ومن آيات الله الدالة على أنه الإله الحق وحده لا شريك له وعلى عظيم قدرته إرسال الرياح أمام المطر مبشرات بإثارتها للسحاب، فتستبشر بذلك النفوس؛ وليذيقكم من رحمته بإنزاله المطر الذي تحيا به البلاد والعباد، ولتجري السفن في البحر بأمر الله ومشيئته، ولتبتغوا من فضله بالتجارة وغيرها؛ فعل الله ذلك من أجل أن تشكروا له نعمه وتعبدوه وحده.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ومن آياته» تعالى «أن يرسل الرياح مبشرات» بمعنى لتبشركم بالمطر «وليذيقكم» بها «من رحمته» المطر والخصب «ولتجري الفلك» السفن بها «بأمره» بإرادته «ولتبتغوا» تطلبوا «من فضله» الرزق بالتجارة في البحر «ولعلكم تشكرون» هذه النعم يا أهل مكة فتوحدوه.
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: ومن الأدلة الدالة على رحمته وبعثه الموتى وأنه الإله المعبود والملك المحمود، أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ أمام المطر مُبَشِّرَاتٍ بإثارتها للسحاب ثم جمعها فتبشر بذلك النفوس قبل نزوله. وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ فينزل عليكم من رحمته مطرا تحيا به البلاد والعباد، وتذوقون من رحمته ما تعرفون أن رحمته هي المنقذة للعباد والجالبة لأرزاقهم، فتشتاقون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة الفاتحة لخزائن الرحمة. وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ في البحر بِأَمْرِهِ القدري وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بالتصرف في معايشكم ومصالحكم. وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ من سخر لكم الأسباب وسير لكم الأمور. فهذا المقصود من النعم أن تقابل بشكر اللّه تعالى ليزيدكم اللّه منها ويبقيها عليكم.وأما مقابلة النعم بالكفر والمعاصي فهذه حال من بدَّل نعمة اللّه كفرا ونعمته محنة وهو معرض لها للزوال والانتقال منه إلى غيره.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله - عز وجل - : ( ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات ) تبشر بالمطر ( وليذيقكم من رحمته ) نعمة المطر وهي الخصب ( ولتجري الفلك بأمره ) بهذه الرياح ( بأمره ولتبتغوا من فضله ) لتطلبوا من رزقه بالتجارة في البحر ( ولعلكم تشكرون ) رب هذه النعم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه-: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ ... بيان لأنواع أخرى من الظواهر الكونية الدالة على قدرته- عز وجل-.أى: ومن الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله- تعالى- ونفاذ قدرته، أنه- سبحانه- يرسل بمشيئته وإرادته الرياح، لتكون بشارة بأن من ورائها أمطارا، فيها الخير الكثير للناس.قال الآلوسى: قوله: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ أى: الجنوب، ومهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا، والصبا: ومهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. والشمال: ومهبها من بنات نعش إلى مسقط النسر الطائر، فإنها رياح الرحمة. أما الدبور ومهبها من مسقط النسر الطائر إلى مطلع سهيل، فريح العذاب ... » .وقوله: وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ.. بيان للفوائد التي تعود على الناس من إرسال الرياح التي تعقبها الأمطار، وهو متعلق بقوله يُرْسِلَ.أى: يرسل الرياح مبشرات بالأمطار ويرسلها ليمنحكم من رحمته الخصب والنماء لزرعكم، ولتجرى الفلك عند هبوبها في البحر بإذنه- تعالى- ولتبتغوا أرزاقكم من فضله- سبحانه- عن طريق الأسفار، والانتقال من مكان إلى آخر، ولكي تشكروا الله- تعالى- على هذه النعم: فإنكم إذا شكرتموه- سبحانه- على نعمه زادكم منها.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
يذكر تعالى نعمه على خلقه في إرساله الرياح مبشرات بين يدي رحمته بمجيء الغيث عقبها ولهذا قال تعالى "وليذيقكم من رحمته" أي المطر الذي ينزله فيحيي به العباد والبلاد "ولتجري الفلك بأمره" أي في البحر وإنما سيرها بالريح "ولتبتغوا من فضله" أي في التجارات والمعايش والسير من إقليم إلى إقليم وقطر إلى قطر "ولعلكم تشكرون" أي تشكرون الله على ما أنعم به عليكم من النعم الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون .قوله تعالى : ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات أي ومن أعلام كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات ؛ أي بالمطر لأنها تتقدمه . وقد مضى في ( الحجر ) بيانه . وليذيقكم من رحمته يعني الغيث والخصب . ولتجري الفلك بأمره أي في البحر عند هبوبها . وإنما زاد بأمره لأن الرياح قد تهب ولا تكون مواتية ، فلا بد من إرساء السفن والاحتيال بحبسها ، وربما عصفت فأغرقتها بأمره . ولتبتغوا من فضله يعني الرزق بالتجارة ولعلكم تشكرون هذه النعم بالتوحيد والطاعة . وقد مضى هذا كله مبينا .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46)يقول تعالى ذكره: ومن أدلته على وحدانيته، وحججه عليكم، على أنه إله كلّ شيء (أنْ يُرْسِلَ الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) بالغيث والرحمة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) يقول: ولينزل عليكم من رحمته، وهي الغيث الذي يحيي به البلاد، ولتجري السفن في البحار بها بأمره إياها(وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) يقول: ولتلتمسوا من أرزاقه ومعايشكم التي قسمها بينكم (وَلَعلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) يقول: ولتشكروا ربكم على ذلك، أرسل هذه الرياح مبشرات.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (الرّياحَ مُبَشِّراتٍ) قال: بالمطر.وقالوا في قوله: (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) مثل الذي قلنا فيه.* ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) قال: المطر.حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) : المطر.
﴿ ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ﴾