﴿ ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه قال إني أنا أخوك فلا تبتئس بما كانوا يعملون ﴾
﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ أي: شقيقه وهو "بنيامين" الذي أمرهم بالإتيان به، [و] ضمه إليه، واختصه من بين إخوته، وأخبره بحقيقة الحال، و قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ أي: لا تحزن بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فإن العاقبة خير لنا، ثم خبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ ... شروع في بيان ما دار بين يوسف- عليه السلام- وبين شقيقه «بنيامين» بعد أن حضر مع إخوته.وقوله آوى من الإيواء بمعنى الضم. يقال: آوى فلان فلانا إذا ضمه إلى نفسه، ويقال: تأوت الطير وتآوت، إذا تضامت وتجمعت.وقوله فَلا تَبْتَئِسْ: افتعال من البؤس وهو الشدة والضر. يقال بئس- كسمع- فلان بؤسا وبئوسا، إذا اشتد حزنه وهمه.والمعنى: وحين دخل إخوة يوسف عليه، ما كان منه إلا أن ضم إليه شقيقه وقال له مطمئنا ومواسيا: إنى أنا أخوك الشقيق. فلا تحزن بسبب ما فعله إخوتنا معنا من الحسد والأذى، فإن الله- تعالى- قد عوض صبرنا خيرا، وأعطانا الكثير من خيره وإحسانه.قال الإمام ابن كثير: يخبر الله- تعالى- عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف ومعهم أخوه «بنيامين» وأدخلهم دار كرامته ومنزل ضيافته وأفاض عليهم الصلة والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له وقال: «لا تبتئس» أى: لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان هذا عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززا مكرما معظما.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله عز وجل : ( ولما دخلوا على يوسف ) قالوا : هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به قد جئناك به ، فقال : أحسنتم وأصبتم ، وستجدون جزاء ذلك عندي ، ثم أنزلهم وأكرمهم ، ثم أضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة ، فبقي بنيامين وحيدا ، فبكى وقال : لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه ، فقال يوسف : لقد بقي أخوكم هذا وحيدا ، فأجلسه معه على مائدته ، فجعل يواكله فلما كان الليل أمر لهم [ بمثل ذلك ] وقال : لينم كل أخوين منكم على مثال ، فبقي بنيامين وحده ، فقال يوسف : هذا ينام معي على فراشي ، فنام معه ، فجعل يوسف يضمه إليه ويشم ريحه حتى أصبح ، وجعل روبين يقول : ما رأينا مثل هذا ، فلما أصبح ، قال لهم : إني أرى هذا الرجل ليس معه ثان فسأضمه إلي فيكون منزله معي ، ثم أنزلهم منزلا وأجرى عليهم الطعام ، وأنزل أخاه لأمه معه ، فذلك قوله تعالى :( آوى إليه أخاه ) أي : ضم إليه أخاه فلما خلا به قال : ما اسمك ؟ قال : بنيامين قال : وما بنيامين ؟ قال : ابن المثكل ، وذلك أنه لما ولد هلكت أمه . قال : وما اسم أمك ؟ قال : راحيل بنت لاوي فقال : فهل لك من ولد ؟ قال : نعم عشرة بنين ، [ قال : فهل لك من أخ لأمك ، قال : كان لي أخ فهلك ، قال يوسف ] : أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك ، فقال بنيامين : ومن يجد أخا مثلك أيها الملك ولكن لم يلدك يعقوب ، ولا راحيل فبكى يوسف عند ذلك وقام إليه وعانقه ، وقال له : ( قال إني أنا أخوك فلا تبتئس ) أي : لا تحزن ( بما كانوا يعملون ) بشيء فعلوه بنا فيما مضى ، فإن الله تعالى قد أحسن إلينا ، ولا تعلمهم شيئا مما أعلمتك ، ثم أوفى يوسف لإخوته الكيل ، وحمل لهم بعيرا بعيرا ولبنيامين بعيرا باسمه ، ثم أمر بسقاية الملك فجعلت في رحل بنيامين .قال السدي : جعلت السقاية في رحل أخيه ، والأخ لا يشعر .وقال كعب : لما قال له يوسف إني أنا أخوك ، قال بنيامين : أنا لا أفارقك ، فقال له يوسف : قد علمت اغتمام والدي بي وإذا حبستك ازداد غمه ولا يمكنني هذا إلا بعد أن أشهرك بأمر فظيع وأنسبك إلى ما لا يحمد ، قال : لا أبالي ، فافعل ما بدا لك ، فإني لا أفارقك ، قال : فإني أدس صاعي في رحلك ثم أنادي عليكم بالسرقة ، ليهيأ لي ردك بعد تسريحك . قال : فافعل فذلك قوله تعالى :