ولا تُلْحق بي الذل، يوم يخرج الناس من القبور للحساب والجزاء، يوم لا ينفع المال والبنون أحدًا من العباد، إلا مَن أتى الله بقلب سليم من الكفر والنفاق والرذيلة.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«إلا» لكن «من أتى الله بقلب سليم» من الشرك والنفاق وهو قلب المؤمن فإنه ينفعه ذلك.
﴿ تفسير السعدي ﴾
لا يَنْفَعُ فيه مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ فهذا الذي ينفعه عندك وهذا الذي ينجو به من العقاب ويستحق جزيل الثوابوالقلب السليم معناه الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشر والإصرار على البدعة والذنوب ويلزم من سلامته مما ذكر اتصافه بأضدادها من الإخلاص والعلم واليقين ومحبة الخير وتزيينه في قلبه وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله وهواه تابعا لما جاء عن الله
﴿ تفسير البغوي ﴾
( إلا من أتى الله بقلب سليم ) أي : خالص من الشرك والشك فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد ، هذا قول أكثر المفسرين . قال سعيد بن المسيب : القلب السليم هو الصحيح ، وهو قلب المؤمن لأن قلب الكافر والمنافق مريض . قال الله تعالى : " في قلوبهم مرض " ( البقرة - 10 ) ، قال ابن عثمان النيسابوري : هو القلب الخالي من البدعة المطمئن على السنة . )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أى: واسترني- يا إلهى- ولا تفضحني يوم القيامة، يوم لا ينتفع الناس بشيء من أموالهم ولا من أولادهم، ولكنهم ينتفعون بإخلاص قلوبهملعبادتك. وبسلامتها من كل شرك أو نفاق، وبصيانتها من الشهوات المرذولة. والأفعال القبيحة.وهكذا نرى في قصة إبراهيم: الشجاعة في النطق بكلمة الحق، حيث جابه قومه وأباه ببطلان عبادتهم للأصنام.ونرى الحجة الدامغة التي جعلت قومه لا يجدون عذرا يعتذرون به عن عبادة الأصنام سوى قولهم: وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ.ونرى الثناء الحسن الجميل منه على ربه- عز وجل-: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ.ونرى الدعاء الخاشع الخالص الذي يتضرع به إلى خالقه- عز وجل-، لكي يرزقه العلم والعمل، وبأن يحشره مع الصالحين، وأن يجعل له أثرا طيبا بعد وفاته بين الأمم الأخرى، وبأن يجعله من الوارثين لجنة النعيم، وبأن يستره بستره الجميل يوم القيامة، يوم لا ينفع الناس شيء سوى إخلاص قلوبهم وعملهم الصالح، وهي دعوات يرى المتأمل فيها شدة خوف إبراهيم- وهو الحليم الأواه المنيب- من أهوال يوم الحساب.نسأل الله- تعالى- بفضله وكرمه، أن يجنبنا إياها، وأن يسترنا بستره الجميل.ثم يبين- سبحانه- بعد ذلك مشهدا من مشاهد يوم القيامة، ويحكى أقوال الغاوين وحسراتهم.. فيقول:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
ولهذا قال : ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) أي : سالم من الدنس والشرك .قال محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور .وقال ابن عباس : ( إلا من أتى الله بقلب سليم ) حيي يشهد أن لا إله إلا الله .وقال مجاهد ، والحسن ، وغيرهما : ( بقلب سليم ) يعني : من الشرك .وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم : هو القلب الصحيح ، وهو قلب المؤمن; لأن قلب [ الكافر و ] المنافق مريض ، قال الله : ( في قلوبهم مرض ) [ البقرة : 10 ] .وقال أبو عثمان النيسابوري : هو القلب الخالي من البدعة ، المطمئن إلى السنة .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
إلا من أتى الله بقلب سليم هو استثناء من الكافرين ; أي لا ينفعه ماله ولا بنوه . وقيل : هو استثناء من غير الجنس ، أي لكن من أتى الله بقلب سليم ينفعه لسلامة قلبه . وخص القلب بالذكر ; لأنه الذي إذا سلم سلمت الجوارح ، وإذا فسد فسدت سائر الجوارح . وقد تقدم في أول ( البقرة ) . واختلف في القلب السليم فقيل : من الشك والشرك ، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد ; قاله قتادة وابن زيد وأكثر المفسرين . وقال سعيد بن المسيب : القلب السليم الصحيح هو قلب المؤمن ; لأن قلب الكافر والمنافق مريض ; قال الله تعالى : في قلوبهم مرض وقال أبو عثمان السياري : هو القلب الخالي عن البدعة المطمئن إلى السنة . وقال الحسن : سليم من آفة المال والبنين . وقال الجنيد : السليم - في اللغة - اللديغ ; فمعناه أنه قلب كاللديغ من خوف الله . وقال الضحاك : السليم : الخالص .قلت : وهذا القول يجمع شتات الأقوال بعمومه وهو حسن ، أي الخالص من الأوصاف الذميمة ، والمتصف بالأوصاف الجميلة ; والله أعلم . وقد روي عن عروة أنه قال : يا بني لا تكونوا لعانين فإن إبراهيم لم يلعن شيئا قط ، قال الله تعالى : إذ جاء ربه بقلب سليم . وقال محمد بن سيرين : القلب السليم أن يعلم أن الله حق ، وأن الساعة قائمة ، وأن الله يبعث من في القبور . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير يريد - والله أعلم - أنها مثلها في أنها خالية من كل ذنب ، سليمة من كل عيب ، لا خبرة لهم بأمور الدنيا ; كما روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكثر أهل الجنة البله وهو حديث صحيح . أي البله عن معاصي الله . قال الأزهري : الأبله هنا هو الذي طبع على الخير وهو غافل عن الشر لا يعرفه . وقال القتبي : البله هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس .
﴿ تفسير الطبري ﴾
وقوله: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) يقول: ولا تخزني يوم يبعثون, يوم لا ينفع إلا القلب السليم.والذي عني به من سلامة القلب في هذا الموضع: هو سلامة القلب من الشكّ في توحيد الله, والبعث بعد الممات.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, عن عون, قال: قلت لمحمد: ما القلب السليم؟ قال: أن يعلم أن الله حقّ, وأن الساعة قائمة, وأن الله يبعث من في القبور.حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا سفيان, عن ليث, عن مجاهد: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: لا شك فيه.حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: ليس فيه شكّ في الحقّ.حدثنا الحسن, قال: أخبرنا عبد الرزاق, قال: أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله: ( بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: سليم من الشرك.حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: سليم من الشرك, فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد.حدثني عمرو بن عبد الحميد الآملي, قال: ثنا مروان بن معاوية, عن جُوَيْبِر, عن الضحاك, في قول الله: ( إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) قال: هو الخالص.