إعراب الآية 100 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 62 - الجزء 4.
(يا أَيُّهَا) أي منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بيا النداء وها حرف تنبيه (الَّذِينَ) اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع بدل (آمَنُوا) فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول (إِنْ) شرطية جازمة (تُطِيعُوا) فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل، وهو فعل الشرط (فَرِيقًا) مفعوله (مِنَ الَّذِينَ) متعلقان بمحذوف صفة لفريقا (أُوتُوا الْكِتابَ) فعل ماض مبني للمجهول، الواو نائب فاعل، وهو المفعول الأول والمفعول الثاني الكتاب (يَرُدُّوكُمْ) جواب الشرط مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعل والكاف مفعول به (بَعْدَ) ظرف متعلق بكافرين أو بالفعل قبله (إِيمانِكُمْ) مضاف إليه (كافِرِينَ) حال منصوبة بالياء، أو مفعول به ثان، والجملة لا محل لها لأنها لم تقترن بالفاء أو بإذا الفجائية.
إقبال على خطاب المؤمنين لتحذيرهم من كيد أهل الكتاب وسوء دعائهم المؤمنين ، وقد تفضّل الله على المؤمنين بأن خاطبهم بغير واسطة خلاف خطابه أهل الكتاب إذ قال : { قل يا أهل الكتاب } [ آل عمران : 98 ] ولم يقل : قل يأيُّها الّذين آمنوا .
والفريق : الجماعة من النَّاس ، وأشار به هنا إلى فريق من اليهود وهم شَاس بن قَيس وأصحابه ، أو أراد شاساً وحده ، وجعله فريقاً كما جعل أبا سفيان ناساً قي قوله : «إنّ النّاس قد جمعوا لكم» وسياق الآية مؤذن بأنَّها جرت على حادثة حدثتْ وأنّ لنزولها سبباً . وسبب نزول هذه الآية : أنّ الأوس والخزرج كانوا في الجاهلية قد تخاذلوا وتحاربوا حتَّى تفانوا ، وكانت بينهم حروب وآخرها يوم بُعاث الّتي انتهت قبل الهجرة بثلاث سنين ، فلمَّا اجتمعوا على الإسلام زالت تلك الأحقاد من بينهم وأصبحوا عُدّة للإسلام ، فساء ذلك يهودَ يثرب فقام شاس بن قيس اليهودي ، وهو شيخ قديم منهم ، فجلس إلى الأوس والخزرج ، أو أرسل إليهم من جلس إليهم يذكِّرهم حروب بُعاث ، فكادوا أن يقتتلوا ، ونادى كُلّ فريق : يا للأوس ويا للخزرج وأخذوا السلاح ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بينهم وقال : أتَدْعُون الجاهليةَ وأنا بين أظهركم؟ وفي رواية : أبدعوى الجاهلية؟ أي أتدعون بدعوى الجاهلية وقرأ هذه الآية ، فما فرغ منها حتَّى ألقوا السِّلاح ، وعانق بعضهم بعضاً ، قال جابر بن عبد الله : ما كان طالع أكره إلينا من طلوع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا أصلح الله بيننا ما كان شخص أحبّ إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت يوماً أقبحَ ولا أوْحَش أوّلا وأحسنَ آخراً من ذلك اليوم .
وأصل الردّ الصّرف والإرجاع قال تعالى : { ومنكم من يردّ إلى أرذل العمر } [ الحج : 5 ] وهو هنا مستعار لتغيّر الحال بعد المخالطة فيفيد معنى التصيير كقول الشَّاعر ، فيما أنشده أهل اللّغة:
... فَرَدّ شُعُورَهُنّ السُّود بِيضا
وَرَدّ وُجُوهَهُنّ البِيض سُودا ...
و { كافرين } مفعوله الثَّاني ، وقوله { بعد إيمانكم } تأكيد لما أفاده قوله { يردّوكم } والقصد من التَّصريح به توضيح فوات نعمة عظيمة كانوا فيها لو يكفرون .
المصدر : إعراب : ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد