إعراب الآية 51 من سورة الزخرف - إعراب القرآن الكريم - سورة الزخرف : عدد الآيات 89 - - الصفحة 493 - الجزء 25.
(وَنادى) الواو حرف استئناف وماض (فِرْعَوْنُ) فاعله والجملة استئنافية لا محل لها (فِي قَوْمِهِ) متعلقان بالفعل (قالَ) ماض فاعله مستتر وجملة قال تفسيرية (يا قَوْمِ) منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة وجملة النداء مقول القول (أَلَيْسَ) الهمزة حرف استفهام وماض ناقص (لِي) جار ومجرور خبره المقدم (مُلْكُ) اسمه المؤخر (مِصْرَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف (وَهذِهِ) الواو حالية ومبتدأ (الْأَنْهارُ) بدل (تَجْرِي) مضارع فاعله مستتر والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية حالية (مِنْ تَحْتِي) متعلقان بالفعل (أَفَلا) الهمزة حرف استفهام والفاء استئنافية ولا نافية (تُبْصِرُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة مستأنفة لا محل لها.
وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51)
لما كُشف عنهم العذاب بدعوة موسى ، وأضمر فرعون وملؤه نكث الوعد الذي وعدوه موسى بأنهم يهتدون ، خشِي فرعون أن يتبع قومُه دعوةَ موسى ويؤمنوا برسالته فأعلن في قومه تذكيرهم بعظمة نفسه ليثبّتهم على طاعته ، ولئلا يُنقل إليهم ما سأله من موسى وما حصل من دَعوته بكشف العذاب وليحسبوا أن ارتفاع العذاب أمر اتفاقي إذ قومه لم يطلعوا على ما دار بينه وبين موسى من سؤال كشف العذاب .
والنداء : رفع الصوت ، وإسناده إلى فرعون مجاز عقلي ، لأنه الذي أمر بالنداء في قومه . وكان يتولى النداءَ بالأمور المهمة الصادرة عن الملوك والأمراءِ مُنادون يعيَّنون لذلك وربما نادوا في الأمور التي يراد عِلم الناس بها . ومن ذلك ما حكي في قوله تعالى في سورة يُوسف ( 70 ) { ثم أذَّنَ مؤذِّنٌ أيّتها العِير إنَّكم لسارقون } وقوله تعالى : { فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إنّ هؤلاء لشرذمةٌ قليلون وإنهم لنا لغائظون } [ الشعراء : 53 55 ] .
ووقع في المقامة الثلاثين للحريري : «فلما جلس كأنه ابنُ ماء السماء ، نَادى مُنادٍ من قِبَل الأحْماء ، وحُرْمَةِ ساسان أستاذِ الأُستَاذِين ، وقِدوة الشحّاذين ، لا عَقَد هذا العقدَ المبجّل ، في هذا اليوم الأغرِّ المحجّل ، إلا الذي جالَ وجاب ، وشَبّ في الكُدية وشاب» . فذلك نداء لإعلان العقد .
وجملة { قال } الخ مبيّنة لجملة { نادى } ، والمجاز العقلي في { قال } مثل الذي في { ونادى فرعون } .
وفرعون المحكي عنه في هذه القصة هو منفطاح الثاني .
فالأنهار : فروع النيل وتُرَعُه ، لأنها لعظمها جعل كل واحد منها مثل نهر فجمعت على أنهار وإنما هي لنهر واحد هو النيل . فإن كان مقر ملك فرعون هذا في مدينة منفيس فاسم الإشارة في قوله : { وهذه الأنهار } إشارة إلى تفاريع النيل التي تبتدىء قرب القاهرة فيتفرع النيل بها إلى فرعين عظيمين فرع دِمياط وفرع رَشيد ، وتعرف بالدّلتا . وأحسب أنه الذي كان يدعَى فرع تنيس لأن تنيس كانت في تلك الجهة وغَمرها البحر ، وله تفاريع أخرى صغيرة يسمى كل واحد منها تُرعة ، مثل ترعة الإسماعيلية ، وهنالك تفاريع أخرى تُدْعى الرياح . وإن كان مقر ملكه طيبة التي هي بقرب مدينة آبو اليومَ فالإشارة إلى جَداول النيل وفروعه المشهورة بين أهل المدينة كأنها مشاهدة لعيونهم .
ومعنى قوله : { تجري من تحتي } يحتمل أن يكون ادَّعى أنّ النيل يجري بأمره ، فيكون { من تحتي } كناية عن التسخير كقوله تعالى : { كانتا تَحتَ عبدين من عبادنا صالحين } [ التحريم : 10 ] أي كانتا في عصمتهما . ويقول النّاس : دخلت البلدةُ الفلانية تحت الملك فلان ، ويحتمل أنه أراد أن النيل يجري في مملكته من بلاد أصوان إلى البحر فيكون في { تحتي } استعارة للتمكن من تصاريف النيل كالاستعارة في قوله تعالى : { قد جعل ربّك تَحْتَككِ سريًّا } [ مريم : 24 ] على تفسير ( سرياً ) بنهر ، وكان مثل هذا الكلام يروج على الدهماء لسذاجة عقولهم . ويجوز أن يكون المراد بالأنهار مصبّ المياه التي كانت تسقي المدينة والبساتين التي حولها وأن توزيع المياه كان بأمره في سِدادٍ وخَزَّانات ، فهو يهوّل عليهم بأنه إذا شاء قَطَعَ عنهم الماء على نحو قول يوسف { ألا ترون أني أُوفي الكيل وأنا خير المُنْزِلين } [ يوسف : 59 ] فيكون معنى { من تحتي } من تحت أمري أي لا تجري إلا بأمري ، وقد قيل : كانت الأنهار تجري تحت قصره .
والاستفهام في { أفلا تبصرون } تقريري جاء التقرير على النفي تحقيقاً لإقرارهم حتى أن المقرر يفرض لهم الإنكار فلا ينكرون .
المصدر : إعراب : ونادى فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار