إعراب الآية 95 من سورة الأعراف - إعراب القرآن الكريم - سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - - الصفحة 162 - الجزء 9.
(ثُمَّ) حرف عطف.
(بَدَّلْنا) فعل ماض مبني على السكون و(نا) فاعله.
(مَكانَ) مفعوله الأول (السَّيِّئَةِ) مضاف إليه.
(الْحَسَنَةَ) مفعوله الثاني.
(حَتَّى) حرف غاية وجر.
(عَفَوْا) فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والواو فاعل. والمصدر المؤول من أن المضمرة بعد حتى والفعل في محل جر بحتى، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بدلنا، وجملة بدلنا معطوفة.
(وَقالُوا) معطوف على عفوا.
(قَدْ) حرف تحقيق.
(مَسَّ آباءَنَا) فعل ماض ومفعول به، (الضَّرَّاءُ) فاعل (وَالسَّرَّاءُ) عطف والجملة مقول القول.
(فَأَخَذْناهُمْ) فعل ماض وفاعله ومفعوله والفعل معطوف على عفوا.
(بَغْتَةً) حال أو نائب مفعول مطلق.
(وَهُمْ) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. وجملة (لا يَشْعُرُونَ) في محل رفع خبر وجملة وهم لا يشعرون في محل نصب حال.
والتبديل : التعويض ، فحقه أن يتعدى إلى المفعول الثاني بالباء المفيدة معنى البدلية ويكون ذلك المفعول الثاني المدخول للباء هو المتروك ، والمفعول الأول هو المأخوذ ، كما في قوله تعالى : { قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } في سورة البقرة ( 61 ) ، وقوله : { ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب } في سورة النساء ( 2 ) ، لذلك انتصب الحسنة } هنا لأنها المأخوذة لهم بعد السيّئة فهي المفعول الأول والسيّئة هي المتروكة ، وعدل عن جر السيئة بالباء إلى لفظ يؤدي مُؤَدى باء البدلية وهو لفظ ( مكان ) المستعمل ظرفاً مجازاً عن الخلَفية ، يقال خذ هذا مكانَ ذلك ، أي : خذه خلفاً عن ذلك لأن الخلَف يحل في مكان المخلوف عنه ، ومن هذا القبيل قول امرىء القيس :
وبُدلْتُ قُرحاً دامياً بعد نعمة ... فجعل ( بعدَ ) عوضاً عن باء البدلية .
فقوله : { مكانَ } مَنصوب على الظرفية مجازاً ، أي : بَدلناهم حسنة في مكان السيّئة ، والحسنة اسم اعتبر مؤنثاً لتأويله بالحالة والحادثة وكذلك السيئة فهما في الأصل صفتان لموصوف محذوف ، ثم كثر حذف الموصوف لقلة جدوى ذكره فصارت الصفتان كالاسمين ، ولذلك عبر عن الحسنة في بعض الآيات بما يُتَلَمّح منه معنى وصفيّتها نحو قوله تعالى : { ولا تستوي الحسنة ولا السيّئة ادفع بالتي هي أحسنُ } [ فصلت : 34 ] أي : ادفع السيّئة بالحسنة ، فلما جاء بطريقة الموصولية والصلة بأفعل التفضيل تُلمح معنى الوصفية فيهما ، وكذلك قوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن السيّئة } [ فصلت : 34 ]. ومثلهما في هذا المصيبة ، كما في قوله تعالى في سورة براءة ( 50) : { إن تُصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل } أي : بدّلناهم حالة حسنة بحالتهم السيّئة وهي حالة البأساء والضراء .
فالتعريف تعريف الجنس ، وهو مشعر بأنهم أعطوا حالة حسنة بطيئة النفع لا تبلغ مبلغ البركة .
و { حتى } غاية لما يتضمنه { بدّلنا } من استمرار ذلك وهي ابتدائية ، والجملة التي بعدها لا محل لها .
و { عَفْوا } كثُروا . يقال : عفا النبات ، إذا كثر ونما ، وعطف { وقالوا } على { عفوا } فهو من بقية الغاية .
والسّرّاء : النعمة ورَخاء العيش ، وهي ضد الضراء .
والمعنى أنا نأخذهم بما يغير حالهم التي كانوا فيها من رخاء وصحة عسى أن يعلموا أن سلب النعمة عنهم أمارة على غضب الله عليهم من جرّاء تكذيبهم رسولهم فلا يهتدون ، ثم نردهم إلى حالتهم الأولى إمهالاً لهم واستدراجاً فيزدادون ضلالاً ، فإذا رأوا ذلك تعللوا لما أصابهم من البؤس والضر بأن ذلك التغيير إنما هو عارض من عوارض الزمان وأنه قد أصاب أسلافهم من قبلهم ولم يَجئهم رسُل .
وهذه عادة الله تعالى في تنبيه عباده ، فإنه يحب منهم التوسم في الأشياء والاستدلال بالعقل والنظر بالمسببات على الأسباب ، كما قال تعالى : { أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون } [ التوبة : 126 ] لأن الله لما وهب الإنسان العقل فقد أحب منه أن يستعمله فيما يبلغ به الكمال ويقيه الضلال .
وظاهر الآية : أن هذا القول صادر بألسنتهم وهو يكون دائراً فيما بين بعضهم وبعض في مجادلتهم لرسُلهم حينما يعظونهم بما حلّ بهم ويدْعونهم إلى التوبة والإيمان ليكشف عنهم الضر .
ويجوز أن يكون هذا القول أيضاً : يجيش في نفوسهم ليدفعوا بذلك ما يخطر ببالهم من توقع أن يكون ذلك الضر عقاباً من الله تعالى ، وإذ قد كان محكياً عن أمم كثيرة كانت له أحوال متعددة بتعدد ميادين النفوس والأحوال .
وحاصل ما دفعوا به دلالة الضراء على غضب الله أن مثل ذلك قد حل بآبائهم الذين لم يدْعُهم رسول إلى توحيد الله ، وهذا من خطأ القياس وفساد الاستدلال ، وذلك بحصر الشيء ذي الأسباب المتعددة في سبب واحد ، والغفلة عن كون الأسباب يخلف بعضها بعضاً ، مع الغفلة عن الفارق في قياس حالهم على حال آبائهم بأن آباءهم لم يأتهم رسُل من الله ، وأما أقوام الرسل فإن الرسل تحذرهم الغضب والبأساء والضراء فتحيق بهم ، أفلا يَدلُهم ذلك على أن ما حصل لهم هو من غضب الله عليهم ، على أن غضب الله ليس منحصر الترتب على معصية الرسول بل يكون أيضاً عن الانغماس في الضلال المبين ، مع وضوح أدلة الهدى للعقول ، فإن الإشراك ضلال ، وأدلة التوحيد واضحة للعقول ، فإذا تأيدت الدلالة بإرسال الرسل المنذرين قويت الضلالة باستمرارها ، وانقطاع أعذارها ، ومثل هذا الخطأ يعرض للناس بداعي الهوى وإلف حال الضلال .
والفَاء في قوله : { فأخذناهم } للتعقيب عن قوله : { عَفَوْا } ، و { قالوا } ، باعتبار كونهما غاية لإبدال الحسنة مكان السيئة ، ولا إشعار فيه بأن قولهم ذلك هو سبب أخذهم بغتة ولكنه دل على إصرارهم ، أي : فحصل أخذنا إياهم عقب تحسن حالهم وبَطرهم النعمة .
والتعقيب عرفي فيصدق بالمدة التي لا تعد طولاً في العادة لحصول مثل هذه الحوادث العظيمة .
والأخذ هنا بمعنى الإهلاك كما في قوله تعالى : { أخذهم بغتة فإذا هم مبلسون } في سورة الأنعام ( 44 ).
والبغتة : الفجْأة ، وتقدمت عند قوله تعالى : { حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة } [ الأنعام : 31 ] ، وفي قوله : { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة } في سورة الأنعام ( 44 ) ، وتقدم هنالك وجه نصبها .
وجملة : وهم لا يشعرون } حال مؤكدة لمعنى { بغتة }.
المصدر : إعراب : ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء