه مراء، غلط فاحش، وحكم على الغيب، ورجم بالظن، وأي شر أكبر من هذا‏؟‏‏!‏‏!‏ومنها‏:‏ أن قولهم لصاحب الصدقة القليلة‏:‏ ‏"‏اللّه غني عن صدقة هذا‏"‏ كلام مقصوده باطل، فإن اللّه غني عن صدقة المتصدق بالقليل والكثير، بل وغني عن أهل السماوات والأرض، ولكنه تعالى أمر العباد بما هم مفتقرون إليه، فاللّه وإن كان غنيا عنهم فهم فقراء إليه ‏‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏‏ وفي هذا القول من التثبيط عن الخير ما هو ظاهر بين، ولهذا كان جزاؤهم أن سخر اللّه منهم، ولهم عذاب أليم‏.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ) الآية .
قال أهل التفسير : حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة ، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم ، وقال : يا رسول الله مالي ثمانية آلاف جئتك بأربعة آلاف فاجعلها في سبيل الله ، وأمسكت أربعة آلاف لعيالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت " ، فبارك الله في ماله حتى إنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثمن ماله لهما مائة وستين ألف درهم .
وتصدق يومئذ عاصم بن عدي العجلاني بمائة وسق من تمر .
وجاء أبو عقيل الأنصاري واسمه الحباب بصاع من تمر ، وقال : يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره في الصدقة ، فلمزهم المنافقون ، فقالوا : ما أعطى عبد الرحمن وعاصم إلا رياء ، وإن الله ورسوله لغنيان عن صاع أبي عقيل ، ولكنه أراد أن يذكر بنفسه ليعطى من الصدقة ، فأنزل الله عز وجل :( الذين يلمزون ) أي : يعيبون ( المطوعين ) المتبرعين ( من المؤمنين في الصدقات ) يعني : عبد الرحمن بن عوف وعاصما .
( والذين لا يجدون إلا جهدهم ) أي : طاقتهم ، يعني : أبا عقيل .
والجهد : الطاقة ، بالضم لغة قريش وأهل الحجاز .
وقرأ الأعرج بالفتح .
قال القتيبي : الجهد بالضم الطاقة وبالفتح المشقة .
( فيسخرون منهم ) يستهزئون منهم ( سخر الله منهم ) أي : جازاهم الله على السخرية ، ( ولهم عذاب أليم ) .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: وهذا أيضا من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم.
إن جاء أحد منهم بمال جزيل، قالوا: هذا مراء، وإن جاء بشيء يسير قالوا: إن الله لغنى عن صدقة هذا، كما روى البخاري عن أبى مسعود- رضى الله عنه- قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا- أى: نؤاجر أنفسنا في الحمل- فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا هذا يقصد الرياء، وجاء رجل فتصدق بصاع فقالوا: إن الله لغنى عن صدقة هذا، فنزلت هذه الآية .
وأخرج ابن جرير عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«تصدقوا فإنى أريد أن أبعث بعثا، - أى إلى تبوك- قال: فقال عبد الرحمن بن عوف:يا رسول الله.
.
إن عندي أربعة آلاف: ألفين أقرضهما الله، وألفين لعيالي.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لك فيما أعطيت وبارك لك فيما أمسكت» ؟! فقال رجل من الأنصار: وإن عندي صاعين من تمر، صاعا لربي، وصاعا لعيالي، قال: فلمز المنافقون وقالوا: ما أعطى أبو عوف هذا إلا رياء!! وقالوا: أو لم يكن الله غنيا عن صاع هذا!! فأنزل الله- تعالى- الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ .
.
.
.
وقال ابن إسحاق: كان المطوعون من المؤمنين في الصدقات: عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدى- أخا بني عجلان- وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الصدقة وحض عليها.
فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف، وقام عاصم بن عدى وتصدق بمائة وسق من تمر، فلمزوهما، وقالوا: ما هذا إلا رياء.
وكان الذي تصدق بجهده أبا عقيل- أخا بني أنيف- أتى بصاع من تمر، فأفرغها في الصدقة، فتضاحكوا به، وقالوا: إن الله لغنى عن صاع أبى عقيل»هذه بعض الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية، وهناك روايات أخرى، قريبة في معناها بما ذكرناها.
وقوله: «يلمزون» من اللمز، يقال: لمز فلان فلانا إذا عابه وتنقصه.
والمراد بالمطوعين: أغنياء المؤمنين الذين قدموا أموالهم عن طواعية واختيار، من أجل إعلاء كلمة الله.
والمراد بالصدقات: صدقات التطوع التي يقدمها المسلم زيادة على الفريضة.
والمراد بالذين لا يجدون إلا جهدهم: فقراء المسلمين.
الذين كانوا يقدمون أقصى ما يستطيعونه من مال مع قلته، إذ الجهد: الطاقة، وهي أقصى ما يستطيعه الإنسان.
والمعنى: إن من الصفات القبيحة- أيضا- للمنافقين، أنهم كانوا يعيبون على المؤمنين، إذا ما بذلوا أموالهم لله ورسوله عن طواعية نفس، ورضا قلب، وسماحة ضمير.
.
.
.
وذلك لأن هؤلاء المنافقين- لخلو قلوبهم من الإيمان- كانوا لا يدركون الدوافع السامية، والمقاصد العالية من وراء هذا البذل.
.
ومن أجل هذا كانوا يقولون عن المكثر: إنه يبذل رياء، وكانوا يقولون عن المقل: إن الله غنى عن صدقته، فهم- لسوء نواياهم وبخل نفوسهم، وخبث قلوبهم- لا يرضيهم أن يروا المؤمنين يتنافسون في إرضاء الله ورسوله.
وقوله: وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ معطوف على قوله: الْمُطَّوِّعِينَ.
أى: أن هؤلاء المنافقين يلمزون الأغنياء المطوعين بالمال الكثير، ويلمزون الفقراء الباذلين للمال القليل لأنه هو مبلغ جهدهم، وآخر طاقتهم.
وقوله: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ بيان لموقفهم الذميم من المؤمنين.
أى: إن هؤلاء المنافقين يستهزئون بالمؤمنين عند ما يلبون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإنفاق في سبيل الله.
وجاء عطف فَيَسْخَرُونَ على يَلْمِزُونَ بالفاء، للإشعار بأنهم قوم يسارعون إلى الاستهزاء بالمؤمنين، بمجرد أن يصدر عن المؤمنين أى عمل من الأعمال الصالحة التي ترضى الله ورسوله.
وقوله: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بيان لجزائهم وسوء عاقبتهم.
أى: إن هؤلاء الساخرين من المؤمنين جازاهم الله على سخريتهم في الدنيا، بأن فضحهم وأخزاهم، وجعلهم محل الاحتقار والازدراء .
.
.
أما جزاؤهم في الآخرة فهو العذاب الأليم الذي لا يخف ولا ينقطع.
وبذلك نرى الآية الكريمة قد بينت جانبا من طبائع المنافقين وردت عليهم بما يفضحهم ويخزيهم ويبشرهم بالعذاب الأليم.
ثم عقب الله- تعالى- هذا الحكم عليهم بالعذاب الأليم، بحكم آخر وهو عدم المغفرة لهم بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق، فقال- تعالى-:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وهذه أيضا من صفات المنافقين : لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال ، حتى ولا المتصدقون يسلمون منهم ، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا : هذا مراء ، وإن جاء بشيء يسير قالوا : إن الله لغني عن صدقة هذا . كما قال البخاري :حدثنا عبيد الله بن سعيد ، حدثنا أبو النعمان البصري ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن أبي مسعود قال : لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا ، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير ، فقالوا : مرائي . وجاء رجل فتصدق بصاع ، فقالوا : إن الله لغني عن صدقة هذا . فنزلت ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ) الآية .وقد رواه مسلم أيضا في صحيحه ، من حديث شعبة به .وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا الجريري ، عن أبي السليل قال : وقف علينا رجل في مجلسنا بالبقيع فقال : حدثني أبي - أو : عمي أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبقيع ، وهو يقول : من يتصدق بصدقة أشهد له بها يوم القيامة ؟ قال : فحللت من عمامتي لوثا أو لوثين ، وأنا أريد أن أتصدق بهما ، فأدركني ما يدرك ابن آدم ، فعقدت على عمامتي . فجاء رجل لم أر بالبقيع رجلا أشد سوادا [ ولا ] أصغر منه ولا أدم ، ببعير ساقه ، لم أر بالبقيع ناقة أحسن منها ، فقال : يا رسول الله ، أصدقة ؟ قال : نعم ، فقال : دونك هذه الناقة . قال : فلمزه رجل فقال : هذا يتصدق بهذه فوالله لهي خير منه . قال : فسمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كذبت بل هو خير منك ومنها ثلاث مرات ، ثم قال : ويل لأصحاب المئين من الإبل ثلاثا . قالوا : إلا من يا رسول الله ؟ قال : إلا من قال بالمال هكذا وهكذا ، وجمع بين كفيه عن يمينه وعن شماله ، ثم قال : قد أفلح المزهد المجهد ثلاثا : المزهد في العيش ، المجهد في العبادة .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية ، وقال : جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءه رجل من الأنصار بصاع من طعام ، فقال بعض المنافقين : والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياء . وقالوا : إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع .وقال العوفي ، عن ابن عباس : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الناس يوما فنادى فيهم أن اجمعوا صدقاتكم . فجمع الناس صدقاتهم ، ثم جاء رجل من آخرهم بصاع من تمر ، فقال : يا رسول الله ، هذا صاع من تمر بت ليلتي أجر بالجرير الماء ، حتى نلت صاعين من تمر ، فأمسكت أحدهما ، وأتيتك بالآخر . فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينثره في الصدقات . فسخر منه رجال ، وقالوا : إن الله ورسوله لغنيان عن هذا . وما يصنعان بصاعك من شيء . ثم إن عبد الرحمن بن عوف قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل بقي أحد من أهل الصدقات ؟ فقال : لا ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : فإن عندي مائة أوقية من ذهب في الصدقات . فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : أمجنون أنت ؟ قال : ليس بي جنون . قال : فعلت ما فعلت ؟ قال : نعم ، مالي ثمانية آلاف ، أما أربعة آلاف فأقرضها ربي ، وأما أربعة آلاف فلي . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت . ولمزه المنافقون فقالوا : والله ما أعطى عبد الرحمن عطيته إلا رياء . وهم كاذبون ، إنما كان به متطوعا ، فأنزل الله - عز وجل - عذره وعذر صاحبه المسكين الذي جاء بالصاع من التمر ، فقال تعالى في كتابه : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ) الآية .وكذا روي عن مجاهد ، وغير واحد .وقال ابن إسحاق : كان المطوعون من المؤمنين في الصدقات : عبد الرحمن بن عوف ، تصدق بأربعة آلاف درهم ، وعاصم بن عدي أخا بني العجلان ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغب في الصدقات ، وحض عليها ، فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف ، وقام عاصم فتصدق بمائة وسق من تمر ، فلمزوهما وقالوا : ما هذا إلا رياء . وكان الذي تصدق بجهده : أبو عقيل أخو بني أنيف الإراشي حليف بني عمرو بن عوف ، أتى بصاع من تمر فأفرغه في الصدقة ، فتضاحكوا به وقالوا : إن الله لغني عن صاع أبي عقيل .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا . قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ، عندي أربعة آلاف ، ألفين أقرضهما ربي ، وألفين لعيالي . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بارك الله لك فيما أعطيت وبارك لك فيما أمسكت . وبات رجل من الأنصار فأصاب صاعين من تمر ، فقال : يا رسول الله ، أصبت صاعين من تمر : صاع أقرضه لربي ، وصاع لعيالي . قال : فلمزه المنافقون وقالوا : ما أعطى الذي أعطى ابن عوف إلا رياء ! وقالوا : ألم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا ؟ فأنزل الله : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم [ سخر الله منهم ] ) الآية .ثم رواه عن أبي كامل ، عن أبي عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه مرسلا قال : ولم يسنده أحد إلا طالوت .وقال الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن موسى بن عبيدة ، حدثني خالد بن يسار ، عن ابن أبي عقيل ، عن أبيه قال : بت أجر الجرير على ظهري ، على صاعين من تمر ، فانقلبت بأحدهما إلى أهلي يتبلغون به ، وجئت بالآخر أتقرب [ به ] إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : انثره في الصدقة . قال : فسخر القوم وقالوا : لقد كان الله غنيا عن صدقة هذا المسكين . فأنزل الله : ( الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ) الآيتين .وكذا رواه الطبراني من حديث زيد بن الحباب به . وقال : اسم أبي عقيل : حباب . ويقال : عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة .وقوله : ( فيسخرون منهم سخر الله منهم ) وهذا من باب المقابلة على سوء صنيعهم واستهزائهم بالمؤمنين ؛ لأن الجزاء من جنس العمل ، فعاملهم معاملة من سخر بهم ، انتصارا للمؤمنين في الدنيا ، وأعد للمنافقين في الآخرة عذابا أليما .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليمقوله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات هذا أيضا من صفات المنافقين .
قال قتادة : يلمزون يعيبون .
قال : وذلك أن عبد الرحمن بن عوف تصدق بنصف ماله ، وكان ماله ثمانية آلاف فتصدق منها بأربعة آلاف .
فقال قوم : ما أعظم رياءه ; فأنزل الله : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات .
وجاء رجل من الأنصار بنصف صبرة من تمره فقالوا : ما أغنى الله عن هذا ; فأنزل الله عز وجل والذين لا يجدون إلا جهدهم الآية .
وخرج مسلم عن أبي مسعود قال : أمرنا بالصدقة - قال : كنا نحامل ، في رواية : على ظهورنا - قال : فتصدق أبو عقيل بنصف صاع .
قال : وجاء إنسان بشيء أكثر منه فقال المنافقون : إن الله لغني عن صدقة هذا ، وما فعل هذا الآخر إلا رياء : فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم .
يعني أبا عقيل ، واسمه الحبحاب .
والجهد : شيء قليل يعيش به المقل .
والجهد والجهد بمعنى واحد .
وقد تقدم .
و ( يلمزون ) يعيبون .
وقد تقدم .
و ( المطوعين ) أصله المتطوعين أدغمت التاء في الطاء ; وهم الذين يفعلون الشيء تبرعا من غير أن يجب عليهم .
( والذين ) في موضع خفض عطف على ( المؤمنين ) .
ولا يجوز أن يكون عطفا على الاسم قبل تمامه .
و ( فيسخرون ) عطف على ( يلمزون ) .
سخر الله منهم خبر الابتداء ، وهو دعاء عليهم .
وقال ابن عباس : هو خبر ; أي سخر منهم حيث صاروا إلى النار .
ومعنى سخر الله : مجازاتهم على سخريتهم .
وقد تقدم في " البقرة " .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: الذين يلمزون المطوّعين في الصدقة على أهل المسكنة والحاجة, بما لم يوجبه الله عليهم في أموالهم, ويطعنون فيها عليهم بقولهم: " إنما تصدقوا به رياءً وسُمْعة, ولم يريدوا وجه الله " (54) = ويلمزون الذين لا يجدون ما يتصدَّقون به إلا جهدهم, وذلك طاقتهم, فينتقصونهم ويقولون: " لقد كان الله عن صدقة هؤلاء غنيًّا!" سخريةً منهم بهم =(فيسخرون منهم سخر الله منهم).
* * *وقد بينا صفة " سخرية الله "، بمن يسخر به من خلقه، في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته ههنا.
(55)* * *=(ولهم عذاب أليم)، يقول: ولهم من عند الله يوم القيامة عذابٌ موجع مؤلم.
(56)* * *وذكر أن المعنيّ بقوله: (المطوعين من المؤمنين)، عبد الرحمن بن عوف, وعاصم بن عدي الأنصاري = وأن المعنيّ بقوله: (والذين لا يجدون إلا جهدهم)، أبو عقيل الأراشيّ، أخو بني أنيف.
* ذكر من قال ذلك:17003- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وجاءه رجل من الأنصار بصاع من طعام, فقال بعض المنافقين: والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به إلا رياءً! وقالوا: إن كان الله ورسولُه لَغنِيّيْنِ عن هذا الصاع!17004- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم)، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس يومًا فنادى فيهم: أن أجمعوا صدقاتكم! فجمع الناس صدقاتهم.
ثم جاء رجل من آخرهم بِمَنٍّ من تمر, (57) فقال: يا رسول الله، هذا صاع من تمرٍ, بِتُّ ليلتي أجرُّ بالجرير الماءَ، (58) حتى نلت صاعين من تمرٍ, فأمسكت أحدَهما، وأتيتك بالآخر.
فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره في الصدقات.
فسخر منه رجال وقالوا: والله إن الله ورسوله لغنيَّان عن هذا! وما يصنعان بصاعك من شيء " ! ثم إن عبد الرحمن بن عوف، رجل من قريش من بني زهرة، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بقي من أحد من أهل هذه الصدقات؟ فقال: لا! فقال عبد الرحمن بن عوف: إن عندي مئة أوقية من ذهب في الصدقات.
فقال له عمر بن الخطاب: أمجنون أنت؟ فقال: ليس بي جنون! فقال: فعلِّمنا ما قلت؟ (59) قال: نعم! مالي ثمانية آلاف، أما أربعة آلافٍ فأقرضها ربيّ, وأما أربعة آلاف فلي! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت ! وكره المنافقون فقالوا: " والله ما أعطى عبد الرحمن عطيَّته إلا رياءً "! وهم كاذبون, إنما كان به متطوِّعًا.
فأنزل الله عذرَه وعذرَ صاحبه المسكين الذي جاء بالصاع من التمر, فقال الله في كتابه: (الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات)، الآية.
17005- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين)، قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بصدقة ماله أربعة آلاف, فلمزه المنافقون وقالوا: " راءَى " =(والذين لا يجدون إلا جهدهم)، قال: رجل من الأنصار آجرَ نفسه بصاع من تمر، لم يكن له غيره, فجاء به فلمزوه, وقالوا: كان الله غنيًّا عن صاع هذا!17006- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, نحوه.
17007- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, نحوه.
17008- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة: قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين)، الآية, قال: أقبل عبد الرحمن بن عوف بنصف ماله, فتقرَّب به إلى الله, فلمزه المنافقون فقالوا: ما أعطى ذلك إلا رياء وسمعة ! فأقبل رجل من فقراء المسلمين يقال له " حبحاب، أبو عقيل " (60) فقال: يا نبي الله, بتُّ أجرُّ الجرير على صاعين من تمر، أما صاع فأمسكته لأهلي, وأما صاع فها هو ذا‍! فقال المنافقون: " والله إن الله ورسوله لغنيَّان عن هذا ".
فأنزل الله في ذلك القرآن: (الذين يلمزون)، الآية.
17009- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف بشطر ماله, وكان ماله ثمانية آلاف دينار, فتصدق بأربعة آلاف دينار, فقال ناس من المنافقين: إن عبد الرحمن بن عوف لعظيم الرياء ! فقال الله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات) = وكان لرجل صاعان من تمر, فجاء بأحدهما, فقال ناس من المنافقين: إن كان الله عن صاع هذا لغنيًّا ! فكان المنافقون يطعنون عليهم ويسخرون بهم, فقال الله: (والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
17010- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال الأنماطي قال، حدثنا أبو عوانة, عن [عمر بن] أبي سلمة, عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تصدقوا، فإني أريد أن أبعث بعثًا.
قال: فقال عبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله, إن عندي أربعة آلاف، ألفين أقرضهما الله, وألفين لعيالي.
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك فيما أعطيت, وبارك لك فيما أمسكت ! فقال رجل من الأنصار: وإن عندي صاعين من تمرٍ, صاعًا لربي, وصاعًا لعيالي ! قال: فلمز المنافقون وقالوا: ما أعطى ابن عوف هذا إلا رياءً ! وقالوا: أو لم يكن الله غنيًّا عن صاع هذا ! فأنزل الله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين)، إلى آخر الآية.
(61)17011- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال، أخبرنا أبو جعفر, عن الربيع بن أنس في قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، قال: أصاب الناس جَهْدٌ شديد, فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدَّقوا, فجاء عبد الرحمن بأربعمائة أوقية, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك له فيما أمسك.
فقال المنافقون: ما فعل عبد الرحمن هذا إلا رياء وسمعة ! قال: وجاء رجل بصاع من تمر, فقال: يا رسول الله آجرت نفسي بصاعين, فانطلقت بصاع منهما إلى أهلي، وجئت بصاع من تمر.
فقال المنافقون: إن الله غنىٌّ عن صاع هذا ! فأنزل الله هذه الآية: (والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
(62)17012- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، الآية, وكان المطوعون من المؤمنين في الصدقات، (63) عبد الرحمن بن عوف, تصدق بأربعة آلاف دينار، وعاصم بن عدي أخا بني العَجلان، (64) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغَّب في الصدقة، وحضَّ عليها, فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف درهم, وقام عاصم بن عدي فتصدق بمئة وَسْقٍ من تمر، فلمزوهما وقالوا: ما هذا إلا رياء ! وكان الذي تصدّق بجهده: أبو عقيل, أخو بني أنيف، الأراشي، حليف بني عمرو بن عوف, (65) أتى بصاع من تمر فأفرغه في الصدقة, فتضاحكوا به وقالوا: إن الله لغنيٌّ عن صاع أبي عقيل!! (66)17013- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله قال، حدثنا شعبة, عن سليمان, عن أبي وائل, عن أبي مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل (67) = قال أبو النعمان: كنا نعمل = قال: فجاء رجل فتصدق بشيء كثير.
قال: وجاء رجل فتصدق بصاع تمر, فقالوا: إن الله لغنيٌّ عن صاع هذا ! فنزلت: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم).
(68)17014- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا زيد بن حباب, عن موسى بن عبيدة قال، حدثني خالد بن يسار, عن ابن أبي عقيل, عن أبيه قال: بتُّ أجرُّ الجرير على ظهري على صاعين من تمر (69) فانقلبتُ بأحدهما إلى أهلي يتبلَّغون به, (70) وجئت بالآخر أتقرَّب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(71) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته, فقال: انثره في الصدقة.
فسخر المنافقون منه.
وقالوا: لقد كان الله غنيًّا عن صدقة هذا المسكين! فأنزل الله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، الآيتين.
(72)17015- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا الجريري، عن أبي السليل قال: وقف على الحيّ رجل, (73) فقال: حدثني أبي أو عمي فقال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من يتصدق اليوم بصدقة أشهدُ له بها عند الله يوم القيامة؟ قال: وعليّ عمامة لي.
قال: فنزعت لَوْثًا أو لوثيْن لأتصدق بهما، (74) قال: ثم أدركني ما يدرك ابن آدم, فعصبت بها رأسي.
قال: فجاء رجل لا أرى بالبقيع رجلا أقصرَ قِمَّة، (75) ولا أشدَّ سوادًا، ولا أدَمَّ بعينٍ منه, (76) يقود ناقة لا أرى بالبقيع أحسن منها ولا أجمل منها.
قال: أصدقةٌ هي، يا رسول الله؟ قال: نعم! قال: فدُونَكها ! (77) فألقى بخطامها = أو بزمامها (78) = قال: فلمزه رجل جالسٌ فقال: والله إنه ليتصدّق بها، ولهي خيرٌ منه ! فنظر إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: بل هو خير منك ومنها! (79) يقول ذلك ثلاثًا صلى الله عليه وسلم.
(80)17016- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرني يونس, عن ابن شهاب قال، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك يقول: الذي تصدّق بصاع التمر فلمزه المنافقون: " أبو خيثمة الأنصاري".
(81)17017- حدثني المثنى قال، حدثنا محمد بن رجاء أبو سهل العباداني قال، حدثنا عامر بن يساف اليمامي, عن يحيى بن أبي كثير اليمامي قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف درهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله مالي ثمانية آلاف, جئتك بأربعة آلاف، فاجعلها في سبيل الله, وأمسكت أربعة آلاف لعيالي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله فيما أعطيت وفيما أمسكت! وجاء رجل آخر فقال: يا رسول الله, بتُّ الليلة أجرُّ الماء على صاعين, فأما أحدهما فتركت لعيالي وأما الآخر فجئتك به, أجعله في سبيل الله، فقال: بارك الله فيما أعطيت وفيما أمسكت! فقال ناس من المنافقين: والله ما أعطى عبد الرحمن إلا رياءً وسمعة, ولقد كان الله ورسوله غنيَّين عن صاع فلان! فأنزل الله: (الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات)، يعني عبد الرحمن بن عوف: (والذين لا يجدون إلا جهدهم)، يعني صاحب الصاع =(فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
(82)17018- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال، قال ابن عباس: أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يجمعوا صدَقاتهم, وإذا عبد الرحمن بن عوف قد جاء بأربعة آلاف, فقال: هذا مالي أقرِضُه الله، وقد بقي لي مثله.
فقال له: بورك لك فيما أعطيت وفيما أمسكت ! فقال المنافقون: ما أعطى إلا رياءً, وما أعطى صاحبُ الصّاع إلا رياءً, إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا ! وما يصنع الله بصاع من شيء!17019- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، إلى قوله: (ولهم عذاب أليم)، قال: أمر النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين أن يتصدّقوا, فقام عمر بن الخطاب: فألفَى ذلك مالي وافرًا, فآخذ نصفه.
(83)قال: فجئت أحمل مالا كثيرًا.
فقال له رجل من المنافقين: ترائِي يا عمر! فقال: نعم، أرائي الله ورسوله, (84) وأما غيرهما فلا! قال: ورجلٌ من الأنصار لم يكن عنده شيء, فواجَرَ نفسه ليجرّ الجرير على رقبته بصاعين ليلته, (85) فترك صاعًا لعياله، وجاء بصاع يحمله, فقال له بعض المنافقين: إن الله ورسوله عن صاعك لغنيَّان ! فذلك قول الله تبارك وتعالى: (الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم)، هذا الأنصاري =(فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
* * *وقد بينا معنى " اللمز " في كلام العرب بشواهده وما فيه من اللغة والقراءة فيما مضى.
(86)* * *وأما قوله: (المطوّعين)، فإن معناه: المتطوعين, أدغمت التاء في الطاء, فصارت طاء مشددة, كما قيل: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا [سورة البقرة: 158]، (87) يعني: يتطوّع.
(88)* * *وأما " الجهد "، فإن للعرب فيه لغتين.
يقال: " أعطاني من جُهْده "، بضم الجيم, وذلك فيما ذكر، لغة أهل الحجاز = ومن " جَهْدِه " بفتح الجيم, وذلك لغة نجد.
(89)وعلى الضم قراءة الأمصار, وذلك هو الاختيار عندنا، لإجماع الحجة من القرأة عليه.
وأما أهل العلم بكلام العرب من رواة الشعر وأهل العربية, فإنهم يزعمون أنها مفتوحة ومضمومة بمعنى واحد، وإنما اختلاف ذلك لاختلاف اللغة فيه، كما اختلفت لغاتهم في " الوَجْد "، " والوُجْد " بالضم والفتح، من: " وجدت ".
(90)* * *وروي عن الشعبي في ذلك ما:-17020- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح, عن عيسى بن المغيرة, عن الشعبي قال: " الجَهْدُ"، و " الجُهْد "، الجَهْدُ في العمل, والجُهْدُ في القوت.
(91)17021- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص, عن عيسى بن المغيرة, عن الشعبي, مثله.
17022-.
.
.
.
.
.
قال، حدثنا ابن إدريس, عن عيسى بن المغيرة, عن الشعبي قال: الجَهْد في العمل, والجُهد في القِيتَة.
(92)------------------------الهوامش:(54) انظر تفسير "اللمز" فيما سلف ص : 300 ، 301 .
= وانظر تفسير "التطوع" فيما سلف 3 : 247 ، 441 ، وسيأتي تفسيره بعد قليل ص : 392 ، 393.
(55) لم يمض تفسير "سخر"، وإنما عني أبو جعفر قوله تعالى في سورة البقرة: (الله يستهزئ بهم)، انظر ما سلف 1 : 301 - 306 .
(56) انظر تفسير "أليم" فيما سلف من فهارس اللغة (ألم).
(57) في المطبوعة: "من أحوجهم بمن من تمر" ، غير ما في المخطوطة بلا طائل، و "المن" مكيال.
(58) "الجرير"، الحبل، وأراد أنه أنه كان يسقي الماء بالحبل.
(59) في المطبوعة: "أتعلم ما قلت"، وفي المخطوطة: "أفعلمنا ما قلت"، وهذا صواب قراءتها.
(60) "حبحاب"، ذكره ابن حجر في الإصابة في "حبحاب".
ثم قال: "قليل فيه بموحدتين، والأشهر بمثلثتين، وسيأتي" ولم يذكره في "حثحاث" كما يدل عليه تعقيبه هذا، وإنما ذكره في "جثجاث" بالجيم والثاء المثلثة فيما سلف قبله، وقال هناك: "قيل: هو اسم أبي عقيل، صاحب الصاع، ضبطه السهيلي تبعًا لابن عبد البر ، وضبطه غير بالحاء المهملة .
وقيل في اسمه غير ذلك.
وتأتي ترجمته في الكنى" بيد أن الحافظ ابن حجر قال في فتح الباري 8 : 249 "وذكر السهيلي أنه رآه بخط بعض الحفاظ مضبوطًا بجيمين".
ولم أجد في الاستيعاب لابن عبد البر ضبطًا له ، وهو مترجم هناك في "أبو عقيل صاحب الصاع" ص : 673 ، وهو في مطبوعة الاستيعاب بالحاء والثاء المثلثة من ضبط مصححه .
وفي السهيلي ( الروض الأنف 2 : 331 ) : "جثجاث" ، بالجيم والثاء .
وأما صاحب أسد الغابة فترجم له في " أبو عقيل ، صاحب الصاع " ( 5 : 257 ) ، ولم يضبطه، وهو محرف في المطبوعة.
ولكنه أورده في "حبحاب" (بالحاء والباء)، وقال : هو أبو عقيل الأنصاري .
أسد الغابة 1 : 366 .
وترجم له ابن سعد في الطبقات 3 2 41 في "بني أنيف بن جشم بن عائذ الله، من بلى، حلفا بني جحجبا بن كلفة" وقال : " أبو عقيل ، واسمه عبد الرحمن الإراشي الأنيفي " ، ولم يذكر خبر الصاع .
هذا ، وقد استوفى الحافظ ابن حجر في فتح الباري 8 : 249 ، ذكر " أبي عقيل " ، فذكر الاختلاف في صاحب الصاع ، وهذا ملخصه :الأول : أنه " الحبجاب ، أبو عقيل " ، وذكر ما رواه الطبري هنا وفيما سيأتي ، وما رواه غيره.
الثاني : أنه " سهل بن رافع " ، وحجته فيه ، خبر رواه الطبراني في الأوسط من طريق سعيد بن عثمان البلوي ، " عن جدته بنت عدي أن أمهما عميرة بنت سهل بن رافع صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون " ، وهكذا قال ابن الكلبي .
الثالث : من طريق عكرمة : أنه " رفاعة بن سهل بن رافع " ، وقال : وعند أبي حاتم " رفاعة بن سعد " ، ويحتمل أن يكون تصحيفًا ، ويحتمل أن يكون اسم " أبي عقيل " " سهل " ، ولقبه " حبحاب " = أو هما اثنان من الصحابة .
الرابع : في الصحابة " أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة البلوي " ، بدري ، لم يسمه موسى ابن عقبة ، ولا ابن إسحاق ، وسماه الواقدي " عبد الرحمن " .
قال : واستشهد باليمامة .
قال : وكلام الطبري يدل على أنه هو صاحب الصاع عنده .
وتبعه بعض المتأخرين ، والأول أولى .
الخامس : أنه "عبد الرحمن بن سمحان" ؟ ؟ (هكذا جاء).
السادس : أن صاحب الصاع هو "أبو خيثمة": " عبد الله بن خشيمة، من بني سالم، من الأنصار" ، ودليله ما جاء في حديث توبة كعب بن مالك، وانظر الأثر رقم : 17016 .
السابع : عن الواقدي أن صاحب الصاع ، هو "علية بن زيد المحاربي" .
وقال الحافظ : " وهذا يدل على تعدد من جاء بالصاع " .
وهذا اختلاف شديد ، يحتاج إلى فضل تحقيق ومراجعة ، قيدته هنا ليكون تذكرة لمن أراد تتبعه وتحقيقه.
(61) الأثر : 17010 - " أبو عوانة " ، هو "الوضاح بن عبد الله اليشكري" ، ثقة روى له الجماعة ، مضى برقم : 4498 ، 10336 ، 10337 .
و "عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف"، يضعف، مضى مرارًا، آخرها رقم : 12755 .
وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أبو عوانة، عن أبي سلمة"، وهو خطأ لا شك فيه، صوابه من إسناده في تفسير ابن كثير، ومن مجمع الزوائد .
وأبوه "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف"، ثقة، روى له الجماعة، مضى مرارًا، آخرها: 12822.
خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 32 ، عن أبي سلمة، وعن أبي هريرة، ثم قال: "رواه البزار من طريقين : إحداهما متصلة عن أبي هريرة ، والأخرى عن أبي سلمة مرسلة .
قال : ولم نسمع أحدًا أسنده من حديث عمر بن أبي سلمة ، إلا طالوت بن عباد .
وفيه عمر بن أبي سلمة ، وثقه العجلي ، وأبو خيثمة وابن حبان ، وضعفه شعبة وغيره.
وبقية رجالهما ثقات".
وحديث البزار رواه ابن كثير في تفسيره 4 : 212 ، 213 ، وهذا إسناده: "قال الحافظ أبو بكر البزار ، حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة"، وساق الخبر.
ثم قال ابن كثير: "ثم رواه عن أبي كامل، عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه مرسلا.
قال: ولم يسنده أحد إلا طالوت".
(62) الأثر : 17011 - " عبد الرحمن بن سعد " ، هو "عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد الدشتكي الرازي" ، مضى برقم : 10666 ، 10855 .
(63) في المطبوعة: "من المطوعين"، وكان في المخطوطة قد كتب "وكان المطوعين"، ثم عاد بالقلم على الياء فجعلها واوًا، فتصرف الناشر ولم يبال بفعل الناسخ.
والذي أثبته مطابق لما في السيرة .
ولذلك غير الناسخ ما بعده فكتب، "أخو بني العجلان" ، غير ما في المخطوطة.
(64) في المطبوعة: "أخو بني عجلان"، تصرف تصرفًا معيبًا.
(65) قوله: "الأراشي، حليف بني عمر بن عوف"، ليس في المطبوع من سيرة ابن هشام، وانظر التعليق السالف ص : 384 ، رقم : 1.
(66) الأثر : 17012 - سيرة ابن هشام 4 : 196، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16990.
(67) قوله "كنا نحامل"، من "المحاملة" وفسره الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: "أي نحمل على ظهورنا بالأجرة .
يقال : حاملت ، بمعنى : حملت ، كسافرت .
وقال الخطابي : يريد : نتكلف الحمل بالأجرة ، لنكسب ما نتصدق به .
ويؤيده في الرواية الثانية التي بعده - يعني في البخاري - حيث قال : انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل ، أي : يطلب الحمل بالأجرة " .
ويبين هذا أيضًا ، تفسير أبي النعمان بقوله : " كنا نعمل " ، وهو تفسير فيما أرجح ، لا رواية أخرى في الخبر.
(68) الأثر : 17013 - " أبو النعمان " ، " الحكم بن عبد الله الأنصاري " ، ثقة ، قال البخاري : "حديثه معروف ، كان يحفظ" .
وليس له في صحيح البخاري غير هذا الحديث .
مترجم في التهذيب .
و " أبو مسعود " ، هو " أبو مسعود الأنصاري البدري " ، واسمه " عقبة بن عمرو بن ثعلبة " ، صاحب رسول الله ، شهد العقبة.
وكان في المخطوطة : " عن ابن مسعود " ، وهو خطأ صرف .
وهذا الخبر ، رواه البخاري في صحيحه (الفتح 3 : 224) من طريق عبيد الله بن سعيد ، عن أبي النعمان الحكم بن عبد الله البصري بمثله ، وفيه زيادة بعد قوله: "بشيء كثير"، هي "فقالوا : مرائي".
ثم رواه البخاري أيضًا في صحيحه ( الفتح 8 : 249 ) من طريق بشر بن خالد ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن أبي مسعود ، بغير هذا اللفظ ، وفيه التصريح باسم " أبي عقيل " الذي أتى بنصف صاع .
ومن هذه الطريق رواه مسلم في صحيحه 7: 105 .
ثم انظر : ص : 389 ، تعليق رقم : 1.
(69) "الجرير": الحبل، وسلف شرحه ص : 383، تعليق : 2.
(70) " تبلغ ببعض الطعام " ، أي : اكتفى به من كثيره ، حتى يبلغ ما يشبعه.
(71) قوله : " إلى رسول الله " ، متعلق بقوله : " جئت " ، لا بقوله : " أتقرب به " ، أي : جئت به إلى رسول الله ، أتقرب به إلى الله.
(72) الأثر : 17014 - "موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي"، ضعيف بمرة، لا تحل الرواية عنه، كما قال أحمد.
مضى مرارًا ، آخرها رقم : 11811.
وأما "خالد بن يسار"، الذي روى عن ابن أبي عقيل، وروى عنه "موسى بن عبيدة"، فلم أجد له ترجمة ولا ذكرا.
وهناك "خالد بن يسار"، روى عن أبي هريرة، روى عنه شعيب بن الحبحاب، ولا أظنه هو هو ، وهذا أيضا قالوا : هو مجهول .
وأما " ابن أبي عقيل " ، فاسمه " رضى بن أبي عقيل " ، مترجم في الكبير 2 1 313 ، وابن أبي حاتم 2 1 523 ، قالا : " روى عن أبيه ، وروى عن محمد بن فضيل " ولم يذكر فيه جرحًا .
و "أبو عقيل" ، مضى ذكره ، وهو مترجم في الكنى للبخاري : 62 ، وابن أبي حاتم 4 2 416 ، وقالا : روى عنه ابنه : رضى بن أبي عقيل .
وهذا خبر ضعيف الإسناد جدًا ، لضعف "موسى بن عبيدة" ، وللمجهول الذي فيه ، وهو " خالد بن يسار " .
بيد أن الهيثمي في مجمع الزوائد 7 : 32 ، 33، روى هذا الخبر ، بنحو لفظه ، ثم قال : " رواه الطبراني ، ورجاله ثقات ، إلا خالد بن يسار ، لم أجد من وثقه ولا جرحه " .
فلا أدري أرواه عن " خالد بن يسار " ، أحد غير " موسى بن عبيدة " في إسناد الطبراني ، أم رواه " موسى بن عبيدة " ، فإن يكن " موسى " هو راويه ، فقد سلف مرارًا أن ضعفه الهيثمي.
والظاهر أنه من رواية " موسى " لأني رأيت ابن كثير في تفسيره 4 : 213 ، نقل هذا الخبر عن الطبري ، ثم قال : " وكذا رواه الطبراني من حديث زيد بن الحباب ، به .
وقال : اسم أبي عقيل حباب (حبحاب) ، ويقال : عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة " (انظر ص : 383 ، تعليق : 2) ، فهذا دال على أن في إسناد الطبراني "موسى بن عبيدة"، الضعيف بمرة.
(73) في المسند: "وقف علينا رجل في مجلسنا بالبقيع"، واختلف لفظ الخبر بعد.
(74) " لاث العمامة على رأسه ، يلوثها " أي : عصبها ولفها وأدارها .
و " اللوث " اللفة من لفائف العمامة .
(75) " القمة " بالكسر، شخص الإنسان إذا كان قائمًا ، وهي " القامة " .
وهذا هو المراد هنا .
و " القمة " أيضا ، رأس الإنسان ، وليس بمراد هنا.
(76) في المطبوعة : " ولا أذم لعيني منه " ، وهو فاسد ، غير ما في المخطوطة .
وهذه الجملة في مسند أحمد محرفة : " ولا آدم يعير بناقة " ، وفي تفسير ابن كثير نقلا عن المسند : " ولا أذم ببعير ساقه " ، فزاده تحريفا .
والصواب ما في تفسير الطبري .
" ولا أدم " من " الدمامة " ، " دم الرجل يدم دمامة " ، وهو القصر والقبح .
وفي حديث ابن عمر : " لا يزوجن أحدكم ابنته بدميم " .
(77) " دونكها " ، أي : خذها .
(78) في المخطوطة : " فألقى الله بخطامها أبو بزمامها " ، وهو خطأ ظاهر ، صوابه ما أثبت .
ولكن ناشر المطبوعة حذف فكتب : " فألقى بخطامها ".
(79) في المطبوعة والمخطوطة : " يقول ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم " ، وهو تحريف من الناسخ، وصوابه ما أثبت ، وذلك أنه رأى في النسخة التي نقلنا عنها : " يقول ذلك ثلثا " فقرأها " نبينا " ، وصوابه " ثلثا " ، كما كانوا يكتبونها بحذف الألف .
واستظهرت ذلك من حديث أحمد في المسند قال : " ثلاث مرات " .
(80) الأثر : 1715 - "أبو السليل" ، هو : "ضريب بن نقير بن سمير القيسي الجريري" ، ثقة .
روى عن سعيد الجريري وغيره .
مترجم في التهذيب ، والكبير 2 2 343 ، وابن أبي حاتم 2 1 470 .
وهذا الخبر رواه أحمد في المسند 5 : 34 ، ونقله عن ابن كثير في تفسيره 4 : 211 ، 212 ، بزيادة ، واختلاف في بعض لفظه ، كما أشرت إليه آنفًا في التعليقات .
(81) الأثر : 17016 - "عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري"، ثقة.
مضى برقم : 16147 .
وانظر ما سلف ج 13 : 567 ، تعليق : 1 .
(82) الأثر : 17017 - "ومحمد بن رجاء" ، "أبو سهل العباداني"، لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع .
و " عامر بن يساف اليمامي" ، وهو " عامر بن عبد الله بن يساف " وثقه ابن معين وغيره ، وقال ابن عدي : " منكر الحديث عن الثقات .
ومع ضعفه يكتب حديثه " .
مترجم في ابن أبي حاتم 3 1 329 ، وميزان الاعتدال 2 : 7 ، وتعجيل المنفعة : 206 ، ولسان الميزان 3 : 224 .
و " يحيى بن أبي كثير اليمامي " ، ثقة ، روى له الجماعة ، مضى مرارًا ، آخرها رقم : 12760.
(83) في المطبوعة : " فقام عمر بن الخطاب ، فألفى مالا وافرًا ، فأخذ نصفه " ، لم يحسن قراءة ما في المخطوطة ، فحرف وبدل وحذف ، وأساء بما فعل غاية الإساءة .
وإنما هذا قول عمر ، يقول : فألفى هذا الأمر بالصدفة ، مالي وافرا ، فآخذ نصفه .
(84) في المطبوعة : " فقال عمر : أراني الله .
.
.
، وفي المخطوطة : " فقال نعم : إن الله ورسوله " ، لم يحسن كتابتها ، وأثبت الصواب من الدر المنثور 3 : 263 .
(85) في المطبوعة: "فآجر نفسه"، وهي الصواب المحض ، من قولهم: " أجر المملوك يأجره أجرًا، فهو مأجور" و "آجره إيجارًا، ومؤاجرة" .
وأما ما أثبته عن المخطوطة ، فليس بفصيح ، وإنما هو قياس ضعيف على قولهم في: "آمرته" ، "وأمرته" ، وقولهم في "آكله" ، "وأكله" على البدل، وذلك كله ليس بفصيح ولا مرضي .
وإنما أثبتها لوضوحها في المخطوطة ، ولأنه من الكلام الذي يقال مثله .
(86) انظر تفسير "اللمز" فيما سلف ص : 300 ، 301 ، 382 .
(87) هذه القراءة ، ذكرها أبو جعفر فيما سلف 3 : 247 ، وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين .
وأما قراءتنا في مصحفنا اليوم : (ومن تطوع خيرا) .
(88) انظر تفسير " التطوع " فيما سلف 3 : 247، 441 14 : 382 ، وانظر معاني القرآن للفراء 1 : 447.
(89) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 447 ،ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 264 ، وما سلف ص : 382 .
(90) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 447 ،ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1 : 264 ، وما سلف ص : 382 .
(91) في المطبوعة ، حذف قوله : " الجهد ، والجهد " وجعل " فالجهد " ، " الجهد " ، وبدأ به الكلام .
وأثبت ما في المخطوطة .
(92) في المطبوعة : " والجهد في المعيشة " ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، فغيرها .
و " القوت "و " القيت " (بكسر القاف) و " القيتة " (بكسر القاف) ، كله واحد ، وهو المسكة من الرزق ، وما يقوم به بدن الإنسان من الطعام .

﴿ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم ﴾

قراءة سورة التوبة

المصدر : تفسير : الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات