القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 53 سورة الإسراء - وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم إن الشيطان

سورة الإسراء الآية رقم 53 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 53 من سورة الإسراء - إعراب القرآن الكريم - سورة الإسراء : عدد الآيات 111 - - الصفحة 287 - الجزء 15.

﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ يَنزَغُ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٗا مُّبِينٗا ﴾
[ الإسراء: 53]

﴿ إعراب: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم إن الشيطان ﴾


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 53 - سورة الإسراء

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

لما أعقب ما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بتبليغه إلى المشركين من أقوال تعظهم وتنهنههم من قوله تعالى : { قل لو كان معه آلهة كما تقولون } [ الإسراء : 42 ] وقوله : قل كونوا حجارة [ الإسراء : 50 ] وقوله : { قل عسى أن يكون قريباً } [ الإسراء : 51 ] ثني العنان إلى الأمر بإبلاغ المؤمنين تأديباً ينفعهم في هذا المقام على عادة القرآن في تلوين الأغراض وتعقيب بعضها ببعض أضدادها استقصاء لأصناف الهدى ومختلف أساليبه ونفع مختلف الناس .

ولما كان ما سبق من حكاية أقوال المشركين تنبىء عن ضلال اعتقادٍ نقل الكلام إلى أمر المؤمنين بأن يقولوا أقوالاً تعرب عن حسن النية وعن نفوس زكية . وأوتوا في ذلك كلمة جامعة وهي يقولوا التي هي أحسن }.

و { التي هي أحسن } صفة لمحذوف يدل عليه فعل { يقولوا }. تقديره : بالتي هي أحسن . وليس المراد مقالة واحدة .

واسم التفضيل مستعمل في قوة الحسن . ونظيره قوله : { وجادلهم بالتي هي أحسن } [ النحل : 125 ] ، أي بالمجادلات التي هي بالغة الغاية في الحسن ، فإن المجادلة لا تكون بكلمة واحدة .

فهذه الآية شديدة الاتصال بالتي قبلها وليست بحاجة إلى تطلب سبب لنزولها . وهذا تأديب عظيم في مراقبة اللسان وما يصدر منه . وفي الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل : أن النبي أمره بأعماللٍ تدخله الجنة ثم قال له : ألا أخبرك بمِلاك ذلك كله؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه وقال : كُفّ عليك هذا . قال : قلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال : ثكلتك أمك وهل يَكُبّ الناسَ في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم .

والمقصد الأهم من هذا التأديب تأديب الأمة في معاملة بعضهم بعضاً بحسن المعاملة وإلانةِ القول ، لأن القول ينم عن المقاصد ، بقرينة قوله : { إن الشيطان ينزغ بينهم }. ثم تأديبهم في مجادلة المشركين اجتناباً لما تثيره المشادة والغلظة من ازدياد مكابرة المشركين وتصلبهم فذلك من نزغ الشيطان بينهم وبين عدوهم ، قال تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } [ فصّلت : 34 ]. والمسلمون في مكة يومئذٍ طائفة قليلة وقد صرف الله عنهم ضر أعدائهم بتصاريف من لطفه ليكونوا آمنين ، فأمرهم أن لا يكونوا سبباً في إفساد تلك الحالة .

والمراد بقوله : { لعبادي } المؤمنون كما هو المعروف من اصطلاح القرآن في هذا العنوان . وروي أن قول التي هي أحسن أن يقولوا للمشركين : يهديكم الله ، يرحمكم الله ، أي بالإيمان . وعن الكلبي : كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل ، فشكَوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية .

وجزم { يقولوا } على حذف لام الأمر وهو وارد كثيراً بعد الأمر بالقول ، ولك أن تجعل { يقولوا } جواباً منصوباً في جواب الأمر مع حذف مفعول القول لدلالة الجواب عليه .

والتقدير : قل لهم : قُولوا التي هي أحسن يَقولوا ذلك . فيكون كناية على أن الامتثال شأنهم فإذا أمروا امتثلوا . وقد تقدم نظيره في قوله : { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } في سورة [ إبراهيم : 31 ].

والنزغ : أصله الطعن السريع ، واستعمل هنا في الإفساد السريع الأثر . وتقدم في قوله تعالى : { من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي } في سورة [ يوسف : 100 ].

وجملة { إن الشيطان ينزغ بينهم } تعليل للأمر بقول التي هي أحسن . والمقصود من التعليل أن لا يستخفوا بفاسد الأقوال فإنها تثير مفاسد من عمل الشيطان .

ولما كان ضمير { بينهم } عائداً إلى عبادي كان المعنى التحذير من إلقاء الشيطان العداوة بين المؤمنين تحقيقاً لمقصد الشريعة من بث الأخوة الإسلامية .

روى الواحدي : أن عمر بن الخطاب شتمه أعرابي من المُشركين فشتمه عمر وهَمّ بقتله فكاد أن يُثير فتنةً فنزلتْ هذه الآية . وأيّا ما كان سبب النزول فهو لا يقيد إطلاق صيغة الأمر للمسلمين بأن يقولوا التي أحسن في كل حال .

وجملة { إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا } تعليل لجملة { ينزغ بينهم } ، وعلةُ العلة علة .

وذكر ( كان ) للدلالة على أن صفة العداوة أمر مستقر في خلقته قد جبل عليْه . وعداوته للإنسان متقررة من وقت نشأة آدم عليه الصلاة والسلام وأنه يسول للمسلمين أن يغلِظوا على الكفار بوهمهم أن ذلك نصر للدين ليوقعهم في الفتنة ، فإن أعظم كيد الشيطان أن يوقع المؤمن في الشر وهو يوهمه أنه يعمل خيراً .

قراءة سورة الإسراء

المصدر : إعراب : وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينـزغ بينهم إن الشيطان