القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

تفسير و معنى الآية 117 سورة البقرة - بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما

سورة البقرة الآية رقم 117 : سبع تفاسير معتمدة

سورة بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما - عدد الآيات 286 - رقم السورة - صفحة السورة في المصحف الشريف - .

تفسير و معنى الآية 117 من سورة البقرة عدة تفاسير - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 18 - الجزء 1.

سورة البقرة الآية رقم 117


﴿ بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَإِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ ﴾
[ البقرة: 117]

﴿ التفسير الميسر ﴾

والله تعالى هو خالق السموات والأرض على غير مثال سبق. وإذا قدَّر أمرًا وأراد كونه فإنما يقول له: "كن" فيكون.

﴿ تفسير الجلالين ﴾

«بديع السماوات والأرض» موجدهم لا على مثال سبق «وإذا قضى» أراد «أمرا» أي إيجاده «فإنما يقول له كن فيكون» أي فهو يكون وفى قراءة بالنصب جوابا للأمر.

﴿ تفسير السعدي ﴾

ثم قال: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: خالقهما على وجه قد أتقنهما وأحسنهما على غير مثال سبق.
وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فلا يستعصى عليه, ولا يمتنع منه.


﴿ تفسير البغوي ﴾

قوله تعالى: بديع السموات والأرض أي مبدعها ومنشئها من غير مثال سبق.
وإذا قضى أمراً أي قدره، وقيل: أحكمه وقدره وأتقنه، وأصل القضاء: الفراغ، ومنه قيل لمن مات: قضي عليه لفراغه من الدنيا، ومنه قضاء الله وقدره لأنه فرغ منه تقديراً وتدبيراً.
فإنما يقول له كن فيكون قرأ ابن عامر (كن فيكون) بنصب النون في جميع المواضع إلا في آل عمران كن فيكون * الحق من ربك، وفي سورة الأنعام كن فيكون قوله الحق وإنما نصبها لأن جواب الأمر بالفاء يكون منصوباً وافقه الكسائي في النحل ويس، وقرأ الآخرون بالرفع على معنى فهو يكون.
فإن قيل كيف قال (فإنما يقول له كن فيكون) والمعدوم لا يخاطب؟ قال ابن الأنباري: "معناه فإنما يقول له أي لأجل تكوينه، فعلى هذا ذهب معنى الخطاب"، وقيل: هو وإن كان معدوماً ولكنه لما قدر وجوده وهو كائن لا محالة كان كالموجود فصح الخطاب.

﴿ تفسير الوسيط ﴾

ثم بين- سبحانه- بعض مظاهر قدرته فقال: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى: مبدعهما ومنشئهما بلا احتذاء ولا اقتداء.
وبلا آلة ولا مادة، وبديع صفة مشبهة من أبدع، والذي ابتدعهما من غير أصل ولا مثال هو الله- تعالى-.
وخص السموات والأرض بالإبداع، لأنهما أعظم ما يشاهد من المخلوقات.
قال القرطبي: «قوله- تعالى-: بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فعيل للمبالغة.
وارتفع على أنه خبر ابتداء محذوف، واسم الفاعل مبدع كبصير من مبصر.
أبدعت الشيء لا عن مثال، فالله- تعالى- بديع السموات والأرض، أى منشئهما وموجدهما، ومخترعهما، على غير حد ولا مثال، وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع، ومنه أصحاب البدع وسميت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام .
.
.
» .
وقوله: وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ معناه: وإذا أراد- سبحانه- إحداث أمر من الأمور حدث فورا.
«وكن فيكون، فعلان من الكون بمعنى الحدوث.
ويرى كثير من أهل السنة أن الجملة واردة على وجه التمثيل، لحدوث ما تتعلق به إرادته- سبحانه- بلا مهلة وبلا توقف.
وليس المراد أنه إذا أراد إحداث أمر أتى بالكاف والنون، ففي الكلام استعارة تمثيلية.
ويرى آخرون أن الأمر يكن محمول على حقيقته، وأنه- تعالى- أجرى سنته في تكوين الأشياء أن يكونها بكلمة كن أزلا.
وبذلك نرى أن الآيتين الكريمتين قد حكتا بعض الشبهات الباطلة التي أوردها الضالون حول وحدانية الله وردت عليها بما يدحضها ويثبت كذبها.
ثم أورد القرآن بعد ذلك الشبهات التي أثاروها حول نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم وأجاب عنها بما يبطلها فقال تعالى:

﴿ تفسير ابن كثير ﴾

وقوله تعالى : ( بديع السماوات والأرض ) أي : خالقهما على غير مثال سبق ، قال مجاهد والسدي : وهو مقتضى اللغة ، ومنه يقال للشيء المحدث : بدعة . كما جاء في الصحيح لمسلم : " فإن كل محدثة بدعة [ وكل بدعة ضلالة ] " . والبدعة على قسمين : تارة تكون بدعة شرعية ، كقوله : فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة . وتارة تكون بدعة لغوية ، كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم : نعمت البدعة هذه .وقال ابن جرير : وبديع السماوات والأرض : مبدعهما . وإنما هو مفعل فصرف إلى فعيل ، كما صرف المؤلم إلى الأليم ، والمسمع إلى السميع . ومعنى المبدع : المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد .قال : ولذلك سمي المبتدع في الدين مبتدعا ; لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره ، وكذلك كل محدث فعلا أو قولا لم يتقدمه فيه متقدم ، فإن العرب تسميه مبتدعا . ومن ذلك قول أعشى ثعلبة ، في مدح هوذة بن علي الحنفي :يدعى إلى قول سادات الرجال إذا أبدوا له الحزم أو ما شاءه ابتدعاأي : يحدث ما شاء .قال ابن جرير : فمعنى الكلام : فسبحان الله أنى يكون لله ولد ، وهو مالك ما في السماوات والأرض ، تشهد له جميعها بدلالتها عليه بالوحدانية ، وتقر له بالطاعة ، وهو بارئها وخالقها وموجدها من غير أصل ولا مثال احتذاها عليه . وهذا إعلام من الله عباده أن ممن يشهد له بذلك المسيح ، الذي أضافوا إلى الله بنوته ، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السماوات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال ، هو الذي ابتدع المسيح عيسى من غير والد بقدرته .وهذا من ابن جرير ، رحمه الله ، كلام جيد وعبارة صحيحة .وقوله تعالى : ( وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه ، وأنه إذا قدر أمرا وأراد كونه ، فإنما يقول له : كن . أي : مرة واحدة ، فيكون ، أي : فيوجد على وفق ما أراد ، كما قال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) [ يس : 82 ] وقال تعالى : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) [ النحل : 40 ] وقال تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] ، وقال الشاعر :إذا ما أراد الله أمرا فإنما يقول له كن قولة فيكونونبه تعالى بذلك أيضا على أن خلق عيسى بكلمة : كن ، فكان كما أمره الله ، قال [ الله ] تعالى : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) [ آل عمران : 59 ] .

﴿ تفسير القرطبي ﴾

قوله تعالى : بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون فيه ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : بديع السماوات والأرض فعيل للمبالغة ، وارتفع على خبر ابتداء محذوف ، واسم الفاعل مبدع ، كبصير من مبصر .
أبدعت الشيء لا عن مثال ، فالله عز وجل بديع السماوات والأرض ، أي منشئها وموجدها ومبدعها ومخترعها على غير حد ولا مثال .
وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع ، ومنه أصحاب البدع .
وسميت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام ، وفي البخاري ( ونعمت البدعة هذه ) يعني قيام رمضان .
الثانية : كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يجوز أن يكون لها أصل في الشرع أولا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وخص رسوله عليه ، فهي في حيز المدح .
وإن لم يكن مثاله موجودا كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهذا فعله من الأفعال المحمودة ، وإن لم يكن الفاعل قد سبق إليه .
ويعضد هذا قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه ، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح ، وهي وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها إلا أنه تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس عليها ، فمحافظة عمر رضي الله عنه عليها ، وجمع الناس لها ، وندبهم إليها ، بدعة لكنها بدعة محمودة ممدوحة .
وإن كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ، قال معناه الخطابي وغيره .
قلت : وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته : وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة ، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم ، وقد بين هذا بقوله : من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء .
وهذا إشارة إلى ما ابتدع من قبيح وحسن ، وهو أصل هذا الباب ، وبالله العصمة والتوفيق ، لا رب غيره .
الثالثة : قوله تعالى : وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون أي إذا أراد إحكامه وإتقانه - كما سبق في علمه - قال له كن .
قال ابن عرفة : قضاء الشيء إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه ، ومنه سمي القاضي ، لإنه إذا حكم فقد فرغ مما بين الخصمين .
وقال الأزهري : قضى في اللغة على وجوه ، مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه ، قال أبو ذؤيب :وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبعوقال الشماخ في عمر بن الخطاب رضي الله عنه :قضيت أمورا ثم غادرت بعدها بوائق في أكمامها لم تفتققال علماؤنا : " قضى " لفظ مشترك ، يكون بمعنى الخلق ، قال الله تعالى : فقضاهن سبع سماوات في يومين أي خلقهن .
ويكون بمعنى الإعلام ، قال الله تعالى : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي أعلمنا .
ويكون بمعنى الأمر ، كقوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه .
ويكون بمعنى الإلزام وإمضاء الأحكام ، ومنه سمي الحاكم قاضيا .
ويكون بمعنى توفية الحق ، قال الله تعالى : فلما قضى موسى الأجل .
ويكون بمعنى الإرادة ، كقوله تعالى : فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون أي إذا أراد خلق شيء .
قال ابن عطية : قضى معناه قدر ، وقد يجيء بمعنى أمضى ، ويتجه في هذه الآية المعنيان على مذهب أهل السنة قدر في الأزل وأمضى فيه .
وعلى مذهب المعتزلة أمضى عند الخلق والإيجاد .
الرابعة : قوله تعالى : أمرا الأمر واحد الأمور ، وليس بمصدر أمر يأمر .
قال علماؤنا : والأمر في القرآن يتصرف على أربعة عشر وجها :الأول : الدين ، قال الله تعالى : حتى جاء الحق وظهر أمر الله يعني دين الله الإسلام .
الثاني : القول ، ومنه قوله تعالى : " فإذا جاء أمرنا " يعني قولنا ، وقوله : فتنازعوا أمرهم بينهم يعني قولهم .
الثالث : العذاب ، ومنه قوله تعالى : لما قضي الأمر يعني لما وجب العذاب بأهل النار .
الرابع : عيسى عليه السلام ، قال الله تعالى : إذا قضى أمرا يعني عيسى ، وكان في علمه أن يكون من غير أب .
الخامس : القتل ببدر ، قال الله تعالى : فإذا جاء أمر الله يعني القتل ببدر ، وقوله تعالى : ليقضي الله أمرا كان مفعولا يعني قتل كفار مكة .
السادس : فتح مكة ، قال الله تعالى : فتربصوا حتى يأتي الله بأمره يعني فتح مكة .
السابع : قتل قريظة وجلاء بني النضير ، قال الله تعالى : فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره .
الثامن : القيامة ، قال الله تعالى : أتى أمر الله .
التاسع : القضاء ، قال الله تعالى : يدبر الأمر يعني القضاء .
العاشر : الوحي ، قال الله تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض يقول : ينزل الوحي من السماء إلى الأرض ، وقوله : يتنزل الأمر بينهن يعني الوحي .
الحادي عشر : أمر الخلق ، قال الله تعالى : ألا إلى الله تصير الأمور يعني أمور الخلائق .
الثاني عشر : النصر ، قال الله تعالى : يقولون هل لنا من الأمر من شيء يعنون النصر ، قل إن الأمر كله لله يعني النصر .
الثالث عشر : الذنب ، قال الله تعالى : فذاقت وبال أمرها يعني جزاء ذنبها .
الرابع عشر : الشأن والفعل ، قال الله تعالى : وما أمر فرعون برشيد أي فعله وشأنه ، وقال : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أي فعله .
الخامسة : قوله تعالى : كن قيل : الكاف من كينونه ، والنون من نوره ، وهي المراد بقوله عليه السلام : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق .
ويروى : ( بكلمة الله التامة ) على الإفراد .
فالجمع لما كانت هذه الكلمة في الأمور كلها ، فإذا قال لكل أمر كن ، ولكل شيء كن ، فهن كلمات .
يدل على هذا ما روي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن الله تعالى : عطائي كلام وعذابي كلام .
خرجه الترمذي في حديث فيه طول .
والكلمة على الإفراد بمعنى الكلمات أيضا ، لكن لما تفرقت الكلمة الواحدة في الأمور في الأوقات صارت كلمات ومرجعهن إلى كلمة واحدة .
وإنما قيل " تامة " لأن أقل الكلام عند أهل اللغة على ثلاثة أحرف : حرف مبتدأ ، وحرف تحشى به الكلمة ، وحرف يسكت عليه .
وإذا كان على حرفين فهو عندهم منقوص ، كيد ودم وفم ، وإنما نقص لعلة .
فهي من الآدميين من المنقوصات لأنها على حرفين ، ولأنها كلمة ملفوظة بالأدوات .
ومن ربنا تبارك وتعالى تامة ; لأنها بغير الأدوات ، تعالى عن شبه المخلوقين .
السادسة : قوله تعالى : فيكون قرئ برفع النون على الاستئناف .
قال سيبويه .
فهو يكون ، أو فإنه يكون .
وقال غيره : هو معطوف على يقول ، فعلى الأول كائنا بعد الأمر ، وإن كان معدوما فإنه بمنزلة الموجود إذا هو عنده معلوم ، على ما يأتي بيانه .
وعلى الثاني كائنا مع الأمر ، واختاره الطبري وقال : أمره للشيء ب كن لا يتقدم الوجود ولا يتأخر عنه ، فلا يكون الشيء مأمورا بالوجود إلا وهو موجود بالأمر ، ولا موجودا إلا وهو مأمور بالوجود ، على ما يأتي بيانه .
قال : ونظيره قيام الناس من قبورهم لا يتقدم دعاء الله ولا يتأخر عنه ، كما قال ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون .
وضعف ابن عطية هذا القول وقال : هو خطأ من جهة المعنى ; لأنه يقتضي أن القول مع التكوين والوجود .
وتلخيص المعتقد في هذه الآية : أن الله عز وجل لم يزل آمرا للمعدومات بشرط وجودها ، قادرا مع تأخر المقدورات ، عالما مع تأخر المعلومات .
فكل ما في الآية يقتضي الاستقبال فهو بحسب المأمورات ، إذ المحدثات تجيء بعد أن لم تكن .
وكل ما يسند إلى الله تعالى من قدرة وعلم فهو قديم ولم يزل .
والمعنى الذي تقتضيه عبارة كن : هو قديم قائم بالذات .
وقال أبو الحسن الماوردي فإن قيل : ففي أي حال يقول له كن فيكون ؟ أفي حال عدمه ، أم في حال وجوده ؟ فإن كان في حال عدمه استحال أن يأمر إلا مأمورا ، كما يستحيل أن يكون الأمر إلا من آمر ، وإن كان في حال وجوده فتلك حال لا يجوز أن يأمر فيها بالوجود والحدوث ; لأنه موجود حادث ؟ قيل عن هذا السؤال أجوبة ثلاثة :أحدها : أنه خبر من الله تعالى عن نفوذ أوامره في خلقه الموجود ، كما أمر في بني إسرائيل أن يكونوا قردة خاسئين ، ولا يكون هذا واردا في إيجاد المعدومات .
الثاني : أن الله عز وجل عالم هو كائن قبل كونه ، فكانت الأشياء التي لم تكن وهي كائنة بعلمه قبل كونها مشابهة للتي هي موجودة ، فجاز أن يقول لها : كوني .
ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود ، لتصور جميعها له ولعلمه بها في حال العدم .
الثالث : أن ذلك خبر من الله تعالى عام عن جميع ما يحدثه ويكونه إذا أراد خلقه وإنشاءه كان ، ووجد من غير أن يكون هناك قول يقوله ، وإنما هو قضاء يريده ، فعبر عنه بالقول وإن لم يكن قولا ، كقول أبي النجم :قد قالت الأنساع للبطن الحقولا قول هناك ، وإنما أراد أن الظهر قد لحق بالبطن ، وكقول عمرو بن حممة الدوسي :فأصبحت مثل النسر طارت فراخه إذا رام تطيارا يقال له قعوكما قال الآخر :قالت جناحاه لساقيه الحقا ونجيا لحمكما أن يمزقا

﴿ تفسير الطبري ﴾

القول في تأويل قوله تعالى : بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِقال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (بديع السماوات والأرض) ، مبدعها.
* * *وإنما هو " مُفْعِل " صرف إلى " فعيل " كما صرف " المؤلم " إلى " أليم " ، و " المسمع " إلى " سميع " .
(32) ومعنى " المبدع " : المنشئ والمحدث ما لم يسبقه إلى إنشاء مثله وإحداثه أحد.
ولذلك سمي المبتدع في الدين " مبتدعا " ، لإحداثه فيه ما لم يسبقه إليه غيره.
وكذلك كل محدث فعلا أو قولا لم يتقدمه فيه متقدم ، فإن العرب تسميه مبتدعا.
ومن ذلك قول أعشى بني ثعلبة، (33) في مدح هَوْذَة بن علي الحنفي:يُرعي إلى قول سادات الرجال إذاأبدوا له الحزم , أو ما شاءه ابتدعا (34)أي يحدث ما شاء، ومنه قول رؤبة بن العجاج:فأيها الغاشي القِذَافَ الأتْيَعَاإن كنت لله التقي الأطوعافليس وجه الحق أن تَبَدَّعا (35)يعني: أن تحدث في الدين ما لم يكن فيه.
* * *فمعنى الكلام: سبحان الله أنى يكون له ولد وهو مالك ما في السموات والأرض ، تشهد له جميعا بدلالتها عليه بالوحدانية ، وتقر له بالطاعة، وهو بارئها وخالقها ، وموجدها من غير أصل ، ولا مثال احتذاها عليه؟* * *وهذا إعلام من الله جل ثناؤه عباده ، أن مما يشهد له بذلك : المسيح، الذي أضافوا إلى الله جل ثناؤه بنوته ، وإخبار منه لهم أن الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل وعلى غير مثال ، هو الذي ابتدع المسيح من غير والد بقدرته.
(36) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:1858- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع: (بديع السماوات والأرض) ، يقول: ابتدع خلقها ، ولم يشركه في خلقها أحد.
1859- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط ، عن السدي: (بديع السماوات والأرض) ، يقول: ابتدعها فخلقها ، ولم يُخلق قبلها شيء فيتمثل به .
(37)* * *القول في تأويل قوله تعالى : وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله: (وإذا قضى أمرا) ، وإذا أحكم أمرا وحتمه.
(38)* * *وأصل كل " قضاء أمر " الإحكام ، والفراغ منه.
(39) ومن ذلك قيل للحاكم بين الناس: " القاضي" بينهم ، لفصله القضاء بين الخصوم ، وقطعه الحكم بينهم وفراغه منه به.
(40) ومنه قيل للميت: " قد قضى " ، يراد به قد فرغ من الدنيا ، وفصل منها.
ومنه قيل: " ما ينقضي عجبي من فلان " ، يراد: ما ينقطع.
ومنه قيل: " تقضي النهار "، إذا انصرم، ومنه قول الله عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ [سورة الإسراء: 23] أي : فصل الحكم فيه بين عباده ، بأمره إياهم بذلك ، وكذلك قوله: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ [سورة الإسراء: 4] ، أي أعلمناهم بذلك وأخبرناهم به ، ففرغنا إليهم منه.
ومنه قول أبي ذؤيب:وعليهما مسرودتان, قضاهماداود أو صَنَعَ السوابغِ تُبَّعُ (41)ويروى:* وتعاورا مسرودتين قضاهما * (42)ويعني بقوله: " قضاهما "، أحكمهما.
ومنه قول الآخر في مدح عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (43)قضيت أمورا ثم غادرت بعدهابَوائِق في أكمامها لم تَفَتَّقِ (44)ويروى: " بوائج ".
(45)* * *وأما قوله: (فإنما يقول له كن فيكون) ، فإنه يعني بذلك: وإذا أحكم أمرا فحتمه ، فإنما يقول لذلك الأمر " كن " ، فيكون ذلك الأمر على ما أمره الله أن يكون وأراده.
* * *قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)؟ وفي أي حال يقول للأمر الذي يقضيه : " كن "؟ أفي حال عدمه ، وتلك حال لا يجوز فيها أمره ، (46) إذْ كان محالا أن يأمر إلا المأمور ، فإذا لم يكن المأمور استحال الأمر، ؛ وكما محالٌ الأمر من غير آمر ، فكذلك محال الأمر من آمر إلا لمأمور.
(47) أم يقول له ذلك في حال وجوده ؟ = وتلك حال لا يجوز أمره فيها بالحدوث ، لأنه حادث موجود ، ولا يقال للموجود: " كن موجودا " إلا بغير معنى الأمر بحدوث عينه؟قيل: قد تنازع المتأولون في معنى ذلك ، ونحن مخبرون بما قالوا فيه ، والعلل التي اعتل بها كل فريق منهم لقوله في ذلك: (48)* * *قال بعضهم: ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن أمره المحتوم - على وجه القضاء لمن قضى عليه قضاء من خلقه الموجودين أنه إذا أمره بأمر نفذ فيه قضاؤه ، ومضى فيه أمره ، نظير أمره من أمر من بني إسرائيل بأن يكونوا قردة خاسئين ، وهم موجودون في حال أمره إياهم بذلك ، وحتم قضائه عليهم بما قضى فيهم ، وكالذي خسف به وبداره الأرض ، وما أشبه ذلك من أمره وقضائه فيمن كان موجودا من خلقه في حال أمره المحتوم عليه.
فوجه قائلو هذا القول قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ، إلى الخصوص دون العموم* * *.
وقال آخرون: بل الآية عام ظاهرها ، فليس لأحد أن يحيلها إلى باطن بغير حجة يجب التسليم لها .
(49) وقال: إن الله عالم بكل ما هو كائن قبل كونه.
فلما كان ذلك كذلك ، كانت الأشياء التي لم تكن وهي كائنة لعلمه بها قبل كونها ، نظائر التي هي موجودة ، فجاز أن يقول لها: " كوني" ، ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود ، لتصور جميعها له ، ولعلمه بها في حال العدم.
* * *وقال آخرون: بل الآية وإن كان ظاهرها ظاهرَ عمومٍ ، فتأويلها الخصوص، لأن الأمر غير جائز إلا لمأمور ، على ما وصفت قبل.
قالوا: وإذ كان ذلك كذلك ، فالآية تأويلها: وإذا قضى أمرا من إحياء ميت ، أو إماتة حي ، ونحو ذلك ، فإنما يقول لحي: " كن ميتا ، أو لميت: كن حيا " ، وما أشبه ذلك من الأمر.
* * *وقال آخرون: بل ذلك من الله عز وجل خبر عن جميع ما ينشئه ويكونه ، أنه إذا قضاه وخلقه وأنشأه ، كان ووجد - ولا قول هنالك عند قائلي هذه المقالة ، إلا وجود المخلوق وحدوث المقضي - .
وقالوا: إنما قول الله عز وجل: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)، نظير قول القائل: " قال فلان برأسه " و " قال بيده "، إذا حرك رأسه ، أو أومأ بيده ولم يقل شيئا، وكما قال أبو النجم:وقالت للبَطْنِ الْحَقِ الحققِدْمًا فآضت كالفَنِيقِ المحنِق (50)ولا قول هنالك ، وإنما عنى أن الظهر قد لحق بالبطن.
وكما قال عمرو بن حممة الدوسي: (51)فأصبحت مثل النسر طارت فراخهإذا رام تطيارا يقال له : قعِ (52)ولا قول هناك ، وإنما معناه: إذا رام طيرانا وقع ، وكما قال الآخر:امتلأ الحوض وقال: قطنيسلا رويدا , قد ملأت بطني (53)* * *قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ، أن يقال: هو عام في كل ما قضاه الله وبرأه ، لأن ظاهر ذلك ظاهر عموم ، وغير جائزة إحالة الظاهر إلى الباطن من التأويل بغير برهان لما قد بينا في كتابنا: " كتاب البيان عن أصول الأحكام ".
وإذ كان ذلك كذلك ، فأمر الله جل وعز لشيء إذا أراد تكوينه موجودا بقوله: (كن) في حال إرادته إياه مكوَّنا ، لا يتقدم وجود الذي أراد إيجاده وتكوينه، (54) إرادته إياه ، ولا أمره بالكون والوجود ، ولا يتأخر عنه.
(55) فغير جائز أن يكون الشيء مأمورا بالوجود مرادا كذلك إلا وهو موجود ، ولا أن يكون موجودا إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك.
ونظير قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) قوله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ [سورة الروم: 25] بأن خروج القوم من قبورهم لا يتقدم دعاء الله ، ولا يتأخر عنه.
* * *ويسألُ من زعم أن قوله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) خاص في التأويل اعتلالا بأن أمر غير الموجود غير جائز ، (56) عن دعوة أهل القبور قبل خروجهم من قبورهم ، أم بعده؟ أم هي في خاص من الخلق؟ فلن يقول في ذلك قولا إلا أُلزم في الآخر مثله.
ويسألُ الذين زعموا أن معنى قوله جل ثناؤه: (فإنما يقول له كن فيكون) ، نظير قول القائل: " قال فلان برأسه أو بيده " ، إذا حركه وأومأ ، ونظير قول الشاعر: (57)تقول إذا درأت لها وضيني :أهذا دينه أبدا وديني (58)وما أشبه ذلك-: فإنهم لا صواب اللغة أصابوا ، ولا كتاب الله ، وما دلت على صحته الأدلة اتبعوا - فيقال لقائلي ذلك: إن الله تعالى ذكره أخبر عن نفسه أنه إذا قضى أمرا قال له: " كن " ، أفتنكرون أن يكون قائلا ذلك؟ فإن أنكروه كذبوا بالقرآن ، وخرجوا من الملة .
وإن قالوا: بل نقر به ، ولكنا نزعم أن ذلك نظير قول القائل: " قال الحائط فمال " ولا قول هنالك ، وإنما ذلك خبر عن ميل الحائط.
قيل لهم: أفتجيزون للمخبر عن الحائط بالميل أن يقول: إنما قول الحائط إذا أراد أن يميل أن يقول هكذا فيميل؟فإن أجازوا ذلك خرجوا من معروف كلام العرب ، وخالفوا منطقها وما يعرف في لسانها.
وإن قالوا: ذلك غير جائز .
قيل لهم: إن الله تعالى ذكره أخبرهم عن نفسه أن قوله للشيء إذا أراده أن يقول له كن فيكون ، فأعلم عباده قوله الذي يكون به الشيء ووصفه ووكده.
وذلك عندكم غير جائز في العبارة عما لا كلام له ولا بيان في مثل قول القائل: " قال الحائط فمال "، فكيف لم يعلموا بذلك فرق ما بين معنى قول الله: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ، وقول القائل: " قال الحائط فمال "؟ وللبيان عن فساد هذه المقالة موضع غير هذا نأتي فيه على القول بما فيه الكفاية إن شاء الله.
* * *وإذا كان الأمر في قوله جل ثناؤه: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) ، هو ما وصفنا من أن حال أمره الشيء بالوجود حال وجود المأمور بالوجود ، فبَيِّنٌ بذلك أن الذي هو أولى بقوله: (فيكون) (59) الرفع على العطف على قوله (60) (يقول) لأن " القول " و " الكون " حالهما واحد.
وهو نظير قول القائل: " تاب فلان فاهتدى "، و " اهتدى فلان فتاب "، لأنه لا يكون تائبا إلا وهو مهتد ، ولا مهتديا إلا وهو تائب.
فكذلك لا يمكن أن يكون الله آمرا شيئا بالوجود إلا وهو موجود ، ولا موجودا إلا وهو آمره بالوجود.
ولذلك استجاز من استجاز نصب " فيكون " من قرأ: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: 40] ، بالمعنى الذي وصفنا على معنى: أن نقول فيكونَ.
وأما رفع من رفع ذلك ، (61) فإنه رأى أن الخبر قد تم عند قوله: إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ .
إذ كان معلوما أن الله إذا حتم قضاءه على شيء كان المحتوم عليه موجودا ، ثم ابتدأ بقوله: فيكون ، كما قال جل ثناؤه: لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ ، [سورة الحج: 5] وكما قال ابن أحمر:يعالج عاقرا أعيت عليهليُلْقِحَها فيَنْتِجُها حُوارا (62)يريد: فإذا هو يَنتجها حُوارا.
* * *فمعنى الآية إذًا: وقالوا اتخذ الله ولدا ، سبحانه أن يكون له ولد! بل هو مالك السموات والأرض وما فيهما ، كل ذلك مقر له بالعبودية بدلالته على وحدانيته.
وأنى يكون له ولد ، وهو الذي ابتدع السموات والأرض من غير أصل ، كالذي ابتدع المسيح من غير والد بمقدرته وسلطانه ، الذي لا يتعذر عليه به شيء أراده! بل إنما يقول له إذا قضاه فأراد تكوينه: " كن " ، فيكون موجودا كما أراده وشاءه.
فكذلك كان ابتداعه المسيح وإنشاؤه ، إذْ أراد خلقه من غير والد.
-----------------الهوامش :(34) سلف تخريجه في هذا الجزء : 2 : 464 .
(35) ديوانه : 87 ، واللسان (بدع) من رجز طويل يفخر فيه برهطه بني تميم .
ورواية الديوان"القذاف الأتبعا" ، وليس لها معنى يدرك ، ورواية الطبري لها مخرج في العربية .
"الغاشي" من قولهم : غشي الشيء : أي قصده وباشره أو نزل به .
والقذاف : سرعة السير والإبعاد فيه ، أو كأنه أراد الناحية البعيدة ، وإن لم أجده في كتب العربية .
والأتيع : لم أجده في شيء ، ولعله أخذه من قولهم : تتايع القوم في الأرض : إذا تباعدوا فيها على عمى وشدة .
يقول : يا أيها الذاهب في المسالك البعيدة عن سنن الطريق- يعني به : من ابتدع من الأمور ما لا عهد للناس به ، فسلك في ابتداعه المسالك الغريبة .
(36) نقل ابن كثير في تفسيره 1 : 294 ، عبارة الطبري ثم قال : "وهذا من ابن جرير رحمه الله كلام جيد ، وعبارة صحيحة" ، فاستحسن ابن كثير ما خف محمله ، ولكن ما ثقل عليه آنفًا (انظر ص : 522 تعليق : 1) كان مثارا لاعتراضه ، مع أنه أعلى وأجود وأدق وألطف ، وأصح عبارة ، وأعمق غورا .
وهذا عجب من العجب فيما ناله ابن جرير من قلة معرفة الناس بسلامة فهمه ، ولطف إدراكه .
(37) الأثر : 1859- كان في المطبوعة : "ولم يخلق مثلها شيئا فتتمثل به" ، وهو كلام فاسد .
والصواب في الدر المنثور 1 : 110 .
(38) حتم الأمر : قضاه قضاء لازما .
(39) كان في المطبوعة : "قضاء الإحكام" ، والصواب ما أثبت .
(40) في المطبوعة"فراغه" وزيادة"منه" واجبة .
(41) ديوانه : 19 ، والمفضليات : 881 وتأويل مشكل القرآن : 342 ، وسيأتي في تفسير الطبري 11 : 65 ، 22 : 47 (بولاق) ، من قصيدته التي فاقت كل شعر ، يرثى أولاده حين ماتوا بالطاعون .
والضمير في قوله : "وعليهما" إلى بطلين وصفهما في شعره قبل ، كل قد أعد عدته :فتناديا فتواقفت خيلاهماوكلاهما بطل اللقاء مخدعمتحاميين المجد, كل واثقببلائه, واليوم يوم أشنعوعليهما مسرودتان .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
"مسرودتان" ، يعني درعين ، من السرد ، وهو الخرز أو النسج ، قد نسجت حلقهما نسجا محكما .
وداود : هو نبي الله صلى الله عليه وسلم .
وتبع : اسم لكل ملك من ملوك حمير (انظر ما سلف 2 : 237) .
قال ابن الأنباري : "سمع بأن الحديد سخر لداود عليه السلام ، وسمع بالدروع التبعية ، فظن أن تبعا عملها .
وكان تبع أعظم من أن يصنع شيئا بيده ، وإنما صنعت في عهده وفي ملكه" .
والصنع : الحاذق بعمله ، والمرأة : صناع .
ويروى : "وعليهما ماذيتان" ، يعني درعين .
والماذية : الدرع الخالصة الحديد ، اللينة السهلة .
(42) "تعاورا" ، يعني - كما قالوا : تعاورا بالطعن ، مسرودتين .
من قولهم : تعاورنا فلانا بالضرب : إذا ضربته أنت ثم صاحبك .
ورأيي أنها رواية مرفوضة ، لا تساوق لشعر فإنه يقول بعده :وكلاهما في كفه يزنيةفيها سنان, كالمنارة أصلعوكلاهما متوشح ذارونقعضبا, إذا مس الضريبة يقطعفتخالسا نفسيهما بنوافذكنوافذ العُبُط التي لا ترفعفهو يصف ، ثم يخبر أنهما قد تضاربا ضربا مهلكا ، ولا معنى لتقديم الطعن ثم العود إلى صفة السلاح ، إلا على بعد واستكراه .
(43) هو جزء بن ضرار ، أخو الشماخ بن ضرار .
وقد اختلف في نسبتها .
نسبت للشماخ ، ولغيره ، حتى نسبوها إلى الجن (انظر طبقات فحول الشعراء : 111 ، وحماسة أبي تمام 3 : 65 ، وابن سعد 3 : 241 ، والأغاني 9 : 159 ، ونهج البلاغة 3 : 147 ، والبيان والتبيين 3 : 364 ، وتأويل مشكل القرآن : 343 ، وغيرها كثير) .
هذا والصواب أن يقول : "في رثاء عمر بن الخطاب" .
(44) البوائق جمع بائقة : وهي الداهية المنكرة التي فتحت ثغرة لا تسد .
والأكمام جمع كم _(بضم الكاف وكسرها) .
وهو غلاف الثمرة قبل أن ينشق عنه .
وقوله : "لم تفتق" ، أصلها : تتفتق ، حذف إحدى التاءين .
وتفتق الكم عن زهرته : انشق وانفطر .
ورحم الله عمر من إمام جمع أمور الناس حياته ، حتى إذا قضى انتشرت أمورهم .
(45) بوائج جمع بائجة : وهي الداهية التي تنفتق انفتاقا منكرا فتعم الناس ، وتتابع عليهم شرورها من قولهم : باج البرق وانباج وتبوج : إذا لمع وتكشف وعم السحاب ، وانتشر ضوؤه .
(46) في المطبوعة : "وتلك حال لا يجوز أمره" ، بإسقاط"فيها" ، وهي واجبة ، واستظرتها من السياق ومن الشطر الآتي من السؤال .
(47) في المطبوعة : "كما محال الأمر" ، بإسقاط الواو ، وهي واجب إثباتها .
ويعنى بقوله : "المأمور" ، أي الموجود المأمور .
(48) أحب أن أنبه قارئ هذا التفسير ، أن يلقى باله إلى سياق أقوال القائلين ، وكيف يخلص هو المعاني بعضها من بعض ، وكيف يصيب الحجة بعقل ولطف إدراك ، وصحة بيان عن معاني الكلام ، وعن تأويل آيات كتاب ربنا سبحانه وتعالى ثم لينظر بعد ذلك أقوال المفسرين ، وكيف تجنبوا الإيغال فيما توغل هو فيه ، ثقة بعون الله له ، ثم اتباعا لأهدى السبل في طلب المقاصد .
(49) انظر معنى : "الظاهر ، والباطن" فيما سلف : 2 : 15 والمراجع .
(50) لم أجد الرجز كاملا ، والبيتان في اللسان (حنق) .
يصف ناقة أنضاها السير .
والأنساع جمع نسع (بكسر فسكون) ، وهو سير يضفر عريضا تشد به الرحال .
ولحق البطن يلحق لحوقا : ضمر .
أي قالت سيور التصدير لبطن الناقة : كن ضامرا .
يعني بذلك ما أضناها من السير .
وقدما : أي منذ القدم قال بشامة بن الغدير .
لا تظلمونا, ولا تنسوا قرابتناإطوا إلينا, فقدما تعطف الرحمويعني أبو النجم : أن الضمور قد طال بها ، فإن الأنساع قالت ذلك منذ زمن بعيد .
وآض : صار ورجع .
والفنيق الجمل الفحل المودع للفحلة ، لا يركب ولا يهان لكرامته عليهم ، فهو ضخم شديد التركيب .
والمحنق : الضامر القليل اللحم .
والإحناق : لزوق البطن بالصلب .
(51) يقال له أيضًا : كعب بن حممة ، وهو أحد المعمرين ، زعموا عاش أربعمائة سنة غير عشر سنين .
وهو أحد حكام العرب ، ويقال إنه هو"ذو الحلم" الذي قرعت له العصا ، فضرب به المثل .
(52) كتاب المعمرين : 22 ، وحماسة البحتري : 205 ومعجم الشعراء : 209 ، وهي أبيات .
(53) أمالي ابن الشجري 1 : 313 ، 2 : 140 ، واللسان (قطط) .
وفي المطبوعة : "سيلا" ، والصواب في اللسا وأمالي ابن الشجري ، والرواية المشهورة"مهلا رويدا" .
وقطني : حسبي وكفاني وللنحاة كلام كثير في"قطني" .
وقوله"سلا" : كأنه من قولهم : انسل السيل : وذلك أول ما يبتدئ حين يسيل ، قبل أن يشتد .
كأنه يقول : صبا رويدا .
(54) في المطبوعة : "وجوده" الذي أراد إيجاده" وزيادة الهاء في"وجوده" لا مكان لها .
(55) يقول : إن وجود الشيء ، لا يتقدم إرادة الله وأمره ، ولا يتأخر عنهما .
(56) يقول : "يسأل من زعم .
.
عن دعوة أهل القبور" .
(57) هو المثقب العبدي .
(58) المفضليات : 586 ، والكامل 1 : 193 وطبقات فحول الشعراء : 231 ، وسيأتي في تفسيره 4 : 112 (بولاق) من قصيدة جيدة ، يقول قبله في ناقته :إذا ما قمت أرحلها بليلتأوه آهة الرجل الحزينودرأ الوضين لناقته : بسطه على الأرض ، ثم أبركها عليه ليشد عليها رحلها .
والوضين : حزام عريض من جلد منسوج يشد به رحل البعير .
والدين : الدأب والعادة .
(59) في المطبوعة : "فتبين" ، والصواب ما أثبت .
(60) في المطبوعة : "فيكون على العطف" سقط من الناسخ قوله : الرفع" .
(61) وهذه هي قراءة مصحفنا اليوم .
(62) المعاني الكبير : 846 ، 1134 ، وسيبويه 1 : 341 ، من أبيات يذكر صديقا كان له ، يقول :أرانا لا يزال لنا حميمكداء البطن سِلا أو صُفارايعالج عاقرا أعيت عليهليلقحها , فينتجها حواراويزعم أنه ناز علينابشرته فتاركنا تباراجعل هذا الصديق كداء البطن لا يدري من أين يهج ولا كيف يتأتى له .
وهو يعالج من الشر ما لا يقدر عليه ، فكأنه يطلب الولد من عاقر .
جعل ذلك مثلا .
والحوار : ولد البقرة .
والشرة : حدة الشر ، والتبار : الهلاك .

﴿ بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾

قراءة سورة البقرة

المصدر : تفسير : بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما