إعراب الآية 101 من سورة الشعراء - إعراب القرآن الكريم - سورة الشعراء : عدد الآيات 227 - - الصفحة 371 - الجزء 19.
(وَلا) الواو عاطفة ولا زائدة لتوكيد النفي (صَدِيقٍ) معطوفة على شافعين لفظا (حَمِيمٍ) صفة لصديق
وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) وأما قولهم : { ولا صديق حميم } فهو تتميم أثارهُ ما يلقونه من سوء المعاملة من كل من يمرون به أو يتصلون ، ومن الحرمان الذي يعاملهم كل من يسألونه الرفق بهم حتى علموا أن جميع الخلق تتبرأ منهم كما قال تعالى : { ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب } فإن الصديق هو الذي يواسيك أو يسليك أو يتوجع ويومئذ حقّت كلمة الله { الأخِلاّء يومئذ بعضهُم لبعض عدوّ إلا المتقين } [ الزخرف : 67 ] وتقدم الكلام على الصديق في قوله تعالى : { أو صديقكم } في سورة النور ( 61 ) .
والحميم : القريب ، فعيل من حَمَّ ( بفتح الحاء ) إذا دنا وقرُب فهو أخص من الصديق .
والمراد نفي جنس الشفيع وجنس الصديق لوقوع الاسمين في سياق النفي المؤكَّد ب { من } الزائدة ، وفي ذلك السياق يستوي المفرد والجمع في الدلالة على الجنس . وإنما خولف بين اسمي هذين الجنسين في حكاية كلامهم إذ جيء ب { شافعين } جمعاً ، وب { صديق } مفرداً ، لأنهم أرادوا بالشافعين الآلهة الباطلة وكانوا يعهدونهم عديدين فجرى على كلامهم ما هو مرتسم في تصورهم .
وأما الصديق فإنه مفروض جنسُه دون عدد أفراده إذ لم يَعنُوا عدداً معيّناً فبقي على أصل نفي الجنس ، وعلى الأصل في الألفاظ إذْ لم يكن داع لغير الإفراد . والذي يبدو لي أنه أوثر جمع { شافعين } لأنه أنسب بصورة ما في أذهانهم كما تقدم . وأما إفراد { صديق } فلأنه أريد أن يُجرى عليه وصف { حميم } فلو جيء بالموصوف جمعاً لاقتضى جمع وصفه ، وجمعُ { حميم } فيه ثقل لا يناسب منتهى الفصاحة ولا يليق بصورة الفاصلة مع ما حصل في ذلك من التفنن الذي هو من مقاصد البلغاء .
ثم فرعوا على هذا التحسر والندامة تمنِّي أن يعادوا إلى الدنيا ليتداركوا أمرهم في الإيمان بالله وحده .
المصدر : إعراب : ولا صديق حميم