القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 16 سورة التغابن - فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح

سورة التغابن الآية رقم 16 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 16 من سورة التغابن - إعراب القرآن الكريم - سورة التغابن : عدد الآيات 18 - - الصفحة 557 - الجزء 28.

﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ وَٱسۡمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنفِقُواْ خَيۡرٗا لِّأَنفُسِكُمۡۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾
[ التغابن: 16]

﴿ إعراب: فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح ﴾


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 16 - سورة التغابن

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)

فاء فصيحة وتفريع على ما تقدم ، أي إذا علمتم هذا فاتقوا الله فيما يجب من التقوى في معاملة الأولاد والأزواج ومصارِف في الأموال فلا يصدّكم حب ذلك والشغل به عن الواجبات ، ولا يخرجكم الغضب ونحوه عن حدّ العدل المأمور به ، ولا حُبُّ المال عن أداء حقوق الأموال وعن طلبها من وجوه الحلال . فالأمر بالتقوى شامل للتحذير المتقدم وللترغيب في العفو كما تقدم ولما عدا ذلك .

والخطاب للمؤمنين .

وحذف متعلق ( اتقوا ) لقصد تعميم ما يتعلق بالتقوى من جميع الأحوال المذكورة وغيرها وبذلك يكون هذا الكلام كالتذييل لأن مضمونه أعم من مضمون ما قبله . /

ولما كانت التقوى في شأن المذكورات وغيرها قد يعرض لصاحبها التقصير في إقامتها حرصاً على إرضاء شهوة النفس في كثير من أحوال تلك الأشياء زيد تأكيد الأمر بالتقوى بقوله : { ما استطعتم } .

و { مَا } مصدرية ظرفية ، أي مدة استطاعتكم ليعم الأزمان كلها ويعم الأحوال تبعاً لعموم الأزمان ويعم الاستطاعات ، فلا يتخلوا عن التقوى في شيء من الأزمان . وجعلت الأزمان ظرفاً للاستطاعة لئلا يقصروا بالتفريط في شيء يستطيعونه فيما أمروا بالتقوى في شأنه ما لم يخرج عن حدّ الاستطاعة إلى حدّ المشقة قال تعالى : { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } [ البقرة : 185 ] .

فليس في قوله : { ما استطعتم } تخفيف ولا تشديد ولكنه عَدل وإنصافٌ . ففيه ما عليهم وفيه ما لهم .

روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال : «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فلقَّنني : «فيما استطعت» ، وعن ابن عمر : كنّا إذا بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا «فيما استطعتُ» .

وعطفُ { واسمعوا وأطيعوا } على ( اتقوا الله ) من عطف الخاص على العام للاهتمام به ، ولأن التقوى تتبادر في ترك المنهيات فإنها مشتقة من وقَى . فتقوى الله أن يقي المرء نفسه مما نهاه الله عنه ، ولما كان ترك المأمورات فيؤول إلى إتيان المنهيات ، لأن ترك الأمر منهي عنه إذ الأمر بالشيء نهي عن ضده . كان التصريح به بخصوصه اهتماماً بكلا الأمرين لتحصل حقيقة التقوى الشرعية وهي اجتناب المنهيات وامتثال المأمورات .

والمراد : اسمعوا الله ، أي أطيعوه بالسمع للرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته .

والأمر بالسمع أمر يتلقَّى الشريعة والإِقبال على سماع مواعظ النبي صلى الله عليه وسلم وذلك وسيلة التقوى قال تعالى : { فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } [ الزمر : 17 ، 18 ] .

وعطف عليه { وأطيعوا } : أي أطيعوا ما سمعتم من أمر ونهي .

وعَطْف { وأنفقوا } تخصيصٌ بعد تخصيص فإن الإنفاق مما أمر الله به فهو من المأمورات .

وصيغة الأمر تشتمل واجب الإِنفاق والمندوبَ ففيه التحريض على الإِنفاق بمرتبتيه وهذا من الاهتمام بالنزاهة عن فتنة المال التي ذكرت في قوله :

{ إنما أموالكم وأولادكم فتنة } [ التغابن : 15 ] .

وانتصب { خيراً } على الصفة لمصدرٍ محذوف دل عليه { أنفقوا } . والتقدير : إنفاقاً خيراً لأنفسكم . هذا قول الكسائي والفرّاء فيكون { خيراً } اسم تفضيل . وأصله : أَخْير ، وهو محذوف الهمزة لكثرة الاستعمال ، أي الإِنفاق خير لكم من الإِمساك . وعن سيبويه أنه منصوب على أنه مفعول به لفعل مضمر دل عليه { أنفقوا } . والتقدير : ائتوا خيراً لأنفسكم . وجملة { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } تذييل .

و { مَن } اسم شرط وهي من صيغ العموم : أي كل من يوق شحّ نفسه والعموم يدل على أن { من } مراد بها جنس لا شخص معين ولا طائفة ، وهذا حب اقتضاه حرص أكثر الناس على حفظ المال وادخاره والإِقلاللِ من نفع الغير به وذلك الحرص يسمى الشح .

والمعنى : أن الإِنفاق يقي صاحبه من الشحّ المنهي عنه فإذا يُسر على المرء الإِنفاق فيما أمر الله به فقد وُقي شُحّ نفسه وذلك من الفلاح .

ولما كان ذلك فلاحاً عظيماً جيء في جانبه بصيغة الحصر بطريقة تعريف المسند ، وهو قصر جنس المفلحين على جنس الذين وُقُوا شحّ أنفسهم ، وهو قصر ادعائي للمبالغة في تحقق وصف المفلحين الذين وقُوا شحّ أنفسهم نزّل الآن فلاح غيرهم بمنزلة العدم .

وإضافة { شح } إلى النفس للإِشارة إلى أن الشح من طباع النفس فإن النفوس شحيحة بالأشياء المحببة إليها قال تعالى : { وأحضرت الأنفس الشحّ } [ النساء : 128 ] .

وفي الحديث لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصدقة قال : « أن تَصدَّق وأنت صحيح شَحِيح تخشى الفقر وَتَأَمُل الغنى . وأنْ لا تَدعَ حتى إذا بلغت الحلقومَ قلتَ لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان » وتقدم نظيره { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } في سورة [ الحشر : 9 ] .

قراءة سورة التغابن

المصدر : إعراب : فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح