إعراب الآية 21 من سورة الأحقاف - إعراب القرآن الكريم - سورة الأحقاف : عدد الآيات 35 - - الصفحة 505 - الجزء 26.
(وَ اذْكُرْ) الواو حرف استئناف وأمر فاعله مستتر (أَخا) مفعول به (عادٍ) مضاف إليه والجملة مستأنفة (إِذْ) بدل من أخا عاد (أَنْذَرَ) ماض (قَوْمَهُ) مفعول به والفاعل مستتر والجملة في محل جر بالإضافة (بِالْأَحْقافِ) متعلقان بمحذوف حال (وَ قَدْ) الواو حالية وقد حرف تحقيق (خَلَتِ النُّذُرُ) ماض وفاعله والجملة حال (مِنْ بَيْنِ) متعلقان بخلت (يَدَيْهِ) مضاف إليه (وَ مِنْ خَلْفِهِ) عطف على ما قبلهما (أَلَّا تَعْبُدُوا) أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولا ناهية ومضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف جر محذوف والجار والمجرور متعلقان بأنذر (أَلَّا) حرف حصر (اللَّهَ) مفعول به (إِنِّي) إن واسمها (أَخافُ) مضارع مرفوع فاعله مستتر والجملة خبر إن والجملة الاسمية تعليل للعبادة (عَلَيْكُمْ) متعلقان بالفعل (عَذابَ) مفعول به (يَوْمٍ) مضاف إليه (عَظِيمٍ) صفة.
وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21(
سيقت قصة هود وقومه مساق الموعظة للمشركين الذين كذبوا بالقرآن كما أخبر الله عنهم من أول هذه السورة في قوله : { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } [ الأحقاف : 3 ] مع ما أعقبت به من الحجج المتقدمة من قوله : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله } [ الأحقاف : 4 ] الذي يقابله قول هود { أن لا تعبدوا إلا الله } ثم قوله : { قل ما كنت بِدْعا من الرسل } [ الأحقاف : 9 ] الذي يقابله قوله : { وقد خَلَت النذُر من بين يديه ومن خلفه } ، ذلك كله بالموعظة بحال هود مع قومه . وسيقت أيضاً مساق الحجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عناد قومه بذكر مثال لحالهم مع رسولهم بحال عاد مع رسولهم . ولها أيضاً موقع التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم على ما تلقاه به قومه من العناد والبهتان لتكون موعظة وتسلية معا يأخذ كل منها ما يليق به .
ولا تجد كلمة أجمع للمعنيين مع كلمة { اذكر } لأنها تصلح لمعنى الذكر اللساني بأن يراد أن يذكر ذلك لقومه ، ولمعنى الذُكر بالضم بأن يتذكر تلك الحالة في نفسه وإن كانت تقدمت له وأمثالها لأن في التذكر مسلاة وإسوة كقوله تعالى : { اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد } في سورة ص ( 17 ( . وكلا المعنيين ناظر إلى قوله آنفاً قل ما كنت بدعاً من الرسل } فإنه إذا قال لهم ذلك تذكروا ما يعرفون من قصص الرسل مما قصّه عليهم القرآن من قبل وتذكر هو لا محالة أحوال رسل كثيرين ثم جاءت قصة هود مثالاً لذلك . ومشركو مكة إذا تذكروا في حالهم وحال عاد وجدوا الحالين متماثلين فيجدر بهم أن يخافوا من أن يصيبهم مثل ما أصابهم .
والاقتصار على ذكر عاد لأنهم أول الأمم العربية الذين جاءهم رسول بعد رسالة نوح العامة وقد كانت رسالة هود ورسالة صالح قبل رسالة إبراهيم عليهم السلام ، وتأتي بعد ذكر قصتهم إشارة إجمالية إلى أمم أخرى من العرب كذبوا الرسل في قوله تعالى : { ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى } [ الأحقاف : 27 ] الآية .
وأخو عاد هو هود وتقدمت ترجمته في سورة الأعراف . وعبّر عنه هنا بوصفه دون اسمه العلَم لأن المراد بالذكر هنا ذكر التمثيل والموعظة لقريش بأنهم أمثال عاد في الإعراض عن دعوة رسول من أمتهم .
والأخ يراد به المشارك في نسب القبيلة ، يقولون : يا أخا بني فلان ، ويا أخا العرب ، وهو المراد هنا وقد يراد بها الملازم والمصاحب ، يقال : أخو الحرب وأخو عزمات . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة « أنت أخونا ومولانا » وهو المراد في قوله تعالى : { كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون } [ الشعراء : 160 ، 161 ] .
ولم يكن لوط من نسب قومه أهل سَدُوم .
و { إذْ أنذر } اسم للزمن الماضي ، وهي هنا نصب على البدل من أخا عاد ، أي اذكر زمن إنذاره قومه فهي بدل اشتمال . وذكر الإنذار هنا دون الدعوة أو الارسال لمناسبة تمثيل حال قوم هود بحال قوم محمد صلى الله عليه وسلم فهو ناظر إلى قوله تعالى في أول السورة { والذين كفروا عما أنذروا معرضون } [ الأحقاف : 3 ] .
والأحقاف : جمع حِقْف بكسر فسكون ، وهو الرمل العظيم المستطيل وكانت هذه البلاد المسماة بالأحقاف منازل عاد وكانت مشرفة على البحر بين عمان وعدن . وفي منتهى الأحقاف أرض حضرموت ، وتقدم ذكر عاد عند قوله تعالى : { وإلى عاد أخاهم هودا } في سورة الأعراف ( 65 ( .
وجملة وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه } معترضة بين جملة { أنذر } وجملة { أن لا تعبدوا إلا الله } المفسرة بها . وقد فسرت جملة { أنذر } بجملة { لا تعبدوا إلا الله } الخ .
و ( أن ( تفسيرية لأن { أنذر } فيه معنى القول دون حروفه .
ومعنى { خلت النذر } سبقت النذر أي نذر رسل آخرين . والنذر : جمع نِذارة بكسر النون . و { من بين يديه ومن خلفه } بمعنى قريباً من زمانه وبعيداً عنه ، ف { مِن بين يديه } معناه القرب كما في قوله تعالى : { إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد } [ سبأ : 46 ] ، أي قبل العذاب قريباً منه قال تعالى : { وقروناً بين ذلك كثيراً } [ الفرقان : 38 ] ، وقال { ورسلاً لم نقصصهم عليك } [ النساء : 164 ] . وأما الذي من خلفه فنوح فقد قال هود لقومه { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } [ الأعراف : 69 ] ، وهذا مراعاة للحالة المقصود تمثيلها فهو ناظر إلى قوله تعالى : { قل ما كنت بِدْعا من الرسل } [ الأحقاف : 9 ] أي قد خلت من قبله رسل مثل ما خلت بتلك .
وجملة { إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } تعليل للنهي في قوله : { أن لا تعبدوا إلا الله } ، أي إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم بسبب شرككم . وعذاب اليوم العظيم يحتمل الوعيد بعذاب يوم القيامة وبعذاب يوم الاستئصال في الدنيا ، وهو الذي عجّل لهم . ووصف اليوم بالعظم باعتبار ما يحدث فيه من الأحداث العظيمة ، فالوصف مجاز عقلي .
المصدر : إعراب : واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين