إعراب الآية 12 من سورة يوسف - إعراب القرآن الكريم - سورة يوسف : عدد الآيات 111 - - الصفحة 236 - الجزء 12.
(أَرْسِلْهُ) أمر ومفعوله وفاعله مستتر والجملة مستأنفة (مَعَنا) ظرف مكان متعلق بأرسله ونا مضاف إليه (يَرْتَعْ) مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وفاعله مستتر (وَيَلْعَبْ) مضارع معطوف على يرتع وإعرابه مثله (وَإِنَّا) الواو حالية وإن واسمها (لَهُ) متعلقان بحافظون (لَحافِظُونَ) اللام المزحلقة وخبر إن مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم
وجملة { أرسله } مستأنفة استئنافاً بيانيّاً لأن الإنكار المتقدّم يثير ترقب يعقوب عليه السّلام لمعرفة ما يريدون منه ليوسف عليه السّلام .
و { يرتَع } قرأه نافع ، وأبو جعفر ، ويعقوب بياء الغائب وكسر العَين . وقرأه ابن كثير بنون المتكلّم المشارك وكسر العين وهو على قراءتي هؤلاء الأربعة مضارع ارتعَى وهو افتعال من الرّعي للمبالغة فيه .
فهو حقيقة في أكل المواشي والبهائم واستعير في كلامهم للأكل الكثير لأنّ الناس إذا خرجوا إلى الرّياض والأرياف للّعب والسّبق تقوى شهوة الأكل فيهم فيأكلون أكلاً ذريعاً فلذلك شبّه أكلهم بأكل الأنعام .
وإنّما ذكروا ذلك لأنّه يسرّ أباهم أن يكونوا فرحين .
وقرأه أبو عمرو ، وابن عامر بنون وسكون العين . وقرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف بياء الغائب وسكون العين وهو على قراءتي هؤلاء الستة مضارع رتَع إذا أقام في خصب وسعة من الطعام . والتحقيق أنّ هذا مستعار من رتعت الدّابة إذا أكلت في المرعى حتّى شبعت . فمفاد المعنى على التأويلين واحد .
واللّعب : فعل أو كلام لا يراد منه ما شأنه أن يراد بمثله نحو الجري والقفز والسّبق والمراماة ، نحو قول امرىء القيس
: ... فظلّ العذارى يرتمين بشحمها
يقصد منه الاستجمام ودفع السآمة . وهو مباح في الشرائع كلّها إذا لم يصر دأباً . فلا وجه لتساؤل صاحب «الكشاف» على استجازة يعقوب عليه السّلام لهم اللعب .
والذين قرأوا { نرتع } بنون المشاركة قرأوا { ونلعب } بالنون أيضاً .
وجملة { وإنّا له لحافظون } في موضع الحال مثل { وإنّا له لناصحون } [ سورة يوسف : 10 ]. والتّأكيد فيهما للتّحقيق تنزيلاً لأبيهم منزلة الشّاك في أنّهم يحفظونه وينصحونه كما نزّلوه منزلة من لا يأمنهم عليه من حيث إنّه كان لا يأذن له بالخروج معهم للرعي ونحوه .
وتقديم له } في { له لناصحون } و { له لحافظون } يجوز أن يكون لأجل الرعاية للفاصلة والاهتمام بشأن يوسف عليه السّلام في ظاهر الأمر ، ويجوز أن يكون للقصر الادّعائي؛ جعلوا أنفسهم لفرط عنايتهم به بمنزلة من لا يحفظ غيره ولا ينصح غيره .
وفي هذا القول الذي تواطأوا عليه عند أبيهم عبرة من تواطىء أهل الغرض الواحد على التحيّل لنصب الأحابيل لتحصيل غرض دنيء ، وكيف ابتدأوا بالاستفهام عن عدم أمنه إيّاهم على أخيهم وإظهار أنّهم نصحاء له ، وحققوا ذلك بالجملة الاسمية وبحرف التوكيد ، ثمّ أظهروا أنّهم ما حرصوا إلاّ على فائدة أخيهم وأنّهم حافظون له وأكّدوا ذلك أيضاً .