انظر - أيها الرسول - متعجبًا إلى مَن أطاع هواه كطاعة الله، أفأنت تكون عليه حفيظًا حتى تردَّه إلى الإيمان؟
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«أرأيت» أخبرني «من اتخذ إلههُ هواه» أي مُهويه قدَّم المفعول الثاني لأنه أهمّ وجملة من اتخذ مفعول أول لرأيت والثاني «أفأنت تكون عليه وكيلا» حافظا تحفظه عن ابتاع هواه لا.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وهل فوق ضلال من جعل إلهه معبوده [هواه] فما هويه فعله فلهذا قال: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ألا تعجب من حاله وتنظر ما هو فيه من الضلال؟ وهو يحكم لنفسه بالمنازل الرفيعة؟ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أي: لست عليه بمسيطر مسلط بل إنما أنت منذر، وقد قمت بوظيفتك وحسابه على الله.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد الحجر فإذا رأى حجرا أحسن منه طرح الأول وأخذ الآخر فعبده . وقال ابن عباس : أرأيت من ترك عبادة الله وخالقه ثم هوي حجرا فعبده ما حاله عندي ؟ ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) أي : حافظا ، يقول : أفأنت عليه كفيل تحفظه من اتباع هواه وعبادة من يهوى من دون الله ؟ أي : لست كذلك . قال الكلبي : نسختها آية القتال .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم يهملهم القرآن ويتركهم في طغيانهم يعمهون، ويلتفت بالخطاب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليسرى عن نفسه، وليسليه عما لحقه منهم، وليبين له حقيقة حالهم فيقول: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ، أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ...والاستفهام في قوله- سبحانه- أَرَأَيْتَ للتعجب من شناعة أحوالهم، ومن قبح تفكيرهم.والمراد ب هَواهُ ما يستحسنه من تصرفات حتى ولو كانت في نهاية القبح والسخف.قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول.والمعنى: انظر وتأمل- أيها الرسول الكريم- في أحوال هؤلاء الكافرين فإنك لن ترى جهالة كجهالاتهم، لأنهم إذا حسن لهم هواهم شيئا اتخذوه إلها لهم. مهما كان قبح تصرفهم.وانحطاط تفكيرهم..فهل مثل هؤلاء يصلحون لأن تهتم بأمرهم، أو تحزن لاستهزائهم؟ كلا إنهم لا يصلحون لذلك، وعليك أن تمضى في طريقك فأنت لا تقدر على حفظهم أو كفالتهم أو هدايتهم، وإنما نحن الذين نقدر على ذلك، وسنتصرف معهم بما تقضتيه حكمتنا ومشيئتنا.فقوله- تعالى-: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا استئناف مسوق لاستبعاد كونه صلى الله عليه وسلّم وكيلا أو حفيظا لهذا الذي اتخذ إلهه هواه، والاستفهام للنفي والإنكار. أى: إنك- أيها الرسول الكريم- لا قدرة لك على حفظه من الوقوع في الكفر والضلال.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) أي : مهما استحسن من شيء ورآه حسنا في هوى نفسه ، كان دينه ومذهبه ، كما قال تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) [ فاطر : 8 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( أفأنت تكون عليه وكيلا ) . قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زمانا ، فإذا رأى غيره أحسن منه عبد الثاني وترك الأول .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا .قوله تعالى : أرأيت من اتخذ إلهه هواه عجب نبيه صلى الله عليه وسلم من إضمارهم على الشرك وإصرارهم عليه مع إقرارهم بأنه خالقهم ورازقهم ، ثم يعمد إلى حجر يعبده من غير حجة . قال الكلبي وغيره : كانت العرب إذا هوي الرجل منهم شيئا عبده من دون الله ، فإذا رأى أحسن منه ترك الأول وعبد الأحسن ; فعلى هذا يعني : أرأيت من اتخذ إلهه بهواه ، فحذف الجار . وقال ابن عباس : الهوى إله يعبد من دون الله ، ثم تلا هذه الآية . قال الشاعر :لعمر أبيها لو تبدت لناسك قد اعتزل الدنيا بإحدى المناسك لصلى لها قبل الصلاة لربهولارتد في الدنيا بأعمال فاتكوقيل : اتخذ إلهه هواه أي أطاع هواه . وعن الحسن لا يهوى شيئا إلا اتبعه ، والمعنى واحد . أفأنت تكون عليه وكيلا أي حفيظا وكفيلا حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من هذا الفساد . أي ليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئتك ، وإنما عليك التبليغ . وهذا رد على القدرية . ثم قيل : إنها منسوخة بآية القتال . وقيل : لم تنسخ ; لأن الآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم .
﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره مخبرا عن هؤلاء المشركين الذين كانوا يهزءون برسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم يقولون إذا رأوه: قد كاد هذا يضلنا عن آلهتنا التي نعبدها, فيصدّنا عن عبادتها لولا صبرنا عليها, وثبوتنا على عبادتها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ) يقول جلّ ثناؤه: سيبين لهم حين يعاينون عذاب الله قد حلّ بهم على عبادتهم الآلهة ( مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا ) يقول: من الراكب غير طريق الهدى, والسالك سبيل الردى أنت أوهم.وبنحو ما قلنا في تأويل قوله: ( لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ) قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج ( إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ) قال: ثبتنا عليها.