إعراب الآية 186 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 74 - الجزء 4.
(لَتُبْلَوُنَّ) اللام واقعة في جواب القسم تبلون فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون المحذوفة لكراهة لتوالي الأمثال والواو نائب فاعل ونون التوكيد حرف لا محل له (فِي أَمْوالِكُمْ) متعلقان بالفعل قبله (وَأَنْفُسِكُمْ) عطف والجملة لا محل لها جواب قسم مقدر (وَلَتَسْمَعُنَّ) مثل ولتبلون (مِنَ الَّذِينَ) متعلقان بالفعل قبلهما والجملة معطوفة (أُوتُوا الْكِتابَ) فعل ماض مبني للمجهول ونائب فاعل هو المفعول الأول والكتاب مفعول به ثان والجملة صلة الموصول (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلقان بمحذوف حال من الكتاب (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) عطف على جملة من الذين أوتوا الكتاب (أَذىً) مفعول به لتسمعن (كَثِيرًا) صفة (وَإِنْ تَصْبِرُوا) إن شرطية والمضارع فعل الشرط وهو مجزوم بحذف النون والواو فاعله (وَتَتَّقُوا) عطف على وتصبروا (فَإِنَّ ذلِكَ) الفاء رابطة إن واسم الإشارة اسمها.
(مِنْ عَزْمِ) متعلقان بمحذوف خبرها والجملة في محل جزم جواب الشرط.
(الْأُمُورِ) مضاف إليه.
استئناف لإيقاظ المؤمنين إلى ما يعترض أهل الحقّ وأنصار الرسل من البلوى ، وتنبيه لهم على أنّهم إن كانوا ممّن توهنهم الهزيمة فليسوا أحرياء بنصر الحقّ ، وأكّد الفعل بلام القسم وبنون التوكيد الشديدة لإفادة تحقيق الابتلاء ، إذ نون التوكيد الشديدة أقوى في الدلالة على التوكيد من الخفيفة .
فأصل { لتبلونّ } لتبلووننّ فلمّا توالى ثلاث نونات ثقل في النطق فحذفت نون الرفع فالتقى ساكنان : واو الرفع ونون التوكيد الشديدة ، فحذفت واو الرفع لأنّها ليست أصلاً في الكلمة فصار لتبْلَوُنّ . وكذلك القول في تصريف قوله تعالى : { ولتسمعنّ } وفي توكيده .
والابتلاء : الاختبار ، ويراد به هنا لازمه وهو المصيبة ، لأنّ في المصائب اختباراً لمقدار الثبات . والابتلاء في الأموال هو نفقات الجهاد ، وتلاشي أموالهم التي تركوها بمكّة . والابتلاء في الأنفس هو القتل والجراح . وجمع مع ذلك سماع المكروه من أهل الكتاب والمشركين في يوم أُحُد وبعده .
والأذى هو الضرّ بالقول كقوله تعالى : { لن يضروكم إلا أذى } [ آل عمران : 111 ] كما تقدّم آنفاً ، ولذلك وصفه هنا بالكثير ، أي الخارج عن الحدّ الذي تحتمله النفوس غالباً ، وكلّ ذلك ممّا يفضي إلى الفشل ، فأمَرَهم الله بالصبر على ذلك حتّى يحصل لهم النصر ، وأمرهم بالتقوى أي الدوام على أمور الإيمان والإقبال على بثّه وتأييده ، فأمّا الصبر على الابتلاء في الأموال والأنفس فيشمل الجهاد ، وأمّا الصبر على الأذى ففي وقتى الحرب والسلم ، فليست الآية مقتضية عدم الإذن بالقتال من حيث إنه أمرهم بالصبر على أذى الكفّار حتّى تكون منسوخة بآيات السيف ، لأنّ الظاهر أنّ الآية نزلت بعد وقعة أُحُد ، وهي بعد الأمر بالقتال . قاله القفّال .
وقوله : { فإن ذلك } الإشارة إلى ما تقدّم من الصبر والتقوى بتأويل : فإنّ المذكور .
و ( عزم الأمور ) من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الأمور العَزم ، ووصفَ الأمور وهو جمع بعزم وهو مفرد لأنّ أصل عزم أنه مصدر فيلزم لفظه حالة واحدة ، وهو هنا مصدر بمعنى المفعول ، أي من الأمور المعزوم عليها . والعزم إمضاء الرأي وعدم التردّد بعد تبيين السداد . قال تعالى : { وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله } [ آل عمران : 159 ] والمراد هنا العزم في الخيرات ، قال تعالى : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] وقال : { ولم نجد له عزما } [ طه : 115 ] .
ووقع قوله : { فإن ذلك من عزم الأمور } دليلاً على جواب الشرط ، والتقدير : وإن تصبروا وتتّقوا تنالوا ثواب أهل العزم فإنّ ذلك من عزم الأمور .
المصدر : إعراب : لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن