القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 83 سورة آل عمران - أفغير دين الله يبغون وله أسلم من

سورة آل عمران الآية رقم 83 : سبع تفاسير معتمدة

سورة أفغير دين الله يبغون وله أسلم من - عدد الآيات 200 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 83 من سورة آل عمران عدة تفاسير - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 60 - الجزء 3.

سورة آل عمران الآية رقم 83


﴿ أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ ﴾
[ آل عمران: 83]

﴿ التفسير الميسر ﴾

أيريد هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب غير دين الله -وهو الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم-، مع أن كل مَن في السموات والأرض استسلم وانقاد وخضع لله طواعية -كالمؤمنين- ورغمًا عنهم عند الشدائد، حين لا ينفعهم ذلك وهم الكفار، كما خضع له سائر الكائنات، وإليه يُرجَعون يوم المعاد، فيجازي كلا بعمله. وهذا تحذير من الله تعالى لخلقه أن يرجع إليه أحد منهم على غير ملة الإسلام.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«أفغير دين الله يبغون» بالياء والتاء أي المتولون «وله أسلم» إنقاذ «من في السماوات والأرض طوعا» بلا إباء «وكرها» بالسيف بمعاينة ما يلجأ إليه «وإليه يُرْجَعُون» بالتاء والياء والهمزة في أول الآية للإنكار.

﴿ تفسير السعدي ﴾

أي: أيطلب الطالبون ويرغب الراغبون في غير دين الله؟ لا يحسن هذا ولا يليق، لأنه لا أحسن دينا من دين الله وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها أي: الخلق كلهم منقادون بتسخيره مستسلمون له طوعا واختيارا، وهم المؤمنون المسلمون المنقادون لعبادة ربهم، وكرها وهم سائر الخلق، حتى الكافرون مستسلمون لقضائه وقدره لا خروج لهم عنه، ولا امتناع لهم منه، وإليه مرجع الخلائق كلها، فيحكم بينهم ويجازيهم بحكمه الدائر بين الفضل والعدل.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله عز وجل : ( أفغير دين الله يبغون ) وذلك أن أهل الكتاب اختلفوا فادعى كل واحد أنه على دين إبراهيم عليه السلام واختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلا الفريقين بريء من دين إبراهيم عليه السلام " فغضبوا وقالوا : لا نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك ، فأنزل الله تعالى : ( أفغير دين الله يبغون ) قرأ أبو جعفر وأهل البصرة وحفص عن عاصم ( يبغون ) بالياء لقوله تعالى ( وأولئك هم الفاسقون ) وقرأ الآخرون بالتاء لقوله تعالى ( لما آتيتكم ) ، ( وله أسلم ) خضع وانقاد ، ( من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) فالطوع : الانقياد والاتباع بسهولة ، والكره : ما كان بمشقة وإباء من النفس .
واختلفوا في قوله ( طوعا وكرها ) قال الحسن : أسلم أهل السماوات طوعا وأسلم من في الأرض بعضهم طوعا وبعضهم كرها ، خوفا من السيف والسبي ، وقال مجاهد : طوعا المؤمن ، وكرها ذلك الكافر ، بدليل : " ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال " ( الرعد - 15 ) وقيل : هذا يوم الميثاق حين قال لهم : " ألست بربكم قالوا بلى " ( الأعراف - 172 ) فقال : بعضهم طوعا وبعضهم كرها ، وقال قتادة : المؤمن أسلم طوعا فنفعه ، والكافر أسلم كرها في وقت البأس فلم ينفعه ، قال الله تعالى : " فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " ( غافر - 85 ) وقال الشعبي : هو استعاذتهم به عند اضطرارهم كما قال الله تعالى : " فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين " ( العنكبوت - 65 ) .
وقال الكلبي : طوعا الذي ( ولد ) في الإسلام ، وكرها الذين أجبروا على الإسلام ممن يسبى منهم فيجاء بهم في السلاسل ، ( وإليه يرجعون ) قرأ بالياء حفص عن عاصم ويعقوب كما قرأ ( يبغون ) بالياء وقرأ الباقون بالتاء فيهما إلا أبا عمرو فإنه قرأ ( يبغون ) بالياء و ( ترجعون ) بالتاء ، وقال : لأن الأول خاص والثاني عام ، لأن مرجع جميع الخلق إلى الله عز وجل .

﴿ تفسير الوسيط ﴾

وبعد أن بين- سبحانه- أن الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم حق لا ريب فيه، وأنه واجب على جميع من مضى من الأنبياء والأمم، عقب ذلك ببيان أن كل من كره الإيمان بما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم فإنه يكون بعيدا عن الدين الحق، مستحقا للعقاب الأليم فقال- تعالى- «أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» .
والاستفهام للإنكار والتوبيخ، وهمزة الاستفهام داخلة على فعل محذوف، والفاء الداخلة على «غير» عاطفة لجملة «يَبْغُونَ» على ذلك المحذوف الذي دل عليه الاستفهام وعينه المقام.
والمعنى: أيتولون عن الإيمان بعد هذا البيان فيبغون دينا غير دين الله الذي هو الإسلام.
ومعنى «يَبْغُونَ» يطلبون.
يقال بغى الأمر يبغيه بغاء- بضم الباء- أى طلبه.
وقوله- تعالى- «وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً» جملة حالية.
أى أيبغون دينا غير دين الله والحال أن الله- تعالى- استسلم وانقاد وخضع له من في السموات والأرض طوعا وكرها.
أى طائعين وكارهين فهما مصدران في موضع الحال.
والمراد أن كل من في السموات والأرض قد انقادوا وخضعوا لله- تعالى- إما عن طواعية واختيار وهم المؤمنون لأنهم راضون في كل الأحوال بقضائه وقدره، ومستجيبون له في المنشط والمكره والعسر واليسر.
وإما عن تسخير وقهر وهم الكافرون لأنهم واقعون تحت سلطانه العظيم وقدرته النافذة، فهم مع كفرهم لا يستطيعون دفع قضائه- سبحانه- وإذن فهم خاضعون لسلطانه- عز وجل- لأنهم لا سبيل لهم ولا لغيرهم إلى الامتناع عن دفع ما يريده بهم.
هذا، وقد ساق الفخر الرازي جملة آراء في معنى الآية الكريمة ثم اختار أحدها فقال ما ملخصه: في خضوع من في السموات والأرض لله وجوه: أصحها عندي أن كل ما سوى الله- سبحانه- ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته فإنه لا يوجد إلا بإيجاده، ولا يعدم إلا بإعدامه، فإن كل ما سوى الله فهو منقاد خاضع لجلال الله في طرفي وجوده وعدمه.
وهذا هو نهاية الخضوع والانقياد.
ثم إن في هذا الوجه لطيفة أخرى: وهي أن قوله «وَلَهُ أَسْلَمَ» يفيد الحصر، أى وله كل ما في السموات والأرض لا لغيره.
فهذه الآية تفيد أن واجب الوجود واحد، وأن كل ما سواه فإنه لا يوجد إلا بتكوينه، ولا يفنى إلا بإفنائه والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقوله «وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ» أى إليه وحده يرجع الخلق فيجازى كل مخلوق بما يستحقه من خير أو شر.
ففي الجملة الكريمة تحذير من الإعراض عن دينه، لأنه ما دام مرجع الخلق جميعا إليه- سبحانه- فعلى العاقل أن يسلم نفسه إلى خالقه اختيارا قبل أن يسلمها اضطرارا، وأن يستجيب لأوامره ونواهيه، حتى ينال رضاه.
وبذلك تكون هذه الآيات الكريمة قد أقامت للناس الأدلة على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم وأمرتهم بالدخول في دينه، وحذرتهم من الإعراض عنه بأجلى بيان وأقوى برهان.
وبعد هذا البيان الواضح والبرهان الساطع على صدق النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر الله- تعالى- نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن على الدنيا كلمة الحق التي يؤمن بها، وأن يخبر كل من يتأتى له الخطاب بأن الدين المقبول عند الله هو دين الإسلام وأن كل دين سواه فهو باطل.
لأن رسالته صلّى الله عليه وسلّم هي خاتمة الرسالات ودين الإسلام الذي أتى به ناسخ لكل دين سواه.
استمع إلى القرآن وهو يبين ذلك فيقول:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

يقول تعالى منكرا على من أراد دينا سوى دين الله ، الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله ، وهو عبادته وحده لا شريك له ، الذي ( له أسلم من في السماوات والأرض ) أي : استسلم له من فيهما طوعا وكرها ، كما قال تعالى : ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ) [ الرعد : 15 ] وقال تعالى : ( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون . ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) [ النحل : 48 - 50 ] .فالمؤمن مستسلم بقلبه وقالبه لله ، والكافر مستسلم لله كرها ، فإنه تحت التسخير والقهر والسلطان العظيم ، الذي لا يخالف ولا يمانع . وقد ورد حديث في تفسير هذه الآية ، على معنى آخر فيه غرابة ، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني :حدثنا أحمد بن النضر العسكري ، حدثنا سعيد بن حفص النفيلي ، حدثنا محمد بن محصن العكاشي ، حدثنا الأوزاعي ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) أما من في السماوات فالملائكة ، وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام ، وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال ، يقادون إلى الجنة وهم كارهون " .وقد ورد في الصحيح : " عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " وسيأتي له شاهد من وجه آخر ولكن المعنى الأول للآية أقوى .وقد قال وكيع في تفسيره : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قال : هو كقوله : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) [ لقمان : 25 ] .وقال أيضا : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قال : حين أخذ الميثاق .( وإليه يرجعون ) أي : يوم المعاد ، فيجازي كلا بعمله .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعونقوله تعالى : أفغير دين الله يبغون قال الكلبي : إن كعب بن الأشرف وأصحابه اختصموا مع النصارى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أينا أحق بدين إبراهيم ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كلا الفريقين بريء من دينه ) .
فقالوا : ما نرضى بقضائك ولا نأخذ بدينك ; فنزل أفغير دين الله يبغون يعني يطلبون .
ونصبت غير بيبغون ، أي يبغون غير دين الله .
وقرأ أبو عمرو وحده " يبغون " بالياء على الخبر " وإليه ترجعون " بالتاء على المخاطبة .
قال : لأن الأول خاص والثاني عام ففرق بينهما لافتراقهما في المعنى .
وقرأ حفص وغيره يبغون ، و ( يرجعون ) بالياء فيهما ; لقوله : فأولئك هم الفاسقون .
وقرأ الباقون بالتاء فيهما على الخطاب ; لقوله لما آتيتكم من كتاب وحكمة ، والله أعلم .
قوله تعالى : وله أسلم أي استسلم وانقاد وخضع وذل ، وكل مخلوق فهو منقاد مستسلم ; لأنه مجبول على ما لا يقدر أن يخرج عنه .
قال قتادة : أسلم المؤمن طوعا والكافر عند موته كرها ولا ينفعه ذلك ; لقوله : فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا .
قال مجاهد : إسلام الكافر كرها بسجوده لغير الله وسجود ظله لله ، أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .
وقيل : المعنى أن الله خلق الخلق على ما أراد منهم ; فمنهم الحسن والقبيح والطويل والقصير والصحيح والمريض وكلهم منقادون اضطرارا ، فالصحيح منقاد طائع محب لذلك ; والمريض منقاد خاضع وإن كان كارها .
والطوع الانقياد والاتباع بسهولة .
والكره ما كان بمشقة وإباء من النفس .
طوعا وكرها مصدران في موضع الحال ، أي طائعين ومكرهين .
وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله عز وجل : وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها قال : الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس في الأرض .
وقال عليه السلام : لا تسبوا أصحابي فإن أصحابي أسلموا من خوف الله وأسلم الناس من خوف السيف .
وقال عكرمة : طوعا من أسلم من غير محاجة وكرها من اضطرته الحجة إلى التوحيد .
يدل عليه قوله عز وجل : ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله .
قال الحسن : هو عموم معناه الخصوص .
وعنه : " أسلم من في السماوات " وتم الكلام .
ثم قال : " والأرض طوعا وكرها " .
قال : والكاره المنافق لا ينفعه عمله .
و طوعا وكرها مصدران في موضع الحال .
عن مجاهد عن ابن عباس قال : إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا فليقرأ في أذنها هذه الآية : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها إلى آخر الآية .

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله : أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك:فقرأته عامة قرأة الحجاز من مكة والمدينة، وقرأةُ الكوفة: ( " أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ تَبْغُونَ " ) ، ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) على وجه الخطاب.
* * *وقرأ ذلك بعض أهل الحجاز ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ )( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) بالياء كلتيهما، على وجه الخبر عن الغائب.
* * *وقرأ ذلك بعض أهل البصرة: ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ )، على وجه الخبر عن الغائب، ( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )، بالتاء على وجه المخاطبة.
* * *قال أبو جعفر: وأولى ذلك بالصواب، قراءةُ من قرأ: " أفغير دين الله تبغون " على وجه الخطاب " وإليه تُرجعون " بالتاء.
لأن الآية التي قبلها خطابٌ لهم، فإتباعُ الخطاب نظيرَه، أولى من صرف الكلام إلى غير نظيره.
وإن كان الوجه الآخر جائزًا، لما قد ذكرنا فيما مضى قبل: من أن الحكاية يخرج الكلام معها أحيانًا على الخطاب كله، وأحيانًا على وجه الخبر عن الغائب، وأحيانًا بعضُه على الخطاب، وبعضُه على الغيبة، فقوله: " تبغون " و " إليه ترجعون " في هذه الآية، من ذلك.
(56)* * *وتأويل الكلام: يا معشرَ أهل الكتاب =" أفغيرَ دين الله تبغون "، يقول: أفغير طاعة الله تلتمسون وتريدون، (57) =" وله أسلم من في السماوات والأرض "، يقول: وله خَشع من في السموات والأرض، فخضع له بالعبودة، (58) وأقرّ له بإفراد الربوبية، وانقاد له بإخلاص التوحيد والألوهية (59) =" طوْعًا وكرهًا "، يقول أسلم لله طائعًا من كان إسلامه منهم له طائعًا، وذلك كالملائكة والأنبياء والمرسلين، فإنهم أسلموا لله طائعين =" وكرهًا "، من كان منهم كارهًا.
(60)* * *واختلف أهل التأويل في معنى إسلام الكاره الإسلام وصفته.
فقال بعضهم: إسلامه، إقراره بأنّ الله خالقه وربُّه، وإن أشرك معه في العبادة غيرَه.
ذكر من قال ذلك:7342 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: " وله أسلم من في السموات والأرض "، قال: هو كقوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [سورة الزمر: 38].
7343 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد مثله.
7344 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه تُرجعون "، قال: كل آدميّ قد أقرّ على نفسه بأن الله ربّي وأنا عبده.
فمن أشرَكَ في عبادته فهذا الذي أسلم كَرْهًا، ومن أخلص له العبودة، (61) فهو الذي أسلم طوعًا.
* * *وقال آخرون: بل إسلام الكاره منهم، كان حين أخذَ منه الميثاق فأقرَّ به.
ذكر من قال ذلك:7345 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا "، قال: حين أخذَ الميثاق.
* * *وقال آخرون؛ عنى بإسلام الكاره منهم، سُجودَ ظله.
ذكر من قال ذلك:7346 - حدثنا سوَّار بن عبد الله قال، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد في قول الله عز وجل: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا "، قال: الطائع المؤمن = و " كرهًا "، ظلّ الكافر.
7347 - حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " طوعًا وكرهًا "، قال: سجود المؤمن طائعًا، وسجود الكافر وهو كاره.
7348 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " كَرْهًا "، قال: سجود المؤمن طائعًا، وسجود ظلّ الكافر وهو كاره.
7349 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: سجود وجهه طائعًا، وظله كارهًا.
(62)* * *وقال آخرون: بل إسلامه بقلبه في مشيئة الله، واستقادته لأمره وإن أنكر ألوهته بلسانه.
ذكر من قال ذلك:7350 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر: " وله أسلم من في السموات والأرض "، قال: استقاد كلهم له.
(63)* * *وقال آخرون: عنى بذلك إسلام من أسلم من الناس كرْهًا، حَذَر السيف على نفسه.
ذكر من قال ذلك:7351 - حدثني محمد بن سنان قال، حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا " الآية كلها، فقال: أكره أقوامٌ على الإسلام، وجاء أقوامٌ طائعين.
7352 - حدثني الحسن بن قزعة الباهلي قال، حدثنا روح بن عطاء، عن مطر الورّاق في قول الله عز وجل: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا وإليه ترجعون "، قال: الملائكة طوعًا، والأنصار طوعًا، وبنو سُلَيمُ وعبد القيس طوعًا، والناس كلهم كرهًا.
* * *وقال آخرون معنى ذلك: أنّ أهل الإيمان أسلموا طوعًا، وأنّ الكافر أسلم في حال المعاينة، حينَ لا ينفعه إسلامٌ، كرهًا.
ذكر من قال ذلك:7353 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " أفغير دين الله تبغون "، الآية، فأما المؤمن فأسلم طائعًا فنفعه ذلك، وقُبِل منه، وأما الكافر فأسلم كارهًا حين لا ينفعه ذلك، ولا يقبل منه.
7354 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا "، قال: أما المؤمن فأسلم طائعًا، وأما الكافر فأسلم حين رأى بأسَ الله، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا [سورة غافر: 85].
* * *وقال آخرون: معنى ذلك: أيْ: عبادةُ الخلق لله عز وجل.
(64)ذكر من قال ذلك:7355 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعًا وكرهًا "، قال: عبادتهم لي أجمعين طوعًا وكرهًا، وهو قوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا [سورة الرعد: 15].
* * *وأما قوله: " وإليه تُرجعون "، فإنه يعني: " وإليه "، يا معشر من يبتغي غيرَ الإسلام دينًا من اليهود والنصارى وسائر الناس =" ترجعون "، يقول: إليه تصيرون بعد مماتكم، فمجازيكم بأعمالكم، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءَته.
* * *وهذا من الله عز وجل تحذيرٌ خلقَه أن يرجع إليه أحدٌ منهم فيصيرُ إليه بعد وفاته على غير ملة الإسلام.
* * *------------------------الهوامش :(56) انظر ما سلف: 464 والتعليق رقم: 2 ، والمراجع هناك.
وانظر فهرس مباحث العربية.
(57) انظر تفسير"الدين" فيما سلف 1: 115 ، 221 / 3: 571 / ثم 6: 273 ، 274 = ثم معنى"يبغي" فيما سلف 3: 508 / 4: 163 / ثم 6: 196 ، تعليق: 3.
(58) في المطبوعة: "العبودية" ، وأثبت ما في المخطوطة ، كما سلف مرارًا.
انظر قريبًا: ص: 549 تعلق 2 ، والمراجع هناك.
(59) انظر تفسير"أسلم" فيما سلف ص: 489 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك.
(60) انظر تفسير"الكره" فيما سلف 4: 297 ، 298.
(61) في المطبوعة: "العبودية" ، وانظر التعليق السالف رقم ص: 564 ، رقم: 3.
(62) في المخطوطة والمطبوعة: "سجود وجهه وظله طائعًا" ، وهو لا يستقيم ، واستظهرت من أخبار مجاهد السالفة ، أن هذا هو حق المعنى ، وأنه أولى بالصواب.
(63) الأثر: 7350-"جابر" هو: "جابر بن يزيد الجعفي".
روى عن أبي الطفيل وأبي الضحى وعكرمة وعطاء وطاوس.
روى عنه شعبة والثوري وإسرائيل وجماعة.
و"عامر" ، هو الشعبي.
وكان في المخطوطة والمطبوعة: "جابر بن عامر" ، وليس في الرواة أحد بهذا الاسم.
(64) في المطبوعة: "في عبادة الخلق" ، وفي المخطوطة"أن عبادة الخلق" ، وصوابه قراءتها ما أثبت.

﴿ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ﴾

قراءة سورة آل عمران

المصدر : تفسير : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من