إعراب الآية 31 من سورة النمل - إعراب القرآن الكريم - سورة النمل : عدد الآيات 93 - - الصفحة 379 - الجزء 19.
(أَلَّا) أن ناصبة (لا) نافية (تَعْلُوا) مضارع منصوب بحذف النون والواو فاعل وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع بدل من كتاب (عَلَيَّ) متعلقان بتعلوا (وَأْتُونِي) أمر وفاعله والنون للوقاية والياء مفعول به (مُسْلِمِينَ) حال والجملة معطوفة
أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
وحرف ( أنْ ) من قوله : { أن لا تعلوا عليّ } في موقعه غموض لأن الظاهر أنه مما شمله كتاب سليمان لوقوعه بعد البسملة التي هي مبدأ الكتاب . وهذا الحرف لا يخلو من كونه ( أن ) المصدرية الناصبة للمضارع ، أو المخففة من الثقيلة ، أو التفسيرية .
فأما معنى ( أَنْ ) المصدرية الناصبة للمضارع فلا يتضح لأنها تستدعي عاملاً يكون مصدرُها المنسبك بها معمولاً له وليس في الكلام ما يصلح لذلك لفظاً مطلقاً ولا معنى إلا بتعسف ، وقد جوزه ابن هشام في «مغني اللبيب» في بحث ( أَلاّ ) الذي هو حرف تحضيض وهو وجهة شيخنا محمد النجار رحمه الله بأن يُجعل { أن لا تعلوا } إلخ خبراً عن ضمير { كتاب } في قوله : { وإنه } فحيث كان مضمون الكتاب النهيَ عن العلو جُعل { أن لا تعلوا } نفسَ الكتاب كما يقع الإخبار بالمصدر . وهذا تكلف لأنه يقتضي الفصل بين أجزاء الكتاب بقوله : { بسم الله الرحمن الرحيم } .
وأما معنى المخففة من الثقيلة فكذلك لوجوب سدّ مصدر مسدّها وكونها معمولة لعامل ، وليس في الكلام ما يصلح لذلك أيضاً . وقد ذكر وجهاً ثالثاً في الآية في بعض نسخ «مغني اللبيب» في بحث ( أَلاَّ ) أيضاً ولم يوجد في النسخ الصحيحة من «المغني» ولا من «شروحه» ولعله من زيادات بعض الطلبة . وقد اقتصر في «الكشاف» على وجه التفسيرية لعلمه بأن غير ذلك لا ينبغي أن يفرض . وأعقبه بما روي من نسخة كتاب سليمان ليظهر أن ليس في كتاب سليمان ما يقابل حرف ( أنْ ) فلذلك تتعين ( أنْ ) لمعنى التفسيرية لضمير { وإنه } العائد إلى { كتاب } كما علمته آنفاً لأنه لما كان عائداً إلى { كتاب } كان بمعنى معاده فكان مما فيه معنى القول دون حروفه فصح وقع ( أَنْ ) بعده فيكون ( أَنْ ) من كلام ملكة سبأ فَسَّرَتْ بها وبما بعدها مضمون { كتاب } في قولها : { ألقى إلى كتاب كريم } .
و { ألا تعلوا عليّ } يكون هو أول كتاب سليمان ، وأنها حكاية لكلام بلقيس . قال في «الكشف» يتبين أن قوله : { إنه من سليمان } بيان لعنوان الكتاب وأن قوله : { وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } إلخ بيان لمضمون الكتاب فلا يرد سؤال كيف قدم قوله : { إنه من سليمان } على { إنه بسم الله الرحمن الرحيم } . ولم تزل نفسي غير منثلجة لهذه الوجوه في هذه الآية ويخطر ببالي أن موقع ( أَنْ ) هذه استعمال خاص في افتتاح الكلام يعتمد عليه المتكلم في أول كلامه .
وأنها المخففة من الثقيلة . وقد رأيتُ في بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم الافتتاح ب ( أنْ ) في ثاني خُطبة خطبها بالمدينة في «سيرة ابن إسحاق» . وذكر السهيلي : أَنَّ الحمدُ ، مضبوط بضمة على تقدير ضمير الأمر والشأن . ولكن كلامه جرى على أن حرف ( إن ) مكسور الهمزة مشدد النون . ويظهر لي أن الهمزة مفتوحة وأنه استعمال ل ( أنْ ) المخففة من الثقيلة في افتتاح الأمور المهمة وأن منه قوله تعالى : { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } [ يونس : 10 ] .
و { ألا تعلوا عليّ } نهي مستعمل في التهديد ولذلك أتبعته ملكة سبأ بقولها : { يأيها الملأ أفتوني في أمري } [ النمل : 32 ] .
المصدر : إعراب : ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين