يبيِّن الله تعالى أن مهمة رسوله صلى الله عليه وسلم هداية الدلالة والتبليغ، وبيد الله -وحده- هداية التوفيق، وأن ما تنطوي عليه نفوس الناس مما يُسرون أو يعلنون من الهداية أو الضلال يعلمه الله.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«ما على الرسول إلا البلاغ» لكم «والله يعلم ما تبدون» تظهرون من العمل «وما تكتمون» تخفون منه فيجازيكم به.
﴿ تفسير السعدي ﴾
مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وقد بلَّغ كما أُمِر، وقام بوظيفته، وما سوى ذلك فليس له من الأمر شيء. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ فيجازيكم بما يعلمه تعالى منكم.
﴿ تفسير البغوي ﴾
( ما على الرسول إلا البلاغ ) [ التبليغ ] ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وبعد هذا الترغيب والترهيب بين- سبحانه- وظيفة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ.وأصل البلاغ- كما يقول القرطبي- البلوغ، وهو الوصول. يقال: بلغ يبلغ بلوغا وأبلغه إبلاغا. وبلغه تبليغا، ومنه البلاغة، لأنها إيصال المعنى إلى النفس في أحسن صورة من اللفظ» .أى: ليس على رسولنا- أيها الناس- إلا تبليغ ما أمرناه بتبليغه إليكم وتوصيل ما كلفناه بتوصيله لكم، وهو لم يقصر في ذلك، ولم يأل جهدا في نصحكم وإرشادكم فأطيعوه لتسعدوا.واعلموا أن الله- تعالى- يعلم ما تظهرون وما تخفون من خير أو شر، وسيجازيكم بما تستحقون يوم القيامة.فالآية الكريمة تأكيد لما اشتملت عليه سابقتها من ترغيب وترهيب، ومن تبشير وإنذار، وتصريح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه تبليغ ما كلفه الله بتبليغه إلى الناس، وليس عليه بعد ذلك هدايتهم أو ضلالهم، وإنما الله وحده هو الذي بيده ذلك، وهو الذي بيده حسابهم ومجازاتهم على أعمالهم.
قوله تعالى : ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمونقوله تعالى : ما على الرسول إلا البلاغ أي : ليس له الهداية والتوفيق ولا الثواب ، وإنما عليه البلاغ وفي هذا رد على القدرية كما تقدم ، وأصل البلاغ البلوغ ، وهو الوصول . بلغ يبلغ بلوغا ، وأبلغه إبلاغا ، وتبلغ تبلغا ، وبالغه مبالغة ، وبلغه تبليغا ، ومنه البلاغة ، لأنها إيصال المعنى إلى النفس في حسن صورة من اللفظ وتبالغ الرجل إذا تعاطى البلاغة وليس ببليغ ، وفي هذا بلاغ أي : كفاية ; لأنه يبلغ مقدار الحاجة . والله يعلم ما تبدون أي : تظهرونه ، يقال : بدا السر وأبداه صاحبه يبديه . وما تكتمون أي : ما تسرونه وتخفونه في قلوبكم من الكفر والنفاق .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله : مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)قال أبو جعفر: وهذا من الله تعالى ذكره تهديد لعباده ووعيد. يقول تعالى ذكره: ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم، أيها الناس، بإنذاركم عقابَنا بين يدي عذاب شديد، وإعذارنا إليكم بما فيه قطع حججكم= إلا أن يؤدي إليكم رسالتنا, ثم إلينا الثواب على الطاعة، (109) وعلينا العقاب على المعصية =" والله يعلم ما تبدون وما تكتمون "، يقول: وغير خفي علينا المطيعُ منكم، القابلُ رسالتنا، العاملُ بما أمرته بالعمل به= من المعاصي الآبي رسالتنا، التارك العمل بما أمرته بالعمل به، (110) لأنا نعلم ما عمله العامل منكم فأظهره بجوارحه ونطق به بلسانه=" وما تكتمون "، يعني: ما تخفونه في أنفسكم من إيمان وكفر، أو يقين وشك ونفاق. (111)يقول تعالى ذكره: فمن كان كذلك، لا يخفى عليه شيء من ضمائر الصدور، وظواهر أعمال النفوس, مما في السموات وما في الأرض، وبيده الثواب والعقاب= فحقيق أن يُتَّقى، وأن يُطاع فلا يعصى.--------------------الهوامش :(109) انظر تفسير"البلاغ" فيما سلف 10: 575.(110) في المطبوعة: "من المعاصي التارك العمل" أسقط ما كان في المخطوطة ، وكان فيها: "من المعاصي التي ، رسالتنا" هكذا كتبت وبين الكلام بياض ورسم" ، " بالحمرة. فآثرت قراءتها كما أثبتها.(111) انظر تفسير"تبدون" و"تكتمون" في فهارس اللغة"بدا" و"كتم".
﴿ ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ﴾