
إعراب الآية 4 من سورة المؤمنون - إعراب القرآن الكريم - سورة المؤمنون : عدد الآيات 118 - - الصفحة 342 - الجزء 18.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) الذين معطوف على ما سبق وهم مبتدأ خبره فاعلون والجار والمجرور متعلقان به والجملة صلة
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ( 4 )
أصل الزكاة أنها اسم مصدر ( زكَّى ) المشدّد ، إذا طهَّرَ النفس من المذمات .
ثم أطلقت على إنفاق المال لوجه الله مجازاً لأن القصد من ذلك المال تزكية النفس أو لأن ذلك يزيد في مال المعطي .
فأطلق اسم المُسَبَّب على السبب .
وأصله قوله تعالى : { خُذْ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } [ التوبة : 103 ] ، وأطلقت على نفس المال المنفَق من إطلاق اسم المصدر على المفعول لأنه حاصل به وهو المتعين هنا بقرينة تعليقه ب { فاعلون } المقتضي أن الزكاة مفعول .
وأما المصدر فلا يكون مفعولاً به لفعل من مادة ( ف .
ع .
ل ) لأن صوغ الفعل من مادة ذلك المصدر يغني عن الإتيان بفعل مبْهم ونصببِ مصدره على المفعوليَّة به .
فلو قال أحد : فعلت مشياً ، إذا أراد أن يقول : مَشَيْتُ ، كان خارجاً عن تركيب العربية ولو كان مفيداً ، ولو قال أحد : فعلت ممَّا تريده ، لصح التركيب قال تعالى : { مَن فعلَ هذا بآلهتنا } [ الأنبياء : 59 ] ، أي هذا المشاهَد من الكَسْر والحطم ، أي هذا الحاصل بالمصدر .
وليس المراد المصدر لأنه لا يشار إليه ولا سيما بعد غَيْبَةِ فاعله .
والمراد بالفعل هنا الفعل المناسب لهذا المفعول وهو الإيتاء ، فهو كقوله { ويؤتون الزكاة } [ المائدة : 55 ] فلا حاجة إلى تقدير أداء الزكاة .
وإنما أوثر هنا الاسم الأعمّ وهو { فاعلون } لأن مادة ( ف ع ل ) مشتهرة في إسداء المعروف ، واشتق منها الفَعال بفتح الفاء ، قال محمد بن بشير الخارجي
: .
.
.
إن تنفق المال أو تكلَفْ مساعيَه
يَشْقُقْ عليك وتفعل دون ما فعلا .
.
.
وعلى هذا الاعتبار جاء ما نسب إلى أمية بن أبي الصلت
: .
.
.
المطعمون الطعام في السَّنَة الأز
مة والفاعلون للزكوات .
.
.
أنشده في «الكشاف» .
وفي نفسي من صحة نسبته تردد لأني أحسب استعمال الزكاة في معنى المال المبذول لوجه الله إلاّ من مصطلحات القرآن ، فلعل البيت مما نحل من الشعر على ألسنة الشعراء .
قال ابن قتيبة في كتاب «الشعر والشعراء» «وعلماؤنا لا يرون شعر أمية حجة على الكتاب» .
واللام على هذا الوجه لام التقوية لضعف العامل بالفرعيَّة وبالتأخير عن معموله .
وقال أبو مسلم والراغب : اللام للتعليل وجعلا الزكاة تزكية النفس .
ومعنى { فاعلون } فاعلون الأفعال الصالحات فحذف معمول { فاعلون } بدلالة علته عليه .
وفي «الكشاف» أن الزكاة هنا مصدر وهو فعل المزكي ، أي إعطاء الزكاة وهو الذي يحسن أن يتعلق ب { فاعلون } لأنه ما من مصدر إلاّ ويعبر عن معناه بمادة فَعَلَ فيقال للضارب : فَاعل الضرب ، وللقاتل : فاعل القتل .
وإنما حاول بذلك إقامة تفسير الآية فغلَّب جانب الصناعة اللفظية على جانب المعنى وجوّز الوجه الآخر على شرط تقدير مضاف ، وكلا الاعتبارين غير ملتزَم .
وعقب ذكر الصلاة بذكر الزكاة لكثرة التآخي بينهما في آيات القرآن ، وإنما فصل بينهما هنا بالإعراض عن اللغو للمناسبة التي سمعتَ آنفاً .
وهذا من آداب المعاملة مع طبقة أهل الخصاصة وهي ترجع إلى آداب التصرف في المال .
والقول في إعادة الموصول وتقديم المعمول كما تقدم آنفاً .
المصدر : إعراب : والذين هم للزكاة فاعلون