إعراب الآية 123 من سورة هود - إعراب القرآن الكريم - سورة هود : عدد الآيات 123 - - الصفحة 235 - الجزء 12.
(وَلِلَّهِ) الواو استئنافية ومتعلقان بالخبر المقدم (غَيْبُ) مبتدأ مؤخر والجملة مستأنفة (السَّماواتِ) مضاف إليه (وَالْأَرْضِ) معطوف على السموات (وَإِلَيْهِ) الواو عاطفة ومتعلقان بيرجع (يُرْجَعُ الْأَمْرُ) مضارع مبني للمجهول والأمر نائب فاعل (كُلُّهُ) توكيد والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة (فَاعْبُدْهُ) الفاء الفصيحة وأمر ومفعوله والفاعل مستتر والجملة لا محل لها (وَتَوَكَّلْ) أمر فاعله مستتر وهو معطوف على اعبده (عَلَيْهِ) متعلقان بتوكل (وَما) الواو مستأنفة وما نافية تعمل عمل ليس (رَبُّكَ) اسمها والكاف مضاف إليه (بِغافِلٍ) الباء زائدة وغافل خبر ما مجرور لفظا منصوب محلا والجملة مستأنفة (عَمَّا) عن حرف جر وما اسم موصول متعلقان بغافل (تَعْمَلُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة صلة.
كلام جامع وهو تذييل للسورة مؤذن بختامها ، فهو من براعة المقطع . والواو عاطفة كلاماً على كلام ، أوْ واو الاعتراض في آخر الكلام ومثله كثير .
واللاّم في { لله } للملك وهو ملك إحاطة العلم ، أي لله ما غاب عن علم الناس في السماوات والأرض . وهذا كلام يجمع بشارة المؤمنين بما وُعدوا من النعيم المغيب عنهم ، ونذارة المشركين بما تُوعَدوا به من العذاب المغيب عنهم في الدنيا والآخرة .
وتقديم المجروريْن في { ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر } لإفادة الاختصاص ، أي الله لا غيره يملك غيب السماوات والأرض ، لأنّ ذلك ممّا لا يشاركه فيه أحد . وإلى الله لا إلى غيره يرجع الأمر كله ، وهو تعريض بفساد آراء الذين عبدوا غيره ، لأنّ من لم يكن كذلك لا يستحق أن يعبد ، ومن كان كذلك كان حقيقاً بأن يفرد بالعبادة .
ومعنى إرجاع الأمر إليه : أنّ أمر التّدبير والنصر والخذلان وغير ذلك يرجع إلى الله ، أي إلى علمه وقدرته ، وإنْ حسَب الناس وهيّأوا فطالما كانت الأمور حاصلة على خلاف ما استعد إليه المستعد ، وكثيراً ما اعتزّ العزيز بعزّته فلقي الخذلان من حيث لا يرتقب ، وربّما كان المستضعفون بمحل العزة والنصرة على أولي العزة والقوة .
والتعريف في { الأمر } تعريف الجنس فيعمّ الأمور ، وتأكيد الأمر ب { كله } للتّنصيص على العموم .
وقرأ مَن عدا نافعاً { يرجع } ببناء الفعل بصيغة النائب ، أي يرجع كل ذي أمر أمره إلى الله . وقرأه نافع بصيغة الفاعل على أن يكون ( الأمر ) هو فاعل الرجوع ، أي يرجع هو إلى الله .
وعلى كلتا القراءتين فالرجوع تمثيل لهيئة عجز الناس عن التصرف في الأمور حسب رغباتهم بهيئة متناول شيء للتصَرّف به ثم عدم استطاعته التصرف به فيرجعه إلى الحري بالتصرف به ، أو تمثيل لهيئة خضوع الأمور إلى تصرف الله دون تصرّف المحاولين التصرف فيها بهيئة المتجوّل الباحث عن مكان يستقرّ به ثم إيوائه إلى المقرّ اللائق به ورجوعه إليه ، فهي تمثيلية مكنية رُمز إليها بفعل { يرجع } وتعديته ب { إليه }.
وتفريع أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة الله والتوكّل عليه على رجوع الأمر كله إليه ظاهر ، لأنّ الله هو الحقيق بأن يعبد وأن يتوكّل عليه في كلّ مهم . وهو تعريض بالتخطئة للذين عبدوا غيره وتوكّلوا على شفاعة الآلهة ونفعها . ويتضمّن أمر النبي عليه الصلاة والسّلام بالدّوام على العبادة والتوكّل .
والمراد أن يعبده دون غيره ويتوكّل عليه دون غيره بقرينة { وإليه يرجع الأمر كلّه } ، وبقرينة التفريع لأنّ الذي يرجع إليه كل أمر لا يعقل أن يصرف شيء من العبادة ولا من التوكّل إلى غيره ، فلذلك لم يؤْتَ بصيغة تدل على تخصيصه بالعبادة للاستغناء عن ذلك بوجوب سبب تخصيصه بهما .
وجملة { وما ربك بغافل عَمّا تعملون } فذلكة جامعة ، فهو تذييل لما تقدّم . والواو فيه كَالْوَاو في قوله : { ولله
غيبُ السّماوات والأرض } فإنّ عدم غفلته عن أيّ عمل أنّه يعطي كل عامل جزاء عمله إنْ خيراً فخير وإنْ شراً فشرّ ، ولذلك علّق وصف الغافل بالعمل ولم يعلّق بالذوات نحو : بغافل عنكم ، إيماء إلى أنّ على العمل جزاء .
وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب «عمّا تعملون» بتاء فوقية خطاباً للنبيء صلى الله عليه وسلم والناس معه في الخطاب . وقرأ من عداهم بالمثنّاة التحتيّة على أن يعود الضمير إلى الكفّار فهو تسلية للنبيء عليه الصلاة والسّلام وتهديد للمشركين .
المصدر : إعراب : ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما