إعراب الآية 105 من سورة آل عمران - إعراب القرآن الكريم - سورة آل عمران : عدد الآيات 200 - - الصفحة 63 - الجزء 4.
(وَلا تَكُونُوا) الواو عاطفة لا ناهية جازمة تكونوا فعل مضارع ناقص والواو اسمها (كَالَّذِينَ) الكاف اسم بمعنى مثل في محل نصب خبر تكونوا أو هي حرف جر الذين اسم موصول في محل جر بالإضافة والجملة معطوفة وجملة (تَفَرَّقُوا) صلة الموصول (وَاخْتَلَفُوا) عطف على تفرقوا (مِنْ بَعْدِ) متعلقان باختلفوا (ما جاءَهُمُ) ما مصدرية جاءهم فعل ماض ومفعول به (الْبَيِّناتُ) فاعل والمصدر المؤول في محل جر بالإضافة (وَأُولئِكَ) مبتدأ (لَهُمْ) متعلقان بالخبر المحذوف المقدم (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (عَظِيمٌ) صفة والجملة خبر أولئك.
وقوله : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا } معطوف على قوله : { ولتكن منكم أمة } وهو يرجع إلى قوله قبلُ : { ولا تفرقوا } [ آل عمران : 103 ] لما فيه من تمثيل حال التفرّق في أبشع صوره المعروفة لديهم من مطالعة أحوال اليهود . وفيه إشارة إلى أن ترك الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر يفضي إلى التفرّق والاختلاف إذ تكثر النزعات والنزغات وتنشقّ الأمَّة بذلك انشقاقاً شديداً .
والمخاطب به يجري على الاحتمالين المذكورين في المخاطب بقوله : { ولتكن منكم أمة } مع أنّه لا شكّ في أن حكم هذه الآية يعمّ سائر المسلمين : إمَّا بطريق اللَّفظ ، وإمَّا بطريق لَحْن الخطاب ، لأن المنهي عنه هو الحالة الشبيهة بحال الَّذين تفرّقوا واختلفوا .
وأريد بالّذين تفرّقوا واختلفوا الَّذين اختلفوا في أصول الدّين ، من اليهود والنَّصارى ، من بعد ما جاءهم من الدلائل المانعة من الاختلاف والافتراق . وقدّم الافتراق على الاختلاف للإيذان بأن الاختلاف علّة التفرّق وهذا من المفادات الحاصلة من ترتيب الكلام وذكر الأشياء مع مقارناتها ، وفي عكسه قوله تعالى : { واتقوا اللَّه ويعلمكم اللَّه } [ البقرة : 282 ] .
وفيه إشارة إلى أنّ الاختلاف المذموم والَّذي يؤدّي إلى الافتراق ، وهو الاختلاف في أصول الدّيانة الَّذي يفضي إلى تكفير بعض الأمَّة بعضاً ، أو تفسيقه ، دون الاختلاف في الفروع المبنيّة على اختلاف مصالح الأمَّة في الأقطار والأعصار ، وهو المعبّر عنه بالاجتهاد . ونحن إذا تقصّينا تاريخ المذاهب الإسلاميَّة لا نجد افتراقاً نشأ بين المسلمين إلا عن اختلاف في العقائد والأصول ، دون الاختلاف في الاجتهاد في فروع الشَّريعة .
والبيِّنات : الدلائل الَّتي فيها عصمة من الوقوع في الاختلاف لو قيضت لها أفهام .
وقوله : { وأولئك لهم عذاب عظيم } مقابل قوله في الفريق الآخر : { وأولئك هم المفلحون } فالقول فيه كالقول في نظيره ، وهذا جزاء لهم على التفرّق والاختلاف وعلى تفريطهم في تجنّب أسبابه .
المصدر : إعراب : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم