إعراب الآية 46 من سورة الإسراء - إعراب القرآن الكريم - سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - - الصفحة 286 - الجزء 15.
(وَجَعَلْنا) الواو عاطفة وماض وفاعله والجملة معطوفة (عَلى قُلُوبِهِمْ) متعلقان بجعلنا والهاء مضاف إليه (أَكِنَّةً) مفعول به (أَنْ) ناصبة (يَفْقَهُوهُ) مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل والمصدر المؤول في محل نصب مفعول لأجله أي خشية أن إلخ (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) معطوف على قلوبهم (وَإِذا) الواو عاطفة إذا ظرف يتضمن معنى الشرط (ذَكَرْتَ) ماض وفاعله والجملة مضاف إليه (رَبَّكَ) مفعول به والكاف مضاف إليه (فِي الْقُرْآنِ) متعلقان بذكرت (وَحْدَهُ) حال والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة (وَلَّوْا) ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والواو فاعل والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم (عَلى أَدْبارِهِمْ) متعلقان بولوا والهاء مضاف إليه (نُفُوراً) حال أو مفعوله لأجله.
{ وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفى ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا }
عطف جعل على جعل .
والتصريح بإعادة فعل الجعل يؤذن بأن هذا جعل آخر فيرجّح أن يكون جعل الحجاب المستور جعل الصرفة عن الإضرار ، ويكون هذا جعل عدم التدبر في القرآن خلقة في نفوسهم . والقول في نظم هذه الآية ومعانيها تقدم في نظيرها في سورة الأنعام .
لما كان الإخبار عنهم قبل هذا يقتضي أنهم لا يفقهون معاني القرآن تبع ذلك بأنهم يُعرضون عن فهم ما فيه خير لهم ، فإذا سمعوا ما يبطل إلهية أصنامهم فهموا ذلك فولوا على أدبارهم نفوراً ، أي زادهم ذلك الفهم ضلالاً كما حرمهم عدمُ الفهم هدياً ، فحالهم متناقض . فهم لا يسمعون ما يحق أن يسمع ، ويسمعون ما يَهْوَوْنَ أن يسمعوه ليزدادوا به كفراً .
ومعنى «ذكرت ربك وحده» ظاهره أنك ذكرته مقتصراً على ذكره ولم تذكر آلهتهم لأن { وحده } حال من { ربك } الذي هو مفعول { ذكرت }. ومعنى الحال الدلالة على وجود الوصف في الخارج ونفسسِ الأمر ، أي كان ذكرك له ، وهو موصوف بأنه وحده في وجود الذكر ، فيكون تولي المشركين على أدبارهم حينئذٍ من أجل الغضب من السكوت عن آلهتهم وعدم الاكتراث بها بناءً على أنهم يعلمون أنه ما سكت عن ذكر آلهتهم إلا لعدم الاعتراف بها . ولولا هذا التقدير لما كان لتوليهم على إدبارهم سبب ، لأن ذكر شيء لا يدل على إنكار غيره فإنهم قد يذكرون العُزى أو اللاتَ مثلاً ولا يذكرون غيرها من الأصنام لا يظن أن الذاكر للعزى منكر منَاةَ ، وفي هذا المعنى قوله تعالى : { وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } [ الزمر : 45 ].
ويحتمل أن المعنى : إذا ذكرت ربك بتوحيده بالإلهية وهو المناسب لنفورهم وتوليهم ، لأنهم إنما ينكرون انفراد الله تعالى بالإلهية ، فتكون دلالة { وحده } على هذا المعنى بمعونة المقام وفِعل { ذكرت }.
ولعل الحال الجائية من معمول أفعال القول والذكر ونحوهما تحتمل أن يكون وجودُها في الخارج ، وأن يكون في القول واللسان ، فيكون معنى «ذكرت ربك وحده» أنه موحد في ذِكرك وكلامك ، أي ذكرتَه موصوفاً بالوحدانية .
وتخصيص الذكر بالكون في القرآن لمناسبته الكلام على أحوال المشركين في استماع القرآن ، أو لأن القرآن مقصود منه التعليم والدعوة إلى الدين ، فخلو آياته عن ذكر آلهتهم مع ذكر اسم الله يفهم منه التعريض بأنها ليست بآلهة فمن ثم يغضبون كلما ورد ذكر الله ولم تذكر آلهتهم ، فكونه في القرآن هو القرينة على أنه أراد إنكار آلهتهم .
وقوله : { وحده } تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { أجئتنا لنعبد الله وحده } في [ الأعراف : 70 ].
والتولية : الرجوع من حيث أتى . وعلى أدبارهم تقدم القول فيه في قوله تعالى : { ولا ترتدوا على أدباركم } في سورة العقود [ المائدة : 21 ].
و { نفوراً } يجوز أن يكون جمع نافر مثل سُجود وشُهود . ووزن فُعول يطرد في جمع فاعل فيكون اسم الفاعل على صيغة المصدر فيكون نفوراً على هذا منصوباً على الحال من ضمير { ولوا } ، ويجوز جعله مصدراً منصوباً على المفعولية لأجله ، أي ولوا بسبب نفورهم من القرآن .
المصدر : إعراب : وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك