إعراب الآية 76 من سورة النحل - إعراب القرآن الكريم - سورة النحل : عدد الآيات 128 - - الصفحة 275 - الجزء 14.
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا) سبق إعرابها والجملة معطوفة (رَجُلَيْنِ) بدل من مثلا (أَحَدُهُما أَبْكَمُ) مبتدأ وخبر والهاء مضاف إليه والجملة صفة لرجلين (لا يَقْدِرُ) لا نافية ويقدر مضارع فاعله مستتر (عَلى شَيْءٍ) متعلقان بيقدر والجملة صفة لأبكم (وَهُوَ كَلٌّ) الواو حالية ومبتدأ وخبر والجملة حالية (عَلى مَوْلاهُ) على حرف جر مولى اسم مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر والهاء مضاف إليه متعلقان بكل (أَيْنَما) اسم شرط غير جازم ظرف مكان متعلق بما بعده (يُوَجِّهْهُ) مضارع والهاء مفعول به وفاعله مستتر والجملة فس محل جر بالإضافة (لا يَأْتِ) لا نافية يأت مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والجملة لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط لم يقترن بالفاء (بِخَيْرٍ) متعلقان بيأت (هَلْ) حرف استفهام (يَسْتَوِي) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل وفاعله مستتر (هُوَ) توكيد للفاعل (وَمَنْ) اسم موصول معطوف على الضمير المستتر في يستوي (يَأْمُرُ) مضارع فاعله مستتر والجملة صلة (بِالْعَدْلِ) متعلقان بيأمر (وَهُوَ) الواو حالية هو مبتدأ (عَلى صِراطٍ) متعلقان بالخبر (مُسْتَقِيمٍ) صفة لصراط والجملة حالية
هذا تمثيل ثاننٍ للحالتين بحالتين باختلاف وجه الشبّه . فاعتبر هنا المعنى الحاصل من حال الأبكم ، وهو العجز عن الإدراك ، وعن العمل ، وتعذّر الفائدة منه في سائر أحواله؛ والمعنى الحاصل من حال الرجل الكامل العقل والنّطق في إدراكه الخيرَ وهديه إليه وإتقاننِ عمله وعمل من يهديه ، ضربه الله مثلاً لكماله وإرشاده الناس إلى الحقّ ، ومثلاً للأصنام الجامدة التي لا تنفع ولا تضرّ .
وقد قرن في التمثيل هنا حال الرجلين ابتداء ، ثم فصل في آخر الكلام مع ذكر عدم التّسوية بينهما بأسلوب من نظم الكلام بديع الإيجاز ، إذ حذف من صدر التمثيل ذكر الرجل الثاني للاقتصار على ذكره في استنتاج عدم التسوية تفنّناً في المخالفة بين أسلوب هذا التمثيل وأسلوب سابقه الذي في قوله تعالى : { ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً } [ سورة النحل : 75 ]. ومثْل هذا التفنّن من مقاصد البلغاء كراهية للتكرير لأن تكرير الأسلوب بمنزلة تكرير الألفاظ .
والأبكم : الموصوف بالبَكم بفتح الباء والكاف وهو الخَرَس في أصل الخلقة من وقت الولادة بحيث لا يفهم ولا يُفهم . وزيد في وصفه أنه زَمِنٌ لا يقدر على شيء . وتقدّم عند قوله تعالى : { صم بكم عمي } في أول سورة البقرة ( 18 ).
والكَلّ بفتح الكاف العالَة على الناس . وفي الحديث مَن تَرَك كَلاّ فعلينا ، أي من ترك عِيالاً فنحن نكفلهم . وأصل الكلّ : الثّقَل . ونشأت عنه معاننٍ مجازية اشتهرت فساوت الحقيقة .
والمولى : الذي يلي أمر غيره . والمعنى : هو عالة على كافله لا يدبّر أمر نفسه . وتقدّم عند قوله تعالى : { بل الله مولاكم } في سورة آل عمران ( 15 ) ، وقوله تعالى : { وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ } في سورة يونس ( 30 ).
ثم زاد وصفه بقلّة الجدوى بقوله تعالى : { أينما يوجّهه } ، أي مولاه في عمل ليعمله أو يأتي به لا يأتتِ بخير ، أي لا يهتدي إلى ما وجّه إليه ، لأن الخير هو ما فيه تحصيل الغرض من الفعل ونفعه .
ودلّت صلة { يأمر بالعدل } على أنه حكيم عالم بالحقائق ناصح للناس يأمرهم بالعدل لأنه لا يأمر بذلك إلا وقد علمه وتبصّر فيه .
والعدل : الحقّ والصواب الموافق للواقع .
والصراط المستقيم : المحجّة التي لا التواء فيها . وأطلق هنا على العمل الصالح ، لأن العمل يشبّه بالسيرة والسلوك فإذا كان صالحاً كان كالسلوك في طريق موصلة للمقصود واضحة فهو لا يستوي مع من لا يعرف هدى ولا يستطيع إرشاداً ، بل هو محتاج إلى من يكفله .
فالأول مثَل الأصنام الجامدة التي لا تفقه وهي محتاجة إلى من يحرسها وينفض عنها الغبار والوسخ ، والثاني مثل لكماله تعالى في ذاته وإفاضته الخير على عباده .
المصدر : إعراب : وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل