إعراب الآية 18 من سورة الشعراء - إعراب القرآن الكريم - سورة الشعراء : عدد الآيات 227 - - الصفحة 367 - الجزء 19.
(قالَ) الجملة استئنافية (أَلَمْ) الهمزة للاستفهام ولم جازمة (نُرَبِّكَ) مضارع مجزوم بحذف حرف العلة والكاف مفعول به والفاعل مستتر (فِينا) متعلقان بنربك (وَلِيداً) حال (وَلَبِثْتَ فِينا) ماض وفاعل والجار والمجرور متعلقان بالفعل (مِنْ عُمُرِكَ) متعلقان بمحذوف حال (سِنِينَ) ظرف زمان والجملة معطوفة.
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) طوي من الكلام ذهاب موسى وهارون إلى فرعون واستئذانهما عليه وإبلاغهما ما أمرهما الله أن يقولا لفرعون إيجازاً للكلام . ووجَّه فرعون خطابه إلى موسى وحده لأنه علم من تفصيل كلام موسى وهارون أن موسى هو الرسول بالأصالة وأن هارون كان عوناً له على التبليغ فلم يشتغل بالكلام مع هارون . وأعرض فرعون عن الاعتناء بإبطال دعوة موسى فعدل إلى تذكيره بنعمة الفراعنة أسلافه على موسى وتخويفه من جنايته حسباناً بأن ذلك يقتلع الدعوة من جذمها ويكف موسى عنها ، وقصدُه من هذا الخطاب إفحام موسى كي يتلعثم من خشيةِ فرعون حيث أوجد له سبباً يتذرع به إلى قتله ويكون معذوراً فيه حيث كفر نعمة الولاية بالتربية ، واقترف جرم الجناية على الأنفس .
والاستفهام تقريري ، وجعل التقرير على نفي التربية مع أن المقصود الإقرار بوقوع التربية مجاراة لحال موسى في نظر فرعون إذ رأى في هذا الكلام جرأة عليه لا تناسب حال مَن هو ممنون لأُسرته بالتربية لأنها تقتضي المحبة والبر ، فكأنه يرخي له العنان بتلقين أن يجحد أنه مربًّى فيهم حتى إذا أقر ولم ينكر كان الإقرار سالماً من التعلل بخوف أو ضغط ، فهذا وجه تسليط الاستفهام التقريري على النفي في حينَ أن المقرر به ثابت . وهذا كما تقول للرجل الذي طال عهدك برؤيته : ألستَ فلاناً ، ومثله كثير . ومنه قول الحجاج في خطبته يوم دَيْر الجماجم يهدد الخوارج «ألستُم أصحابِي بالأهواز» .
والتقرير مستعمل في لازمه وهو أن يقابل المقرَّر عليه بالبر والطاعة لا بالجفاء ، ويجوز أن يجعل الاستفهام إنكارياً عليه لأن لسان حال مُوسى في نظر فرعون حال من يجحد أنه مربًّى فيهم ومن يظن نِسيانهم لفعلته فأنكر فرعون عليه ذلك ، وكلا الوجهين لا يخلو من تنزيل موسى منزلة من يجحد ذلك .
والتربية : كفالة الصبي وتدبير شؤونه . ومعنى { فينا } في عائلتنا ، أي عائلة ملك مصر . والوليد : الطفل من وقت ولادته وما يقاربها فإذا نمى لم يُسم وليداً وسمي طفلاً ، ويعني بذلك التقاطه من نهر النيل . وذلك أن موسى ربّي عند ( رعمسيس الثاني ) من ملوك العائلة التاسعة عشرة من عائلات فراعنة مصر حسب ترتيب المحققين من المؤرخين . وخرج موسى من مصر بعد أن قتل القبطّي وعمرُه أربعون سنة لقوله تعالى : { ولما بلغ أشُدَّه واستوى أتيناه حكماً إلى قوله : { ودخل المدينة } [ القصص : 14 ، 15 ] الآية وبُعث وعمرُه ثمانون سنة حسبما في التوراة . وكان فرعون الذي بعث إليه موسى هو ( منفتاح الثاني ابن رعمسيس الثاني ) وهو الذي خلفه في الملك بعد وفاته أواسط القرن الخامس عشر قبل المسيح ، فلا جرم كان موسى مربّى والده ، فلذلك قال له : ألم نُرَبِّك فينا وليداً ، ولعله رُبِّيَ مع فرعون هذا كالأخ .
والسنين التي لبثها موسى فيهم هي نحو أربعين سنة .
والفَعْلة : المرة الواحدة من الفِعل ، وأراد بها الحاصل بالمصدر كما اقتضته إضافتها إلى ضمير المخاطب ، وأراد بالفعلة قتلَه القبطي ، قيل هو خَبَّاز فرعون . وعبر عنها بالموصول لعلم موسى بها ، وفي ذلك تهويل للفعلة يكنى به عن تذكيره بما يوجب توبيخه .
المصدر : إعراب : قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين