﴿ فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
فهؤلاء سادات الناس وفضلائهم، فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ أيها الكفرة الأنذال ناقصو العقول والأحلام سِخْرِيًّا تهزءون بهم وتحتقرونهم، حتى اشتغلتم بذلك السفه. حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ وهذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر، اشتغالهم بالاستهزاء بهم، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء، فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجراءة جراءة؟!
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا ... هو محط التعليل، أى: فكان حالكم معهم أنكم سخرتم واستهزأتم بهم.حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي أى: فاتخذتموهم سخريا، وداومتم على ذلك، وشغلكم هذا الاستهزاء، حتى أنسوكم- لكثرة انهماككم في السخرية بهم- تذكر عقابي لكم في هذا اليوم، وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ في الدنيا، وتتغامزون عند ما ترونهم استخفافا بهم.فلهذه الأسباب، اخسئوا في النار ولا تكلمون، أما هؤلاء المؤمنون الذين كنتم تستهزءون بهم في الدنيا.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( فاتخذتموهم سخريا ) قرأ أهل المدينة وحمزة والكسائي : " سخريا " بضم السين هاهنا وفي سورة ص ، وقرأ الباقون بكسرهما ، واتفقوا على الضم في سورة الزخرف . قال الخليل : هما لغتان مثل قولهم : بحر لجي ، ولجي بضم اللام وكسرها ، مثل كوكب دري ودري ، قال الفراء والكسائي : الكسر بمعنى الاستهزاء بالقول ، والضم بمعنى التسخير والاستعباد بالفعل ، واتفقوا في سورة الزخرف بأنه بمعنى التسخير ، ( حتى أنسوكم ) أي : أنساكم اشتغالكم بالاستهزاء بهم وتسخيرهم ، ( ذكري وكنتم منهم تضحكون ) نظيره : " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون " ( المطففين - 29 ) قال مقاتل : نزلت في بلال وعمار وخباب وصهيب وسلمان والفقراء من الصحابة ، كان كفار قريش يستهزئون بهم .