يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بشرعه، خافوا الله حق خوفه: وذلك بأن يطاع فلا يُعصى، ويُشكَر فلا يكفر، ويُذكَر فلا ينسى، وداوموا على تمسككم بإسلامكم إلى آخر حياتكم؛ لتلقوا الله وأنتم عليه.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) بأن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى فقالوا يا رسول الله ومن يقوى على هذا فنسخ بقوله تعالى "" فاتقوا الله ما استطتعم "" (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) موحدون.
﴿ تفسير السعدي ﴾
هذا أمر من الله لعباده المؤمنين أن يتقوه حق تقواه، وأن يستمروا على ذلك ويثبتوا عليه ويستقيموا إلى الممات، فإن من عاش على شيء مات عليه، فمن كان في حال صحته ونشاطه وإمكانه مداوما لتقوى ربه وطاعته، منيبا إليه على الدوام، ثبته الله عند موته ورزقه حسن الخاتمة، وتقوى الله حق تقواه كما قال ابن مسعود: وهو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وهذه الآية بيان لما يستحقه تعالى من التقوى، وأما ما يجب على العبد منها، فكما قال تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم وتفاصيل التقوى المتعلقة بالقلب والجوارح كثيرة جدا، يجمعها فعل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه،
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) قال مقاتل بن حيان : كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية وقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فأصلح بينهم فافتخر بعده منهم رجلان : ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج ، فقال الأوسي : منا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، ومنا حنظلة غسيل الملائكة ، ومنا عاصم بن ثابت بن أفلح حمي الدبر ، ومنا سعد بن معاذ الذي اهتز [ لموته ] عرش الرحمن ورضي الله بحكمه في بني قريظة .وقال الخزرجي : منا أربعة أحكموا القرآن : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، ومنا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم ، فجرى الحديث بينهما فغضبا وأنشدا الأشعار وتفاخرا ، فجاء الأوس والخزرج ومعهم السلاح فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) .وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس : هو أن يطاع فلا يعصى ، قال مجاهد : أن تجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ولا تأخذكم في الله لومة لائم وتقوموا لله بالقسط ولو على أنفسكم وآبائكم وأبنائكم . وعن أنس أنه قال : لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه .قال أهل التفسير : فلما نزلت هذه الآية شق ذلك عليهم ، فقالوا : يا رسول الله ومن يقوى على هذا؟ فأنزل الله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " ( التغابن 16 ) فنسخت هذه الآية وقال مقاتل : ليس في آل عمران من المنسوخ إلا هذا . .( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي : مؤمنون ، وقيل مخلصون مفوضون أموركم إلى الله عز وجل وقال الفضيل : محسنون الظن بالله .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو بكر العبدوسي ، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد ، أخبرنا سليمان بن سيف ، أخبرنا وهب بن جرير ، أنا شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم ، فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره " ؟ .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم أمر الله- تعالى- المؤمنين بمجامع الطاعات ومعاقد الخيرات، فقال- تعالى- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.وقوله حَقَّ تُقاتِهِ التقاة مصدر وهو من باب إضافة الصفة إلى موصوفها إذ الأصل: اتقوا الله التقاة الحق. أى: الثابتة، كقولك ضربت زيدا أشد الضرب تريد الضرب الشديد وقيل التقاة اسم مصدر من اتقى كالتؤدة من اتأد.والمعنى: بالغو أيها المؤمنون في التمسك بتقوى الله ومراقبته وخشيته حتى لا تتركوا منها شيئا ولا تكونن على ملة سوى ملة الإسلام إذا أدرككم الموت، وإنما عليكم أن تستمروا على دينكم القويم حتى يأتيكم الأجل الذي لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون.وقد ساق ابن كثير بعض الآثار التي وردت عن بعض السلف في تفسير هذه الآية الكريمة فمن ذلك ما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال في معنى الآية اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ: أن يطاع فلا يعصى. وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر» .وروى عن أنس أنه قال: لا يتقى الله العبد حق تقاته حتى يخزن لسانه.وقوله وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ هو نهى في الصورة عن موتهم إلا على هذه الحالة.والمراد دوامهم على الإسلام وذلك أن الموت لا بد منه فكأنه قيل: دوموا على الإسلام إلى أن يدرككم الموت فتموتوا على هذه الملة السمحاء وهي ملة الإسلام، لكي تفوزوا برضا الله وحسن ثوابه.والجملة الكريمة في محل نصب على الحال من ضمير الجماعة في اتَّقُوا.والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال: أى لا تموتن على حالة من الأحوال إلا على هذه الحالة الحسنة التي هي حالة المداومة على التمسك بالإسلام وتعاليمه وآدابه.وقال صاحب الكشاف: قوله وَلا تَمُوتُنَّ معناه ولا تكونن على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت، وذلك كأن تقول لمن تستعين به على لقاء العدو: لا تأتنى إلا وأنت على حصان، فأنت لا تنهاه عن الإتيان ولكنك تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإتيان» .
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان وشعبة ، عن زبيد اليامي ، عن مرة ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - ( اتقوا الله حق تقاته ) قال : أن يطاع فلا يعصى ، وأن يذكر فلا ينسى ، وأن يشكر فلا يكفر .وهذا إسناد صحيح موقوف ، [ وقد تابع مرة عليه عمرو بن ميمون عن ابن مسعود ] .وقد رواه ابن مردويه من حديث يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن سفيان الثوري ، عن زبيد ، عن مرة ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( اتقوا الله حق تقاته ) أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى " .وكذا رواه الحاكم في مستدركه ، من حديث مسعر ، عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود ، مرفوعا فذكره . ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . كذا قال . والأظهر أنه موقوف والله أعلم .ثم قال ابن أبي حاتم : وروي نحوه عن مرة الهمداني ، والربيع بن خثيم ، وعمرو بن ميمون ، وإبراهيم النخعي ، وطاوس ، ، والحسن وقتادة ، وأبي سنان ، والسدي ، نحو ذلك .[ وروي عن أنس أنه قال : لا يتقي العبد الله حق تقاته حتى يخزن من لسانه ] .وقد ذهب سعيد بن جبير ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان ، وزيد بن أسلم ، والسدي وغيرهم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) [ التغابن : 16 ] .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : ( اتقوا الله حق تقاته ) قال : لم تنسخ ، ولكن ( حق تقاته ) أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم .وقوله : ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي : حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه ، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه ، فعياذا بالله من خلاف ذلك .قال الإمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا شعبة قال : سمعت سليمان ، عن مجاهد ، أن الناس كانوا يطوفون بالبيت ، وابن عباس جالس معه محجن ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ولو أن قطرة من الزقوم قطرت لأمرت على أهل الأرض عيشتهم فكيف بمن ليس له طعام إلا الزقوم " .وهكذا رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، من طرق عن شعبة ، به . وقال الترمذي : حسن صحيح . وقال الحاكم : على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه .وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ، فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه " .وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل " . ورواه مسلم من طريق الأعمش ، به .وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا [ أبو ] يونس ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله قال : أنا عند ظن عبدي بي ، فإن ظن بي خيرا فله ، وإن ظن شرا فله " .وأصل هذا الحديث ثابت في الصحيحين من وجه آخر ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله [ عز وجل ] أنا عند ظن عبدي بي " .وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن عبد الملك القرشي ، حدثنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت - وأحسبه - عن أنس قال : كان رجل من الأنصار مريضا ، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فوافقه في السوق فسلم عليه ، فقال له : " كيف أنت يا فلان ؟ " قال بخير يا رسول الله ، أرجو الله ، وأخاف ذنوبي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف " .ثم قال : لا نعلم رواه عن ثابت غير جعفر بن سليمان . وهكذا رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من حديثه ، ثم قال الترمذي : غريب . وقد رواه بعضهم عن ثابت مرسلا .فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن حكيم بن حزام قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا أخر إلا قائما . ورواه النسائي في سننه عن إسماعيل بن مسعود ، عن خالد بن الحارث ، عن شعبة ، به ، وترجم عليه فقال : ( باب كيف يخر للسجود ) ثم ساقه مثله فقيل : معناه : على ألا أموت إلا مسلما ، وقيل : معناه : [ على ] ألا أقتل إلا مقبلا غير مدبر ، وهو يرجع إلى الأول .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمونفيه مسألة واحدة :روى البخاري عن مرة عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر . وقال ابن عباس : هو ألا يعصى طرفة عين . وذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، من يقوى على هذا ؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجل : فاتقوا الله ما استطعتم فنسخت هذه الآية ; عن قتادة والربيع وابن زيد . قال مقاتل : وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية . وقيل : إن قوله فاتقوا الله ما استطعتم بيان لهذه الآية . والمعنى : فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم ، وهذا أصوب ; لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أولى . وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته لم تنسخ ، ولكن حق تقاته أن يجاهد في سبيل الله حق جهاده ، ولا تأخذكم في الله لومة لائم ، وتقوموا بالقسط ولو على أنفسكم وأبنائكم . قال النحاس : وكلما ذكر في الآية واجب على المسلمين أن يستعملوه ولا يقع فيه نسخ . وقد مضى في البقرة معنى قوله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر من صدّق الله ورسوله =" اتقوا الله "، خافوا الله ورَاقبوه بطاعته واجتناب معاصيه =" حقّ تُقاته "، حقّ خوفه، (12) وهو أن يُطاع فلا يُعصى، ويُشكر فلا يكفر، ويُذكر فلا يُنسى = " ولا تموتن "، أيها المؤمنون بالله ورسوله =" إلا وأنتم مسلمون " لربكم، مذعنون له بالطاعة. مخلصون له الألوهةَ والعبادة. (13)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك:7536- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان = وحدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري = عن زبيد، عن مُرّة، عن عبد الله: " اتقوا الله حق تقاته "، قال: أن يطاع فلا يُعصي، ويُذكر فلا يُنسى، ويشكر فلا يُكفر. (14)7537- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن زبيد، عن مرة الهمداني، عن عبد الله مثله.7538- حدثنا ابن المثني قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن زبيد، عن مرة الهمداني، عن عبد الله مثله.7539- حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال، سمعت ليثًا، عن زبيد، عن مرة بن شراحيل البَكيليّ، عن عبد الله بن مسعود، مثله. (15)7540- حدثني المثني قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا جرير، عن زبيد، عن عبد الله، مثله.7541- حدثني المثني قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا مسعر، عن زبيد، عن مرة ، عن عبد الله، مثله.7542- حدثني المثني قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن المسعودي، عن زبيد الأيامي، عن مرة ، عن عبد الله، مثله.7543- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله، مثله.7544- حدثنا محمد بن سنان قال، حدثنا يحيى، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون: " اتقوا الله حق تقاته "، قال: أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى. (16)7545- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون، نحوه.7546- حدثنا ابن المثني قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا شعبة قال، حدثنا عمرو بن مرة، عن مرة، عن الربيع بن خُثَيم قال: أن يطاع فلا يعصى، ويُشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى.7547- حدثنا المثني قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال، سمعت مرة الهمداني يحدث، عن الربيع بن خُثيم في قول الله عز وجل: " اتقوا الله حق تقاته "، فذكره نحوه. (17)7548- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن قيس بن سعد، عن طاوس: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته "، أن يطاع فلا يُعصى.7549- حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر الحنفي قال، حدثنا عباد، عن الحسن في قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تُقاته "، قال: " حق تقاته "، أن يطاع فلا يُعصى.7550- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ثم تقدم إليهم -يعني إلى المؤمنين من الأنصار-. فقال: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، أما " حق تقاته "، يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا يُنسى، ويشكر فلا يُكفر.7551- حدثني المثني قال، حدثنا حجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته "، أن يطاع فلا يعصى، قال: " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ".* * *وقال آخرون: بل تأويل ذلك، كما:-7552- حدثني به المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " اتقوا الله حق تقاته "، قال: " حق تقاته "، أن يجاهدوا في الله حق جهاده، ولا يأخذهم في الله لومةُ لائم، ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم. (18)* * *ثم اختلف أهل التأويل في هذه الآية: هل هي منسوخة أم لا؟فقال بعضهم: هي محكمة غيرُ منسوخة.*ذكر من قال ذلك:7553- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي، عن ابن عباس قوله: " اتقوا الله حق تقاته " أنها لم تنسخ، ولكن " حق تقاته "، أن تجاهدَ في الله حق جهاده = ثم ذكر تأويله الذي ذكرناه عنه آنفًا. (19)7554- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن قيس بن سعد، عن طاوس: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته "، فإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا، فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.7555- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال طاوس قوله: " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، يقول: إن لم تتقوه فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.* * *وقال آخرون: هي منسوخة، نسخها قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [سورة التغابن: 16].*ذكر من قال ذلك:7556- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، ثم أنزل التخفيف واليسر، وعاد بعائدته ورحمته على ما يعلم من ضعف خلقه فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، فجاءت هذه الآية، فيها تخفيفٌ وعافيةٌ ويُسر.7557- حدثني المثني قال، حدثنا الحجاج بن المنهال الأنماطي قال، حدثنا همام، عن قتادة: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، قال: نسختها هذه الآية التي في" التغابن ": فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطاعوا.7558- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس قال: لما نزلت: " اتقوا الله حق تقاته "، ثم نزل بعدها: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، فنسخت هذه الآية التي في"آل عمران ".7559- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، فلم يطق الناسُ هذا، فنسخه الله عنهم ، فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ7560- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته "، قال: جاء أمر شديد! قالوا: ومن يعرف قدر هذا أو يبلغه؟ فلما عرف أنه قد اشتد ذلك عليهم، نسخها عنهم، وجاء بهذه الأخرى فقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فنسخها. (20)* * *وأما قوله: " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، فإن تأويله كما:-7561- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن قيس بن سعد، عن طاوس: " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون "، قال: على الإسلام، وعلى حُرْمة الإسلام. (21)--------------------الهوامش :(12) انظر القول في بيان"تقاة" فيما سلف 6 : 313 - 317.(13) في المطبوعة: "الألوهية" ، وهي صواب ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهي صواب أيضا بمعناها ، ولكن هكذا يكتبها أبو جعفر ، وانظر ما سلف 6 : 275 ، تعليق: 2.(14) الأثر: 7537- والآثار التي تليه أسانيد مختلفة لهذا الأثر. وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي نعيم ، عن مسعر ، وهو الأثر رقم: 7541 ، وليس فيه"ويشكر فلا يكفر" ، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي.(15) الأثر: 7539- في المطبوعة: "مرة بن شراحيل الهمداني". غير ما في المخطوطة ، وكلاهما صحيح وصواب ، وانظر الأثر رقم: 2521 ، والتعليق عليه.(16) الأثر: 7544-"يحيى" هو: "يحيى بن أبي بكير الأسدي" مضى في رقم: 5797 ، "وسفيان" هو الثوري ، و"أبو إسحاق" هو: أبو إسحاق السبيعي ، وكان في المخطوطة والمطبوعة: "حدثنا يحيى بن سفيان" ، وليس في الرواة من يسمى بهذا ، والصواب ما أثبته.(17) الأثران: 7546 ، 7547 -"الربيع بن خثيم الثوري" مضت ترجمته في رقم: 1430 ، وكان في المطبوعة"بن خيثم" ، وهو خطأ مضى مثله في الأثر الآخر ، وفي مواضع غيره ، وصححته من المخطوطة.(18) الأثر: 7552- رواه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: 88 ، مع بعض الخلاف في لفظه. وفي المخطوطة: "أن تجاهد في الله" بالإفراد ، والسياق يقتضي الجمع ، وجاءت على الصواب في المطبوعة وفي الناسخ والمنسوخ ، إلا أنه قال: "أن تجاهدوا ... ولا يأخذكم ... وتقوموا ... ولو على أنفسكم وآبائكم وأبنائكم" على الخطاب.(19) الأثر: 7553- هو الأثر السالف ، وفي المخطوطة والمطبوعة: "أن تجاهد" ، وانظر التعليق السالف.(20) ترك أبو جعفر رضي الله عنه ، ترجيح أحد القولين على الآخر ، وكان حقًا عليه أن يبينه. وقد بينه أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ : 88 ، 89 ، قال بعد سياقه الأثر: 7542 ، وروايته عن قول قتادة: "قال أبو جعفر: محال أن يقال هذا ناسخ ولا منسوخ إلا على حيلة ، وذلك أن معنى نسخ الشيء: إزالته والمجيء بضده ، فمحال أن يقال: "اتقوا لله" منسوخ ، ولا سيما مع قول النبي صلى الله عليه وسلم مما فيه بيان الآية ، كما قرأ على أحمد بن محمد بن الحجاج ، عن يحيى بن سليمان قال ، حدثنا أبو الأحوص قال ، حدثنا أبو إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم! قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا" ، أفلا ترى أنه محال أن يقع في هذا نسخ ... قال أبو جعفر: "فكل ما ذكر في الآية واجب على المسلمين أن يستعملوه ، ولا يقع فيه نسخ ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا" وكذا على المسلمين - كما قال ابن مسعود: "أن تطيعوا الله فلا تعصوه ، وتذكروه فلا تنسوه ، وأن تشكروه فلا تكفروه ، وأن تجاهدوا فيه حق جهاده. وأما قول قتادة ، مع محله من العلم: أنها نسخت ، فيجوز أن يكون معناه: نزلت: فاتقوا الله ما استطعتم - بنسخه: اتقوا الله حق تقاته ، وأنها مثلها ، لأنه لا يكلف أحدًا إلا طاقته".(21) انظر تفسير أبي جعفر في نظيرة هذه الآية فيما سلف 3 : 96 ، 97.
﴿ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾