إعراب الآية 53 من سورة الأنفال - إعراب القرآن الكريم - سورة الأنفال : عدد الآيات 75 - - الصفحة 184 - الجزء 10.
(ذلِكَ) اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. واللام للبعد والكاف للخطاب.
(بِأَنَّ) أن حرف مشبه بالفعل والباء حرف جر.
(اللَّهَ) لفظ الجلالة اسمها.
(لَمْ) حرف نفي وجزم وقلب.
(يَكُ) مضارع ناقص مجزوم وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف واسمها ضمير مستتر تقديره هو.
(مُغَيِّراً) خبرها. والجملة في محل رفع خبر أن.
(نِعْمَةً) مفعول به لمغيرا والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة.
(أَنْعَمَها) فعل ماض ومفعوله. وفاعله هو (عَلى قَوْمٍ) متعلقان بأنعمها.
(حَتَّى) حرف غاية وجر.
(يُغَيِّرُوا) مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى، وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل واسم الموصول (ما) مفعول به.
(بِأَنْفُسِهِمْ) متعلقان بمحذوف صلة الموصول. والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بمغيرا.
(وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أن واسمها وخبراها والمصدر المؤول من أن وما بعدها معطوف على المصدر المؤول من أن وما بعدها في أول الآية.
استئناف بياني . والإشارة إلى مضمون قوله : { فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب } [ الأنفال : 52 ] أي ذلك المذكور بسبب أنّ الله لم يك مغيّرا إلخ أي ذلك الأخذ بسبب أعمالهم التي تسببوا بها في زوال نعمتهم .
والإشارة تفيد العناية بالمخبر عنه ، وبالخبر . والتسبيب يقتضي أنّ آل فرعون والذين من قبلهم كانوا في نعمة فغيرها الله عليهم بالنقمة ، وأنّ ذلك جرى على سنة الله أنّه لا يسلب نعمة أنعمها على قوم حتّى يغيّروا ذلك بأنفسهم ، وأنّ قوم فرعون والذين من قبلهم كانوا من جملة الأقوام الذين أنعم الله عليهم فتسببّوا بأنفسهم في زوال النعمة كما قال تعالى : { وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها } [ القصص : 58 ].
وهذا إنذار لقريش يحلّ بهم مثل ما حَلّ بغيرهم من الأمم الذين بطروا النعمة . فقوله : { لم يك مغيراً } مؤذن بأنّه سنة الله ومقتضى حكمته ، لأنّ نفي الكون بصيغة المضارع يقتضي تجدد النفي ومنفيّه .
و«التغيير» تبديل شيء بما يضاده فقد يكون تبديلَ صورة جسم كما يقال : غَيّرتُ داري ، ويكون تغيير حال وصفة ومنه تغيير الشيب أي صباغه ، وكأنه مشتقّ من الغير وهو المخالف ، فتغيير النعمة إبدالها بضدّها وهو النقمة وسوء الحال ، أي تبديل حالة حسنة بحالة سيّئة .
ووصف النعمة ب { أنعمها على قوم } للتذكير بأنّ أصل النعمة من الله .
و { ما بأنفسهم } موصول وصلة ، والباء للملابسة ، أي ما استقرّ وعلق بهم . وما صْدق { ما } النعمة التي أنعم الله عليهم كما يؤذن به قوله : { مغيراً نعمة أنعمها على قوم } والمراد بهذا التغيير تغيير سببه . وهو الشكر بأن يبدلوه بالكفران .
ذلك أنّ الأمم تكون صالحة ثم تتغيّر أحوالها ببطر النعمة فيعظم فسادها ، فذلك تغيير ما كانوا عليه؛ فإذا أراد الله إصلاحهم أرسل إليهم هداة لهم ، فإذا أصلحوا استمرّت عليهم النعم مثل قوم يونس وهم أهل ( نينوَى ) ، وإذا كذَّبوا وبطِروا النعمة غيّر الله ما بهم من النعمة إلى عذاب ونقمة . فالغاية المستفادة من { حتّى } لانتفاء تغيير نعمة الله على الأقوام هي غاية متّسعة ، لأنّ الأقوام إذا غيّروا ما بأنفسهم من هُدى؛ أمهلهم الله زمناً ثم أرسل إليهم الرسل فإذا أرسل إليهم الرسل فقد نبّههم إلى اقتراب المؤاخذة ثم أمهلهم مدّة لتبليغ الدعوة والنظر فإذا أصرّوا على الكفر غيَّر نعمته عليهم بإبدالها بالعذاب أو الذلّ أو الأسر كما فعل ببني إسرائيل حين أفسدوا في الأرض فسلَّط عليهم الأشوريين .
و { أنّ الله سميع عليم } عطف على قوله : { بأن الله لم يك مغيراً } أي ذلك بأنّ الله يعلم ما يضمره الناس وما يعملونه ويعلم ما ينطقون به فهو يعاملهم بما يعلم منهم . وذكر صفة { سميع } قبل صفة { عليم } يومىء إلى أن التغيير الذي أحدثه المعرَّض بهم متعلّق بأقوالهم وهو دعوتهم آلهة غير الله تعالى .
المصدر : إعراب : ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا