ثم أتم خلق الإنسان وأبدعه، وأحسن خلقته، ونفخ فيه مِن روحه بإرسال الملك له؛ لينفخ فيه الروح، وجعل لكم -أيها الناس- نعمة السمع والأبصار يُميَّز بها بين الأصوات والألوان والذوات والأشخاص، ونعمة العقل يُميَّز بها بين الخير والشر والنافع والضار. قليلا ما تشكرون ربكم على ما أنعم به عليكم.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ثم سوَّاه» أي خلق آدم «ونفخ فيه من روحه» أي جعله حيا حساسا بعد أن كان جمادا «وجعل لكم» أي لذريته «السمع» بمعنى الأسماع «والأبصار والأفئدة» القلوب «قليلا ما تشكرون» ما زائدة مؤكدة للقلة.
﴿ تفسير السعدي ﴾
ثُمَّ سَوَّاهُ بلحمه، وأعضائه، وأعصابه، وعروقه، وأحسن خلقته، ووضع كل عضو منه، بالمحل الذي لا يليق به غيره، وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ بأن أرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، فيعودبإذن اللّه، حيوانا، بعد أن كان جمادًا. وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ أي: ما زال يعطيكم من المنافع شيئًا فشيئا، حتى أعطاكم السمع والأبصار وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ الذي خلقكم وصوركم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ثم سواه ) ثم سوى خلقه ( ونفخ فيه من روحه ) ثم عاد إلى ذريته ، فقال : ( وجعل لكم ) بعد أن كنتم نطفا ( السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ) يعني : لا تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه . )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
ثُمَّ سَوَّاهُ أى: هذا المخلوق الذي أوجده من طين، أو من ماء مهين. والمراد: ثم عدل خلقه، وسوى شكله، وناسب بين أعضائه، وأتمه في أحسن صورة ...وَنَفَخَ فِيهِ- سبحانه- مِنْ رُوحِهِ أى: من قدرته ورحمته، التي صار بها هذا الإنسان إنسانا كاملا في أحسن تقويم.وإضافة الروح إليه- تعالى- للتشريف والتكريم لهذا المخلوق، كما في قولهم بيت الله.وَجَعَلَ لَكُمُ بعد ذلك السَّمْعَ الذي تسمعون به وَالْأَبْصارَ التي تبصرون بها، وَالْأَفْئِدَةَ التي تعقلون بها، وتحسون الأشياء بواسطتها.وقوله: قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ بيان لموقف بنى آدم من هذه النعم المتكاثرة والمتنوعة.ولفظ «قليلا» منصوب على أنه صفة لمحذوف وقع معمولا لتشكرون.أى: شكرا قليلا تشكرون، أو زمانا قليلا تشكرون.وهكذا بنو آدم- إلا من عصم الله-، أوجدهم الله- تعالى- بقدرته، وسخر لمنفعتهم ومصلحتهم ما سخر من مخلوقات، وصانهم في كل مراحل خلقهم بأنواع من الصيانة والحفظ ... ومع ذلك فقليل منهم هم الذين يشكرونه- عز وجل- على نعمه. وصدق- سبحانه- حيث يقول: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ.ثم حكى- سبحانه- شبهات المشركين ورد عليها، وصور أحوالهم الأليمة عند ما تقبض الملائكة أرواحهم، فقال- تعالى-:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( ثم سواه ) يعني : آدم ، لما خلقه من تراب خلقه سويا مستقيما ، ( ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) ، يعني العقول ، ( قليلا ما تشكرون ) أي : بهذه القوى التي رزقكموها الله عز وجل . فالسعيد من استعملها في طاعة ربه عز وجل .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
ثم سواه ونفخ فيه من روحه رجع إلى آدم ، أي سوى خلقه ونفخ فيه من روحه . وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ثم رجع إلى ذريته فقال : وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة . وقيل : ثم جعل ذلك الماء المهين خلقا معتدلا ، وركب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفا . وأيضا فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله : ( عبدي ) . وعبر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح . وقد مضى هذا مبينا في ( النساء ) وغيرها . ( قليلا ما تشكرون ) ؛ أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (9)يقول تعالى ذكره: ثم سوّى الإنسان الذي بدأ خلقه من طين خلقا سويا معتدلا(وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) فصار حيا ناطقا( وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ ) يقول: وأنعم عليكم أيها الناس ربكم بأن أعطاكم السمع تسمعون به الأصوات، والأبصار تبصرون بها الأشخاص والأفئدة، تعقلون بها الخير من السوء، لتشكروه على ما وهب لكم من ذلك. وقوله: (قَلِيلا ما تَشْكُرُونَ) يقول: وأنتم تشكرون قليلا من الشكر ربكم على ما أنعم عليكم.
﴿ ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون ﴾