القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 143 سورة آل عمران - ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون

سورة آل عمران الآية رقم 143 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 143 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 68 - الجزء 4.

﴿ وَلَقَدۡ كُنتُمۡ تَمَنَّوۡنَ ٱلۡمَوۡتَ مِن قَبۡلِ أَن تَلۡقَوۡهُ فَقَدۡ رَأَيۡتُمُوهُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ﴾
[ آل عمران: 143]

﴿ إعراب: ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ﴾

(وَلَقَدْ كُنْتُمْ) الواو استئنافية اللام واقعة في جواب القسم قد حرف تحقيق كنتم كان واسمها (تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة خبر كنتم (مِنْ قَبْلِ) متعلقان بتمنون (أَنْ تَلْقَوْهُ) المصدر المؤول من الحرف المصدري والفعل في محل جر بالإضافة.

(فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) الفاء عاطفة رأيتموه فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) مبتدأ والجملة خبره وجملة (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) حالية.


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 143 - سورة آل عمران

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

كلام ألقي إليهم بإجمال بالغ غاية الإيجاز ، ليكون جامعاً بين الموعظة ، والمعذرة ، والملام ، والواو عاطفة أو حالية .

والخطاب للأحياء ، لا محالة ، الَّذين لم يذوقوا الموت ، ولم ينالوا الشهادة ، والَّذين كان حظّهم في ذلك اليوم هو الهزيمة ، فقوله : { كنتم تمنّون الموت } أريد به تمنّي لقاء العدوّ يوم أُحُد ، وعدم رضاهم بأن يتحصّنوا بالمدينة ، ويقفوا موقف الدّفاع ، كما أشار به الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنّهم أظهروا الشجاعة وحبّ اللِّقاء ، ولو كان فيه الموت ، نظراً لقوة العدوّ وكثرته ، فالتمنّي هو تمنّي اللِّقاء ونصر الدّين بأقصى جهدهم ، ولمَّا كان ذلك يقتضي عدم اكتراث كُلّ واحد منهم بتلف نفسه في الدّفاع ، رجاء أن يكون قبل هلاكه قد أبلى في العدوّ ، وهيّأ النَّصر لمن بقي بعده ، جعل تمنّيهم اللِّقاء كأنَّه تمنّي الموت من أوّل الأمر ، تنزيلاً لِغاية التمنّي منزلة مبدئه .

وقوله : { من قبل أن تلقوه } تعريض بأنَّهم تمنّوا أمراً مع الإغضاء عن شدّته عليهم ، فتمنّيهم إيّاه كتمنّي شيء قد جهلوا ما فيه من المصائب .

وقوله : { فقد رأيتموه } أي رأيتم الموت ، ومعنى رؤيته مشاهدة أسبابه المحقّقة ، الَّتي رؤيتها كمشاهدة الموت ، فيجوز أن يكون قوله : { فقد رأيتموه } تمثيلاً ، ويجوز أن تطلق الرؤية على شدّة التوقّع ، كإطلاق الشمّ على ذلك في قول الحارث بن هشام المخزومي :

وشممتُ ريح الموت من تلقائهم ... في مأزق والخيل لم تتبدّد

وكإطلاقه في قول ابن معد يكرب يوم القادسية : فضمّني ضمّة وَجَدْت منها ريحَ الموت .

والفاء في قوله : { فقد رأيتموه } فاء الفصيحة عن قوله : { كنتم تمنون } والتقدير : وأجبتم إلى ما تمنّيتم فقد رأيتموه ، أو التقدير : فإن كان تمنّيكم حقّاً فقد رأيتموه ، والمعنى : فأين بلاء من يتمنّى الموت ، كقول عباس بن الأحنف :

قالُوا خُراسانُ أقصى ما يُراد بنا ... ثُمّ القُفول فقدْ جِئْنا خُراسانا

ومنه قوله تعالى : { فقد كذّبوكم بما تقولون } [ الفرقان : 19 ] وقوله في سورة الروم ( 56 ) : { فهذا يوم البعث }

{ وجملة وأنتم تنظرون } حال مؤكّدة لمعنى { رأيتُموه } ، أو هو تفريع أي : رأيتم الموت وكان حظّكم من ذلك النظر ، دون الغَناء في وقت الخطر ، فأنتم مبهوتون . ومحلّ الموعظة من الآية : أنّ المرء لا يطلب أمراً حَتَّى يفكِّر في عواقبه ، ويسبر مقدار تحمّله لمصائبه . ومحلّ المعذرة في قوله : { من قبل أن تلقوه } وقوله : { فقد رأيتموه } ومحلّ الملام في قوله : { وأنتم تنظرون } .

ويحتمل أن يكون قوله : { تمنون الموت } بمعنى تتمنَّوْن موت الشهادة في سبيل الله فقد رأيتم مشارفة الموت إياكم ، وأنتم تنظرون من مات من إخوانكم ، أي فكيف وجدتم أنفسكم حين رأيتم الموت ، وكأنَّه تعريض بهم بأنَّهم ليسوا بمقام من يتمنّى الشهادة . إذ قد جبنوا وقت الحاجة ، وخفّوا إلى الغنيمة ، فالكلام ملام محض على هذا ، وليس تمنّي الشهادة بملوم عليه ، ولكن اللَّوم على تمنّي ما لا يستطيع كما قيل : ( إذا لم تستطع شيئاً فدعه ) .

كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولوددت أنّي أقتل في سبيل الله ، ثُمّ أُحيا ثُمّ أقتل ثمّ أحيا ، ثمّ أقْتل " وقال عمر : « اللَّهم إنّي أسألك شهادة في سبيلك» وقال ابن رواحة :

لكنّني أسأل الرّحمانَ مغفرة ... وضربةً ذات فرغ تقذِف الزبدا

حتَّى يقولوا إذا مَرّوا على جَدثي ... أرشدَك الله من غازٍ وقد رشدا

وعلى هذا الاحتمال فالضّمير راجع إلى الموت ، بمعنى أسبابه ، تنزيلاً لرؤية أسبابه منزلة رؤيته ، وهو كالاستخدام ، وعندي أنَّه أقرب من الاستخدام لأنَّه عاد إلى أسباب الموت باعتبار تنزيلها منزلة الموت .

قراءة سورة آل عمران

المصدر : إعراب : ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون