إعراب الآية 131 من سورة النساء - إعراب القرآن الكريم - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 99 - الجزء 5.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) للّه لفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان بمحذوف خبر ما الموصولة في السموات متعلقان بمحذوف صلتها وما بعدها عطف (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ) فعل ماض وفاعله واسم الموصول مفعوله والجملة جواب القسم لسبقها بلام القسم والواو استئنافية (أُوتُوا الْكِتابَ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعله وهو المفعول الأول والكتاب مفعوله الثاني والجملة صلة الموصول (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلقان بأوتوا (وَإِيَّاكُمْ) ضمير نصب منفصل مبني على السكون في محل نصب معطوف على الذين (أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) أن مصدرية وفعل أمر وفاعله ولفظ الجلالة مفعوله والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر أي: بتقوى اللّه وهما متعلقان بوصينا وقيل أن مفسرة (وَإِنْ تَكْفُرُوا) فعل الشرط مجزوم بحذف النون والواو فاعل وجواب الشرط محذوف تقديره: فلن تضروا اللّه شيئا.
وجملة (وَإِنْ تَكْفُرُوا) مقول القول لفعل محذوف أي وقلنا: إن تكفروا. وجملة القول معطوفة على جملة وصينا.
(فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) إن واسم الموصول اسمها ولفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان بمحذوف خبرها وفي السموات متعلقان بمحذوف صلة الموصول. وما في الأرض عطف.
(وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً) سبق إعرابها.
جملة { ولله ما في السموات وما في الأرض } معترضة بين الجمل التي قبلها المتضمنّة التحريض على التقوى والإحسان وإصلاح الأعمال من قوله : { وإن تحسنوا وتتقّوا } [ النساء : 128 ] وقوله : { وإن تصلحوا وتتّقوا } [ النساء : 129 ] وبين جملة { ولقد وصينا } الآية . فهذه الجملة تضمّنت تذييلات لتلك الجمل السابقة ، وهي مع ذلك تمهيد لما سيذكر بعدها من قوله : { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب } الخ لأنها دليل لوجوب تقوى الله .
والمناسبة بين هذه الجملة والتي سبقتها : وهي جملة { يغن الله كُلاَ من سعته } [ النساء : 130 ] أنّ الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على أن يغني كلّ أحد من سعته . وهذا تمجيد لله تعالى ، وتذكير بأنّه ربّ العالمين ، وكناية عن عظيم سلطانه واستحقاقه للتقوى .
وجملة { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } عطف على جملة { إن الله لا يغفر أن يشرك به } [ النساء : 116 ] .
وجُعل الأمر بالتقوى وصيةً : لأنّ الوصية قول فيه أمرٌ بشيء نافع جامع لخير كثير ، فلذلك كان الشأن في الوصية إيجاز القول لأنّها يقصد منها وعي السامع ، واستحضاره كلمة الوصية في سائر أحواله . والتقوى تجمع الخيرات ، لأنّها امتثال الأوامر واجتناب المناهي ، ولذلك قالوا : ما تكرّر لفظ في القرآن ما تكرّر لفظ التقوى ، يعنون غير الأعلام ، كاسم الجلالة . وفي الحديث عن العرباض بن سارية : وَعَظَنا رسول الله موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا يا رسول الله : كأنَّهَا موعظة مُوَدّععٍ فأوْصِنا ، قال : « أوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ والسمع والطاعة » . فذكْرُ التقوى في { أن اتّقوا الله } الخ تفسير لجملة { وصيّنا } ، فأنْ فيه تفسيرية . والإخبارْ بأنّ الله أوصى الذين أوتوا الكتاب من قبل بالتقوى مقصود منه إلْهاب همم المسلمين للتهمّم بتقوى الله لئلاّ تفضلهم الأمم الذين من قبلهم من أهل الكتاب ، فإنّ للائتساء أثراً بالغاً في النفوس ، كما قال تعالى : { يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } [ البقرة : 183 ] ، والمراد بالذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى ، فالتعريف في الكتاب تعريف الجنس فيصدق بالمتعدّد .
والتقوى المأمور بها هنا منظور فيها إلى أساسها وهو الإيمان بالله ورسله ولذلك قوبلت بجملة { وإن تكفروا فإنّ لله ما في السماوات وما في الأرض } .
وبيَّن بها عدم حاجته تعالى إلى تقوى الناس ، ولكنّها لصلاح أنفسهم ، كما قال { إن تكفروا فإنّ الله غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر } [ الزمر : 7 ] . فقوله : { فإنّ لله ما في السماوات وما في الأرض } كناية عن عدم التضرّر بعصيَان من يعصونه ، ولذلك جعلها جواباً للشرط ، إذ التقدير فإنّه غنيّ عنكم . وتأيّد ذلك القصد بتذييلها بقوله : { وكان الله غنياً حميداً } أي غنيّاً عن طاعتكم ، محموداً لذاته ، سواء حمده الحامدون وأطاعوه ، أم كفروا وعصوه .
وقد ظهر بهذا أنّ جملة { وإن تكفروا } معطوفة على جملة { أن اتّقوا الله } فهي من تمام الوصية ، أي من مقول القول المعبّر عنه ب { وصيّنا } ، فيحسن الوقف على قوله { حميداً } .
المصدر : إعراب : ولله ما في السموات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب