إعراب الآية 168 من سورة النساء - إعراب القرآن الكريم - سورة النساء : عدد الآيات 176 - - الصفحة 104 - الجزء 6.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا) كالآية السابقة (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) فعل مضارع ناقص ولفظ الجلالة اسمها والمصدر المؤول من الفعل يغفر وأن المضمرة بعد لام الجحود في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بخبر يكن المحذوف (لَهُمْ) متعلقان بيغفر (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) عطف على ليغفر لهم وطريقا مفعول به ثان ولا نافية.
الجملة بيان لجملة { قد ضلّوا ضلالاً بعيداً } [ النساء : 167 ] ، لأنّ السامع يترقّب معرفة جزاء هذا الضلال قبيّنته هذه الجملة .
وإعادة الموصول وصلته دون أن يذكر ضميرهم لتُبنَى عليه صلة { وظلموا } ، ولأنّ في تكرير الصّلة تنديداً عليهم . ويجيء على الوجهين في المراد من الذين كفروا في الآية الّتي قبلها أن يكون عطْفُ الظلممِ على الكفر في قوله : { إن الذين كفروا وظلموا } إمَّا أن يراد به ظلم النّفس ، وظلم النبي والمسلمين ، وذلك اللائق بأهل الكتاب؛ وإمَّا أن يراد به الشرك ، كما هو شائع في استْعمال القرآن كقوله : { إنّ الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] ، فيكون من عطف الأخصّ على الأعمّ في الأنواع؛ وإمّا أن يراد به التعدّي على النّاس ، كظلمهم النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجه من أرضه ، وتأليب النّاس عليه ، وغير ذلك ، وظلمهم المؤمنين بتعذيبهم في الله ، وإخراجهم ، ومصادرتهم في أموالهم ، ومعاملتهم بالنفاق والسخريّة والخداع؛ وإمّا أن يراد به ارتكاب المفاسد والجرائم ممّا استقرّ عند أهل العقول أنَّه ظلم وعدوان .
وقوله : { لم يكن الله ليغفر لهم } صيغة جحود ، وقد تقدّم بيانها عند قوله تعالى : { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب } في سورة آل عمران ( 79 ) ، فهي تقتضي تحقيق النفي ، وقد نفي عن الله أن يغفر لهم تحذيراً من البقاء على الكفر والظلم ، لأنّ هذا الحكم نِيط بالوصف ولم يُنط بأشخاص معروفين ، فإن هم أقلعوا عن الكفر والظلم لم يكونوا من الَّذين كفروا وظلموا . ومعنى نفي أن يهديهم طريقاً : إن كان طريقاً يومَ القيامة فهو واضح : أي لا يهديهم طريقاً بوصلهم إلى مكان إلاّ طريقاً يوصل إلى جهنّم . ويجوز أن يراد من الطريق الآيات في الدنيا ، كقوله : { اهدنا الصراط المستقيم } [ الفاتحة : 6 ] . فنفي هديهم إليه إنذار بأنّ الكفر والظلم من شأنهما أن يخيّما على القلب بغشاوة تمنعه من وصول الهدي إليه ، ليحذر المتلبّس بالكفر والظلم من التوغّل فيهما ، فلعلَّه أن يصبح ولا مخلّص له منهما . ونفي هدى الله أيّاهم على هذا الوجه مجاز عقلي في نفي تيسير أسباب الهدى بحسب قانون حصول الأسباب وحصول آثارها بعدها . وعلى أي الاحتمالين فتوبة الكافر الظالم بالإيمان مقبولة ، وكثيراً ما آمن الكافرون الظالمون وحسن إيمانهم ، وآيات قبول التّوبة ، وكذلك مشاهدة الواقع ، ممّا يهدي إلى تأويل هذه الآية ، وتقدّم نظير هذه الآية قريباً ، أي { الذين آمنوا ثُمّ كفروا } [ النساء : 137 ] الآية .
المصدر : إعراب : إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا