القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 29 سورة الحج - ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق

سورة الحج الآية رقم 29 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 29 من سورة الحج - إعراب القرآن الكريم - سورة الحج : عدد الآيات 78 - - الصفحة 335 - الجزء 17.

﴿ ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ ﴾
[ الحج: 29]

﴿ إعراب: ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ﴾


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 29 - سورة الحج

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)

هذا من جملة ما خاطب الله به إبراهيم عليه السلام .

وقرأ ورش عن نافع ، وقنبلٌ عن ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عَمرو بكسر لام { لِيَقْضوا }. وقرأه الباقون بسكون اللام . وهما لغتان في لام الأمر إذا وقعت بعد ( ثم ) ، كما تقدم آنفاً في قوله تعالى : { ثم ليقطع } [ الحج : 15 ].

و ( ثم ) هنا عطفت جملة على جملة فهي للتراخي الرتبي لا الزمني فتفيد أنّ المعطوف بها أهم في الغرض المسوق إليه الكلام من المعطوف عليه . وذلك في الوفاء بالنذر والطواف بالبيت العتيق ظاهرٌ إذ هما نسكان أهم من نحرِ الهدايا ، وقضاء التّفث محول على أمر مهم كما سنبينه .

والتفث : كلمة وقعت في القرآن وتردّد المفسرون في المراد منها . واضطرب علماء اللغة في معناها لعلّهم لم يعثروا عليها في كلام العرب المحتج به . قال الزجاج : إن أهل اللغة لا يعلمون التفث إلاّ من التفسير ، أي من أقوال المفسرين . فعَن ابن عُمر وابن عبّاس : التفث : مناسك الحجّ وأفعالُه كلها . قال ابن العربي : لم صح عنهما لكان حجة الإحاطة باللغة . قلت : رواه الطبري عنهما بأسانيد مقبولة . ونسبة الجصّاص إلى سعيد . وقال نفطويه وقطرب : التفث : هو الوسخ والدرَن . ورواه ابن وهب عن مالك بن أنس ، واختاره أبو بكر بن العربي وأنشد قطرب لأمية بن أبي الصلت :

حفّوا رؤوسهم لم يَحلقوا تفثاً ... ولم يسلّموا لهم قَمْلاً وصِئْبانا

ويحتمل أن البيت مصنوع لأن أيمة اللّغة قالوا : لم يَجىء في معنى التفث شعر يحتج به . قال نفطويه : سألت أعرابياً : ما معنى قوله { ثم ليقضوا تفثهم } ، فقال : ما أفسّرُ القرآن ولكن نقول للرجل ما أتفثك ، أي ما أدرَنَك .

وعن أبي عبيدة : التّفَث : قصّ الأظفار والأخذُ من الشارب وكل ما يحرم على المُحرم ، ومثله قوله عكرمة ومجاهد وربما زاد مجاهد مع ذلك : رمي الجمار .

وعن صاحب «العين» والفراء والزجاج : التفث الرمي ، والذبح ، والحلق ، وقصّ الأظفار والشارب وشعر الإبط . وهو قول الحسن ونسب إلى مالك بن أنس أيضاً .

وعندي : أن فعل { ليقضوا } ينادي على أن التفث عمل من أعمال الحج وليس وسَخاً ولا ظفراً ولا شعراً . ويؤيده ما روي عن ابن عمر وابن عباس آنفاً . وأن موقع ( ثمّ ) في عطف جملة الأمر على ما قبلها ينادي على معنى التراخي الرتبي فيقتضي أنّ المعطوف ب ( ثمّ ) أهم مما ذكر قبلها فإن أعمال الحج هي المهم في الإتيان إلى مكة ، فلا جرم أن التفث هو من مناسك الحجّ وهذا الذي درج عليه الحريري في قوله في المقامة المكية : «فلمّا قضيت بعون الله التفث ، واستبحت الطيبَ والرفث ، صادف موسم الخَيف ، معمعان الصيف» .

وقوله : { وليوفوا نذورهم } أي إن كانوا نذوراً أعمالاً زائدة على ما تقتضيه فريضة الحجّ مثل نذر طواف زائد أو اعتكاف في المسجد الحرام أو نسكاً أو إطعام فقير أو نحو ذلك .

والنذر : التزام قُربة لله تعالى لم تكن واجبة على ملتزِمها بتعليققٍ على حصول مرغوب أو بدون تعليق ، وبالنذر تصير القربة الملتزَمة واجبة على الناذر . وأشهر صِيَغِه : لله عليّ . . . وفي هذه الآية دليل على أن النذر كان مشروعاً في شريعة إبراهيم ، وقد نذر عُمر في الجاهلية اعتكاف ليلة بالمسجد الحرام ووفى به بعد إسلامه كما في الحديث .

وقرأ الجمهور { ولِيُوفوا } بضم التحتية وسكون الواو بعدها مضارع أوفى ، وقرأ أبو بكر عن عاصم { وليوَفُّوا } بتشديد الفاء وهو بمعنى قراءة التخفيف لأن كلتا الصيغتين من فعل وفي المزيد فيه بالهمزة وبالتضعيف .

وختم خطاب إبراهيم بالأمر بالطواف بالبيت إيذاناً بأنّهم كانوا يجعلون آخر أعمال الحج الطواف بالبيت وهو المسمّى في الإسلام طواف الإفاضة .

والعتيق : المحرر غير المملوك للناس . شبه بالعبد العتيق في أنه لا ملك لأحد عليه . وفيه تعريض بالمشركين إذ كانوا يمنعون منه من يشاءون حتى جعلوا بابه مرتفعاً بدون درج لئلا يدخله إلاّ من شاءوا كما جاء في حديث عائشة أيام الفتح . وأخرج الترمذي بسند حسن أن رسول الله قال : « إنما سمّى الله البيت العتيق لأنه أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبّار قطّ » . واعلم أنّ هذه الآيات حكاية عما كان في عهد إبراهيم عليه السلام فلا تؤخذ منها أحكام الحجّ والهدايا في الإسلام .

وقرأ الجمهور { ثمّ لْيَقْضوا ولْيُوفُوا ولْيَطَوّفُوا } بإسكان لام الأمر في جميعها . وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر : { وليوفوا ولِيطوّفوا } بكسر اللام فيهما . وقرأ ابن هشام عن ابن عامر ، وأبو عمرو ، وورش عن نافع ، وقنبلٌ عن ابن كثير ، ورويس عن يعقوب : { ثمّ لِيقضوا } بكسر اللاّم . وتقدّم توجيه الوجهين آنفاً عند قوله تعالى : { ثم ليقطع } [ الحج : 15 ].

وقرأ أبو بكر عن عاصم { ولْيُوفّوا } بفتح الواو وتشديد الفاء من وفّى المضاعف .

قراءة سورة الحج

المصدر : إعراب : ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق