إعراب الآية 63 من سورة الأعراف - إعراب القرآن الكريم - سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - - الصفحة 158 - الجزء 8.
(أَوَعَجِبْتُمْ) فعل ماض مبني على السكون، والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل، والميم علامة جمع الذكور، والواو عاطفة والهمزة للاستفهام، والجملة معطوفة على جملة مقدرة أكذبتم وعجبتم..
(أَنْ) حرف مصدري ونصب.
(جاءَكُمْ) فعل ماض والكاف مفعول به، والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف الجر أو عجبتم لمجيء رجل منكم؟ (ذِكْرٌ) فاعل جاءكم (مِنْ رَبِّكُمْ) متعلقان بالفعل جاءكم.
(عَلى رَجُلٍ) متعلقان بمحذوف صفة لذكر (مِنْكُمْ) متعلقان بمحذوف صفة لرجل.
(لِيُنْذِرَكُمْ) فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل والكاف مفعوله، والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل جاء (وَلِتَتَّقُوا) مضارع منصوب بأن المضمرة وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والمصدر المؤول معطوف على المصدر قبله للإنذار والتقوى.
(وَلَعَلَّكُمْ) حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها، والميم لجمع الذكور (تُرْحَمُونَ) فعل مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، والجملة في محل رفع خبر، وجملة لعلكم ترحمون تعليلية لا محل لها من الإعراب.
وانتقَل إلى كشف الخطأ في شبهتهم فعطف على كلامه قولَه : { أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم } مفتتحاً الجملةَ بالاستفهام الإنكاري بعد واو العطف ، وهذا مشعر بأنّهم أحالوا أن يكون رسولاً ، مستدلّين بأنّه بشر مثلهم ، كما وقعت حكايته في آية أخرى { ما هذا إلاّ بشر مثلكم يريد أن يتفضّل عليكم } [ المؤمنون : 24 ].
واختير الاستفهام دون أن يقول : لا عَجب ، إشارة إلى أنّ احتمال وقوع ذلك منهم ممّا يتردّد فيه ظن العاقل بالعقلاء . فقولهّ : { أو عجبتم } بمنزلة المنع لقضية قولهم : { إنا لَنَراك في ضلاللٍ مبين } [ الأعراف : 60 ] لأنّ قولهم ذلك بمنزلة مقدمةِ دليل على بطلان ما يدعوهم إليه .
وحقيقة العَجَب أنّه انفعال نفساني يحصل عند إدراك شيء غير مألوففٍ ، وقد يكون العجب مشوباً بإنكار الشّيء المتعجب منه واستبعاده واحالته ، كما في قوله تعالى : { بل عَجِبُوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أإذا مِتْنَا وكُنَّا تراباً ذلك رَجْع بعيد } [ ق : 2 ، 3 ] وقد اجتمع المعنيان في قوله تعالى : { وإنْ تَعْجَب فَعَجَبٌ قولهم أإذا كنا تراباً إنَّا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربّهم } [ الرعد : 5 ] والذي في هذه الآية كناية عن الإنكار كما في قوله تعالى : { قالوا أتَعْجَبين من أمر الله } [ هود : 73 ] أنكروا عليها أنّها عدت ولادتها ولَدا ، وهي عَجوز ، مُحالاً .
وتنكير { ذِكْرٌ } و { رَجُلٍ } للنّوعية إذ لا خصوصية لذِكْر دون ذِكْر ولا لِرَجُل دون رَجل ، فإنّ النّاس سواء ، والذّكْر سواء في قبوله لمن وفقه الله ورده لمن حُرم التّوفيقَ ، أي هذا الحدث الذي عظمتموه وضجِجتم له ما هو إلاّ ذِكْر من ربّكم على رَجُل منكم . ووصْفُ { رجل } بأنّه منهم ، أي من جنسهم البشري فضحٌ لشبهتهم ، ومع ما في هذا الكلام من فضح شبهتهم فيه أيضاً ردّ لها بأنّهم أحقاء بأن يكون ما جعلوه موجب استِبْعاد واستحالة هو موجب القبول والإيمان ، إذ الشأن أن ينظروا في الذّكر الذي جاءهم من ربّهم وأن لا يسرعوا إلى تكذيب الجائي به ، وأن يعلموا أن كونَ المُذَكِّر رجلاً منهم أقربُ إلى التّعقّل من كون مُذكِّرِهم من جنس آخر من مَلَك أو جِنِّي ، فكان هذا الكلام من جوامع الكلم في إبطال دعوى الخصم والاستدلال لصدق دعوى المجادل ، وهو يتنزّل منزلة سَنَد المنع في علم الجدل .
ومعنى ( على ) من قوله { على رجل منكم } يشعر بأنّ { جاءكم } ضُمّن معنى نَزل : أي نزل ذكر من ربّكم على رجل منكم ، وهذا مختار ابن عطيّة ، وعن الفرّاء أنّ ( على ) بمعنى مع .
والمجرور في قوله : { لينذركم } ظرف مستقر في موضع الحال من رجل ، أو هو ظرف لَغو متعلّق بقوله : { جاءكم } وهو زيادة في تشويه خَطَئهم إذ جعلوا ذلك ضلالاً مبيناً ، وإنّما هو هدى واضح لفائدتكم بتحذيركم من العقوبة ، وإرشادكم إلى تقوى الله ، وتقريبكم من رحمته .
وقد رُتّبت الجمل على ترتيب حصول مضمونها في الوجود ، فإنّ الإنذار مقدّم لأنّه حَمْلٌ على الإقلاع عمّا هم عليه من الشّرك أو الوثنية ، ثمّ يحصل بعده العمل الصّالح فتُرجى منه الرّحمة .
والإنذار تقدّم عند قوله تعالى : { إنَّا أرسلناك بالحقّ بشيراً ونَذيراً } في سورة البقرة ( 119 ).
والتّقوى تقدّم عند قوله تعالى : { هدى للمتّقين } في أوّل سورة البقرة ( 2 ).
ومعنى ( لعلّ ) تقدّم في قوله تعالى : { لعلّكم تتّقون } في سورة البقرة ( 21 ).
والرّحمة تقدّمت عند قوله تعالى : { الرحمن الرّحيم } في سورة الفاتحة ( 3 ).
المصدر : إعراب : أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا