القرآن الكريم الفهرس التفسير الإعراب الترجمة القرآن mp3
القرآن الكريم

إعراب الآية 114 سورة البقرة - ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في

سورة البقرة الآية رقم 114 : إعراب الدعاس

إعراب الآية 114 من سورة البقرة - إعراب القرآن الكريم - سورة البقرة : عدد الآيات 286 - - الصفحة 18 - الجزء 1.

﴿ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ أَن يُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ مَا كَانَ لَهُمۡ أَن يَدۡخُلُوهَآ إِلَّا خَآئِفِينَۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾
[ البقرة: 114]

﴿ إعراب: ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في ﴾

(وَمَنْ) الواو استئنافية، من اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ.

(أَظْلَمُ) خبر والجملة استئنافية.

(مِمَّنْ) من حرف جر، من اسم موصول في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بأظلم.

(مَنَعَ) فعل ماض والفاعل هو والجملة صلة الموصول.

(مَساجِدَ) مفعول به.

(اللَّهِ) لفظ الجلالة مضاف إليه.

(أَنْ) حرف ناصب.

(يُذْكَرَ) مضارع مبني للمجهول منصوب وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان لمنع وأعرب مفعولا لأجله أي كراهة أن يذكر فيها اسمه.

(فِيهَا) متعلقان بيذكر.

(اسْمُهُ) نائب فاعل للفعل المبني للمجهول يذكر.

(وَسَعى) الواو عاطفة سعى فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل هو يعود على من.

(فِي خَرابِها) متعلقان بالفعل قبلهما.

(أُولئِكَ) اسم إشارة مبني على الكسرة في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب.

(ما كانَ) ما نافية، كان فعل ماض ناقص.

(لَهُمْ) متعلقان بمحذوف خبر.

(أَنْ) حرف ناصب.

(يَدْخُلُوها) مضارع منصوب بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع اسم كان.

(إِلَّا) أداة حصر.

(خائِفِينَ) حال منصوبة بالياء لأنه جمع مذكر سالم. وجملة: (ما كان لهم) في محل رفع خبر (أولئك) وجملة: (أولئك) الاسمية مستأنفة.

(لَهُمْ) جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

(فِي الدُّنْيا) متعلقان بمحذوف خبر أيضا.

(خِزْيٌ) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.

(وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ) مثل لهم في الدنيا خزي معطوف على سابقة.

(عَظِيمٌ) صفة.


الصور البلاغية و المعاني الإعرابية للآية 114 - سورة البقرة

﴿ تفسير التحرير و التنوير - الطاهر ابن عاشور ﴾

عطف على { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } [ البقرة : 113 ] باعتبار ما سبق ذلك من الآيات الدالة على أفانين أهل الكتاب في الجراءة وسوء المقالة أي إن قولهم هذا وما تقدمه ظلم ولا كظلم من منع مساجد الله وهذا استطرادٌ واقع معتَرضاً بين ذكر أحوال اليهود والنصارى لذكر مساوىء المشركين في سوء تلقيهم دعوة الإسلام الذي جاء لهديهم ونجاتهم .

والآية نازلة في مشركي العرب كما في رواية عطاء عن ابن عباس وهو الذي يقتضيه قوله : { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } الآية كما سيأتي وهي تشير إلى منع أهل مكة النبيء صلى الله عليه وسلم والمسلمين من الدخول لمكة كما جاء في حديث سعد بن معاذ حين دخل مكة خفية وقال له أبو جهل : ألا أراك تطوف بالبيت آمناً وقد أويتم الصباء ، وتكرر ذلك في عام الحديبية .

وقيل نزلت في بختنصر ملك أشور وغزوه بيت المقدس ثلاث غزوات أولاها في سنة 606 قبل المسيح زمن الملك يهوياقيم ملك اليهود سبى فيها جمعاً من شعب إسرائيل . والثانية بعد ثمان سنين سبى فيها رؤساء المملكة والملك يهواكين بن يهوياقيم ونهب المسجد المقدس من جميع نفائسه وكنوزه . والثالثة بعد عشر سنين في زمن الملك صدقيا فأسر الملك وسمل عينيه وأحرق المسجد الأقصى وجميع المدينة وسبى جميع بني إسرائيل وانقرضت بذلك مملكة يهوذا وذلك سنة 578 قبل المسيح وتسمى هذه الواقعة بالسبي الثالث فهو في كل ذلك قد منع مسجد بيت المقدس من أن يذكر فيه اسم الله وتسبب في خرابه .

وقيل : نزلت في غزو طيطس الروماني لأورشليم سنة 79 قبل المسيح فخرب بيت المقدس وأحرق التوراة وترك بيت المقدس خراباً إلى أن بناه المسلمون بعد فتح البلاد الشامية . وعلى هاتين الروايتين الأخيرتين لا تظهر مناسبة لذكرها عقب ما تقدم فلا ينبغي بناء التفسير عليهما . والوجه هو التعويل على الرواية الأولى وهي المأثورة عن ابن عباس فالمناسبة أنه بعد أن وفي أهل الكتاب حقهم من فضح نواياهم في دين الإسلام وأهله وبيان أن تلك شنشنة متأصلة فيهم مع كل من جاءهم بما يخالف هواهم وكان قد أشار إلى أن المشركين شابهوهم في ذلك عند قوله : { ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم } [ البقرة : 105 ] عطف الكلام إلى بيان ما تفرع عن عدم ودادة المشركين نزول القرآن فبين أن ظلمهم في ذلك لم يبلغه أحد ممن قبلهم إذ منعوا مساجد الله وسدوا طريق الهدى وحالوا بين الناس وبين زيارة المسجد الحرام الذي هو فخرهم وسبب مكانتهم وليس هذا شأن طالب صلاح الخلق بل هذا شأن الحاسد المغتاظ .

والاستفهام بمن إنكاري ولما كان أصل مَنْ أنها نكرة موصوفة أشربت معنى الاستفهام وكان الاستفهام الإنكاري في معنى النفي صار الكلام من وقوع النكرة في سياق النفي فلذلك فسروه بمعنى لا أحد أظلم .

والظلم الاعتداء على حق الغير بالتصرف فيه بما لا يرضى به ويطلق على وضع الشيء في غير ما يستحق أن يوضع فيه والمعنيان صالحان هنا .

وإنما كانوا أظلم الناس لأنهم أتوا بظلم عجيب فقد ظلموا المسلمين من المسجد الحرام وهم أحق الناس به وظلموا أنفسهم بسوء السمعة بين الأمم .

وجُمِعَ المساجدُ وإن كان المشركون منعوا الكعبة فقط إما للتعظيم فإن الجمع يجيء للتعظيم كقوله تعالى : { وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم } [ الفرقان : 37 ] ، وإما لما فيه من أماكن العبادة وهي البيت والمسجد الحرام ومقام إبراهيم والحطيم ، وإما لما يتصل به أيضاً من الخيف ومنى والمشعر الحرام وكلها مساجد والإضافة على هذه الوجوه على معنى لام التعريف العهدي ، وإما لقصد دخول جميع مساجد الله لأنه جمع تعرف بالإضافة ووقع في سياق منع الذي هو في معنى النفي ليشمل الوعيد كل مخرب لمسجد أو مانع من العبادة بتعطيله عن إقامة العبادات ويدخل المشركون في ذلك دخولاً أولياً على حكم ورود العام على سبب خاص والإضافة على هذا الوجه على معنى لام الاستغراق ولعل ضمير الجمع المنصوب في قوله : { أن يدخلوها } يؤيد أن المراد من المساجد مساجد معلومة لأن هذا الوعيد لا يتعدى لكل من منع مسجداً إذ هو عقاب دنيوي لا يلزم اطراده في أمثال المعاقب . والمراد من المنع منعُ العبادة في أوقاتها الخاصة بها كالطواف والجَماعة إذا قصد بالمنع حرمان فريق من المتأهلين لها منها . وليس منه غلق المساجد في غير أوقات الجماعة لأن صلاة الفذ لا تفضل في المسجد على غيره ، وكذلك غلقها من دخول الصبيان والمسافرين للنوم ، وقد سئل ابن عرفة في درس التفسير عن هذا فقال : غلق باب المسجد في غير أوقات الصلاة حفظ وصيانة اه . وكذلك منع غير المتأهل لدخوله وقد منع رسول الله المشركين الطواف والحج ومنع مالك الكافر من دخول المسجد ومعلوم منعُ الجُنب والحائض .

والسعي أصله المشي ثم صار مجازاً مشهوراً في التسبب المقصود كالحقيقة العرفية نحو { ثم أدبر يسعى } [ النازعات : 22 ] ويعدى بفي الدالة على التعليل نحو : سعيت في حاجتك فالمنع هنا حقيقة على الرواية الأولى المتقدمة في سبب النزول والسعي مجاز في التسبب غير المقصود فهو مجاز على مجاز . وأما على الروايتين الأخريين فالمنع مجاز والسعي حقيقة لأن بختنصر وطيطس لم يمنعا أحداً من الذكر ولكنهما تسببا في الخراب بالأمر بالتخريب فأفضى ذلك إلى المنع وآل إليه .

وقوله : { أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين } جملة مستأنفة تغني عن سؤال ناشىء عن قوله : { من أظلم } أو عن قوله : { سعى } لأن السامع إذا علم أن فاعل هذا أظلم الناس أو سمع هذه الجرأة وهي السعي في الخراب تطلب بيان جزاء من اتصف بذلك أو فعل هذا .

ويجوز كونها اعتراضاً بين { من أظلم } وقوله : { لهم في الدنيا خزي } .

والإشارة بأولئك بعد إجراء الأوصاف الثلاثة عليهم للتنبيه على أنهم استُحضروا بتلك الأوصاف ليُخْبَر عنهم بعد تلك الإشارة بخبرهم جديرون بمضمونه على حد ما تقدم في { أولئك على هدى من ربهم } [ البقرة : 5 ] وهذا يدل على أن المقصود من هذه الجمل ليس هو بيان جزاء فعلهم أو التحذير منه بل المقصود بيان هاته الحالة العجيبة من أحوال المشركين بعد بيان عجائب أهل الكتاب ثم يرتب العقاب على ذلك حتى تعلم جدارتهم به وقد ذكر لهم عقوبتين دنيوية وهي الخوف والخزي وأخروية وهي العذاب العظيم .

ومعنى { ما كان لهم أن يدخلوها إلا خافين } أنهم لا يكون لهم بعد هذه الفَعلة أن يدخلوا تلك المساجد التي منعوها إلا وهم خائفون فإن ما كان إذا وقع أن والمضارع في خبرها تدل على نفي المستقبل وإن كان لفظ ( كان ) لفظ الماضي وأن هذه هي التي تستتر عند مجيء اللام نحو { ما كان الله ليعذبهم } فلا إشعار لهذه الجملة بمضى .

واللام في قوله : { لهم } للاستحقاق أي ما كان يحق لهم الدخول في حالة إلا في حالة الخوف فهم حقيقيون بها وأحرياء في علم الله تعالى وهذا وعيد بأنهم قدر الله عليهم أن ترفع أيديهم من التصرف في المسجد الحرام وشعائر الله هناك وتصير للمسلمين فيكونوا بعد ذلك لا يدخلون المسجد الحرام إلا خائفين ، ووعد للمؤمنين وقد صدق الله وعده فكانوا يوم فتح مكة خائفين وجلين حتى نادى منادي النبيء صلى الله عليه وسلم « من دخل المسجد الحرام فهو آمن » فدخله الكثير منهم مذعورين أن يؤخذوا بالسيف قبل دخولهم .

وعلى تفسير { مساجد الله } بالعموم يكون قوله : { ما كان لهم أن يدخلوها } أي منعوا مساجد الله في حال أنهم كان ينبغي لهم أن يدخلوها خاشعين من الله فيفسر الخوف بالخشعية من الله فلذلك كانوا ظالمين بوضع الجبروت في موضع الخضوع فاللام على هذا في قوله { ما كان لهم } للاختصاص وهذا الوجه وإن فرضه كثير من المفسرين إلا أن مكان اسم الإشارة المؤذن بأن ما بعده ترتب عما قبله ينافيه لأن هذا الابتغاء متقرر وسابق على المنع والسعي في الخراب .

وقوله : { لهم في الدنيا خزي } استئناف ثان ولم يعطف على ما قبله ليكون مقصوداً الاستئناف اهتماماً به لأن المعطوف لكونه تابعاً لا يهتم به السامعون كمال الاهتمام ولأنه يجري من الاستئناف الذي قبله مجرى البيان من المبين فإن الخزي خوف والخزي الذل والهوان وذلك ما نال صناديد المشركين يوم بدر من القتل الشنيع والأسر ، وما نالهم يوم فتح مكة من خزي الانهزام .

وقوله : { ولهم في الآخرة عذاب عظيم } عطفت على ما قبلها لأنها تتميم لها إذ المقصود من مجموعهما أن لهم عذابين عذاباً في الدنيا وعذاباً في الآخرة .

وعندي أن نزول هذه الآية مؤذن بالاحتجاج على المشركين من سبب انصراف النبيء عن استقبال الكعبة بعد هجرته فإن منعهم المسلمين من المسجد الحرام أشد من استقبال غير الكعبة في الصلاة على حد قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله } [ البقرة : 217 ] .

قراءة سورة البقرة

المصدر : إعراب : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في