وهدينا كذلك إسماعيل واليسع ويونس ولوطا، وكل هؤلاء الرسل فضَّلناهم على أهل زمانهم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«وإسماعيل» بن إبراهيم «واليسع» اللام زائدة «ويونس ولوطا» بن هاران أخي إبراهيم «وكلا» منهم «فضَّلنا على العالمين» بالنبوة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
وَإِسْمَاعِيلَ بن إبراهيم أبو الشعب الذي هو أفضل الشعوب، وهو الشعب العربي، ووالد سيد ولد آدم، محمد صلى الله عليه وسلم. وَيُونُسَ بن متى وَلُوطًا بن هاران، أخي إبراهيم. وَكُلَا من هؤلاء الأنبياء والمرسلين فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ لأن درجات الفضائل أربع – وهي التي ذكرها الله بقوله: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ فهؤلاء من الدرجة العليا، بل هم أفضل الرسل على الإطلاق، فالرسل الذين قصهم الله في كتابه، أفضل ممن لم يقص علينا نبأهم بلا شك.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( وإسماعيل ) وهو ولد إبراهيم ، ( واليسع ) وهو ابن أخطوب بن العجوز ، وقرأ حمزة والكسائي " واليسع " بتشديد اللام وسكون الياء هنا وفي " ص " ، ( ويونس ) وهو يونس بن متى ، ( ولوطا ) وهو لوط بن هاران ابن أخي إبراهيم ، ( وكلا فضلنا على العالمين ) أي : عالمي زمانهم .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثم قال - تعالى - وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وموسى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين وَزَكَرِيَّا ويحيى وعيسى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصالحين وَإِسْمَاعِيلَ واليسع وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العالمين .الضمير فى قوله - تعالى - وَمِن ذُرِّيَّتِهِ يرى ابن جرير وغيره أنه يعود إلى نوح لأنه أقرب مذكور .ويرى جمهور المفسرين أنه يعود على إبراهيم لأن الكلام فى شأنه وفى شأن النعم التى منحها الله إياه .وقد ذكر الله فى هذه الآيات أربعة عشر نبيا وهم :1 - داود بن يسى من بط يهوذا من بنى إسرائيل وكانت ولادته فى بيت لحم سنة 1085 ق . م تقريبا وهو الذى قتل جالوت كما جاء فى القرآن الكريم وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ الله الملك والحكمة وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وكانت وفاته سنة 1000 ق . م تقريبا .2 - سليمان بن داود - عليهما السلام - ولد بأورشليم حوالى سنة 1043 ق . م وتوفى سنة 975 ق . م . وقد جاء ذكر داود وسليمان فى كثير من آيات القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله - تعالى - وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا على كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المؤمنين 3 - أيوب ، قال ابن جرير : هو ابن موصى بن روم بن عيص بن إسحاق ، وروى الطبرانى أن مدة عمره كانت ثلاثة وتسعين سنة .4 - يوسف وهو ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليه السلام - وكانت ولادته قبل ميلاد عيسى - عليه السلام - بألفى سنة تقريبا .5 - موسى وهو ابن عمران بن يصهر بن ماهيث بن لاوى بن يعقوب وكانت ولادته حوالى القرن الرابع عشر ق . م .6 - هارون وهو أخو موسى لأمه وقيل لأبيه وأمه ، وقيل مات قبيل موسى بزمن يسير .7 - زكريا وهو ابن أزن بن بركيا ويتصل نسبه بسليمان - عليه السلام - وكان قريب العهد بعيسى حيث تولى كفالة أمه مريم كما جاء فى القرآن الكريم وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا 8 - يحيى وهو ابن زكريا .9 - عيسى وهو ابن مريم . قال ابن كثير . وفى ذكر عيسى فى ذرية إبراهيم أو نوح دلالة على دخول ولد البنات فى ذرية الرجل ، لأن انتساب عيسى ليس إلا من جهة أم مريم .10 - الياس وهو ابن فنحاص بن العيزار بن هارون أخى موسى وهو المعروف فى كتب الإسرائيليين باسم " إيليا " وقد أرسله الله إلى بنى إسرائيل حين عبدوا الأوثان قال - تعالى - وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ المرسلين إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الخالقين ويقال إنه كان موجوداً فى زمن الملك " آخاب " ملك بنى إسرائيل فى حوالى سنة 918 ق . م .11 - إسماعيل وهو الابن الأكبر لإبراهيم - عليهما السلام - وجد محمد صلى الله عليه وسلم .12 - اليسع وهو ابن شافاط وكانت وفاته حوالى سنة 840 ق . م ودفن بالسامرة .13 - يونس وهو ابن متى أرسله الله إلى أهل نينوى من بلاد أشور فى حوالى القرن الثامن ق . م .14 - لوط وهو ابن هاران بن تارح فهو ابن أخى إبراهيم وكانت رسالته إلى أهل سدوم من شرق الأردن .وقوله وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العالمين أى : وكل واحد من هؤلاء الأنبياء المذكورين لا بعضهم دون بعض فضلناه بالنبوة على العالمين من أهل عصره .قال الجمل : اعلم أن الله - تعالى - ذكر هنا ثمانية عشر نبياً من غير ترتيب لا بحسب الزمان ولا بحسب الفضل لأن الواو لا تقتضى الترتيب ، ولكن هنا لطيفة فى هذا الترتيب وهى أن الله - تعالى - خص كل طائفة من الأنبياء بنوع من الكرامة والفضل . فذكر أولا نوحاً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب لأنهم أصول الأنبياء وإليهم يرجع حسبهم جميعاً . ثم من المراتب المعتبرة بعد النبوة الملك والقدرة والسلطان وقد أعطى الله من ذلك داود وسليمان حظاً وافراً .ومن المراتب الصبر عند نزول البلاء والمحن والشدائد وقد خص الله بهذه أيوب . ثم عطف على هاتين المرتبتين من جمع بينهما وهو يوسف فإنه صبر على البلاء والشدة إلى أن آتاه الله ملك مصر مع النبوة ، ثم من المراتب المعتبرة فى تفضيل الأنبياء كثرة المعجزات وقوة البراهين وقد خص الله موسى وهارون من ذلك بالحظ الوافر ، ومن المراتب المعتبرة الزهد فى الدنيا وقد خص الله بذلك زكريا ويحيى وعيسى وإلياس ، ثم ذكر الله بعد هؤلاء الأنبياء من لم يبق له أتباع ولا شريعة وهم إسماعيل واليسع ويونس ولوط فإذا اعتبرنا هذه اللطيفة كان هذا الترتيب حسناً والله أعلم بمراده وأسرار كتابه .ومن المعروف أن الأنبياء الذين يجب الإيمان بهم على التفصيل خمسة وعشرون نبياً . وهم هؤلاء الثمانى عشرة الذين ذكروا فى هذه الآيات ، يضاف إليهم سبعة نظمهم الناظم فى قوله :حتم على كل ذى التكليف معرفة ... بأبنياء على التفصيل قد علموافى تلك حجتنا منهم ثمانية ... من بعد عشر ويبقى سبعة وهمإدريس ، هود ، شعيب ، صالح وكذا ... ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وعود الضمير إلى نوح لأنه أقرب المذكورين ظاهر لا إشكال فيه وهو اختيار ابن جرير.وعوده إلى إبراهيم لأنه الذي سيق الكلام من أجله حسن لكن يشكل عليه لوط فإنه ليس من ذرية إبراهيم بل هو ابن أخيه هاران بن آزر اللهم إلا أن يقال إنه دخل في الذرية تغليبا كما في قوله "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون" فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليبا وكما قال في قوله "فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس" فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود وذم على المخالفة لأنه كان في تشبه بهم فعومل معاملتهم ودخل معهم تغليبا وإلا فهو كان من الجن وطبيعته من النار والملائكة من النور.
﴿ تفسير القرطبي ﴾
" لوطا " اسم أعجمي انصرف لخفته .وسيأتي اشتقاقه في " الأعراف " .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهدينا أيضًا من ذرية نوح " إسماعيل " وهو: إسماعيل بن إبراهيم =" واليسع "، هو اليسع بن أخْطُوب بن العجوز.* * *واختلفت القرأة في قراءة اسمه.فقرأته عامة قرأة الحجاز والعراق: (وَالْيَسَعَ) بلام واحدة مخففة.* * *وقد زعم قوم أنه " يفعل ", من قول القائل: " وسِعَ يسع ". ولا تكاد العرب تدخل " الألف واللام " على اسم يكون على هذه الصورة = أعني على " يفعل " = لا يقولون: " رأيت اليزيد " ولا " أتاني اليَحْيَى " (46) ولا " مررت باليشكر ", إلا في ضرورة شعر , وذلك أيضًا إذا تُحُرِّي به المدح, (47) كما قال بعضهم: (48)وَجَدْنَا الْوَليدَ بْنَ الْيَزِيدَ مُبَارَكًاشَدِيدًا بِأَحْنَاءِ الْخِلافَةِ كَاهِلُهْ (49)فأدخل في" اليزيد " الألف واللام, (50) وذلك لإدخاله إياهما في" الوليد ", فأتبعه " اليزيد " بمثل لفظه. (51)* * *وقرأ ذلك جماعة من قرأة الكوفيين: (وَاللَّيْسَعَ) بلامين، وبالتشديد, وقالوا: إذا قرئ كذلك، كان أشبه بأسماء العجم، وأنكروا التخفيف. وقالوا: لا نعرف في كلام العرب اسمًا على " يفعل " فيه ألف ولام.* * *قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءةُ من قرأه بلام واحدة مخففة, لإجماع أهل الأخبار على أن ذلك هو المعروف من اسمه، دون التشديد, مع أنه اسم أعجمي، فينطق به على ما هو به. وإنما يُعْلَم دخول " الألف واللام " فيما جاء من أسماء العرب على " يفعل ". (52) وأما الاسم الذي يكون أعجميًّا، فإنما ينطق به على ما سَمَّوا به. فإن غُيِّرَ منه شيء إذا تكلمت العرب به، فإنما يغيّر بتقويم حرف منه من غير حذف ولا زيادة فيه ولا نقصان. و " الليسع " إذا شدد، لحقته زيادة لم تكن فيه قبل التشديد. وأخرى، أنه لم يحفظ عن أحد من أهل العلم علمنا أنه قال: اسمه " ليسع ". فيكون مشددًا عند دخول " الألف واللام " اللتين تدخلان للتعريف.* * *و " يونس " هو: يونس بن متى =" ولوطًا وكلا فضلنا "، من ذرية نوح ونوحًا, (53) لهم بينا الحق ووفقناهم له، وفضلنا جميعهم =" على العالمين " ، يعني: على عالم أزمانهم. (54)------------------الهوامش :(46) في المطبوعة: "أتاني التجيب" ، وهو خطأ محض ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، وكان فيها"أتاني اليحيا" غير منقوط ، وهذا صواب قراءتها.(47) في المخطوطة: إذا تحر به المدح" ، غير منقوطة ، وما في المطبوعة شبيه بالصواب ، والذي في معاني القرآن للفراء: "والعرب إذا فعلت ذلك ، فقد أمست الحرف مدحًا".(48) هو ابن ميادة.(49) معاني القرآن للفراء 1: 342 ، أمالي ابن الشجري 1: 154/2 : 252 ، 342 ، الخزانة 1: 327 ، شرح شواهد المغني: 60 ، وغيرها كثير. من شعر مدح فيه الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ، وقبل البيت:هَمَمْتُ بِقَولٍ صَادِقٍ أنْ أقولَهُوَإنِّي عَلَى رَغْمِ العَدُوِّ لقَائِلُهْوبعده:أضَاء سِرَاجُ المُلْكِ فَوْقَ جَبِينِهِغَدَاةَ تَنَاجَى بِالنَّجَاحِ قَوَابِلُهْوكان في المطبوعة: "بأعباء الخلافة" ، وهي إحدى الروايتين ، وأثبت ما في المخطوطة. و"أحناء الخلافة" ، نواحيها وجوانبها جمع"حنو" (بكسر فسكون) ، كنى بذلك عن حمل مشقات الخلافة ، وتدبير الملك ، وسياسة الرعية.(50) في المطبوعة والمخطوطة: "فأدخل اليزيد" بإسقاط"في" والصواب إثباتها.(51) انظر معاني القرآن للفراء 1: 342.(52) في المطبوعة: "وإنما لا يستقيم دخول الألف واللام" ، وهو تغيير لما في المخطوطة وزيادة فيها ، وإفساد لمعنى الكلام ، ونقض لما أراده أبو جعفر. وكان في المخطوطة: "وإنما نصم دخول الألف واللام" ، وهو فاسد الكتابة ، وصواب قراءته ما أثبت"يعلم" بالبناء للمجهول.يعني أن دخول الألف واللام إنما يعرف فيما جاء من أسماء العرب على"يفعل". وهذا مناقض لما كتبه الناشر.(53) في المطبوعة: "ونوح" بالرفع وهو خطأ ، وتغيير لما في المخطوطة. وكان في المخطوطة: "له بينا الحق" ، والأشبه بالصواب ما في المطبوعة.(54) انظر تفسير"العالمين" فيما سلف من فهارس اللغة (علم).
﴿ وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ﴾