فيا أيها المؤمنون سبِّحوا الله ونزِّهوه عن الشريك والصاحبة والولد، وَصِفوه بصفات الكمال بألسنتكم، وحقِّقوا ذلك بجوارحكم كلها حين تمسون، وحين تصبحون، ووقت العشي، ووقت الظهيرة. وله -سبحانه- الحمد والثناء في السموات والأرض وفي الليل والنهار.
﴿ تفسير الجلالين ﴾
«فسبحان الله» أي: سبحوا الله بمعنى صلوا «حين تمسون» أي: تدخلون في المساء وفيه صلاتان: المغرب والعشاء «وحين تصبحون» تدخلون في الصباح وفيه صلاة الصبح.
﴿ تفسير السعدي ﴾
هذا إخبار عن تنزهه عن السوء والنقص وتقدسه عن أن يماثله أحد من الخلق وأمر للعباد أن يسبحوه حين يمسون وحين يصبحون ووقت العشي ووقت الظهيرة.فهذه الأوقات الخمسة أوقات الصلوات الخمس أمر اللّه عباده بالتسبيح فيها والحمد، ويدخل في ذلك الواجب منه كالمشتملة عليه الصلوات الخمس، والمستحب كأذكار الصباح والمساء وأدبار الصلوات وما يقترن بها من النوافل، لأن هذه الأوقات التي اختارها اللّه [لأوقات المفروضات هي] أفضل من غيرها [فالتسبيح والتحميد فيها والعبادة فيها أفضل من غيرها] بل العبادة وإن لم تشتمل على قول "سبحان اللّه" فإن الإخلاص فيها تنزيه للّه بالفعل أن يكون له شريك في العبادة أو أن يستحق أحد من الخلق ما يستحقه من الإخلاص والإنابة.
﴿ تفسير البغوي ﴾
قوله تعالى : ( فسبحان الله ) أي : سبحوا الله ، ومعناه : ( حين تمسون ) أي : تدخلون في المساء ، وهو صلاة المغرب والعشاء ( وحين تصبحون ) أي : تدخلون في الصباح ، وهو صلاة الصبح .
﴿ تفسير الوسيط ﴾
قالوا الإمام الرازي: لما بين- سبحانه- عظمته في الابتداء بقوله ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى، وعظمته في الانتهاء، بقوله:وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ وأن الناس يتفرقون فريقين، ويحكم- عز وجل- على البعض بأن هؤلاء للجنة ولا أبالى، وهؤلاء للنار ولا أبالى، بعد كل ذلك أمر بتنزيهه عن كل سوء، وبحمده على كل حال، فقال: فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ .والفاء في قوله: فَسُبْحانَ.. لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ولفظ «سبحان» اسم مصدر، منصوب بفعل محذوف. والتسبيح: تنزيه الله-- تعالى-: عن كل ما لا يليق بجلاله. والمعنى: إذا علمتم ما أخبرتكم به قبل ذلك، فسبحوا الله- تعالى- ونزهوه عن كل نقص حِينَ تُمْسُونَ أى: حين تدخلون في وقت المساء، وَحِينَ تُصْبِحُونَ أى:تدخلون في وقت الصباح.
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة ، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده ، في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه : عند المساء ، وهو إقبال الليل بظلامه ، وعند الصباح ، وهو إسفار النهار عن ضيائه .
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحونقوله تعالى : فسبحان الله الآية فيه ثلاثة أقوال : الأول : أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة والحض على الصلاة في هذه الأوقات . قال ابن عباس : الصلوات الخمس في القرآن ، قيل له : أين ؟ فقال : قال الله تعالى فسبحان الله حين تمسون صلاة المغرب والعشاء وحين تصبحون صلاة الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر ; وقاله الضحاك وسعيد بن جبير . وعن ابن عباس أيضا . وقتادة : أن الآية تنبيه على أربع صلوات : المغرب والصبح والعصر والظهر ; قالوا : والعشاء الآخرة هي في آية أخرى فيوزلفا من الليل وفي ذكر أوقات العورة . وقال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون في الصلوات . وسمعت علي بن سليمان يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات ؛ لأن التسبيح في الصلاة ; وهو القول الثاني . والقول الثالث : فسبحوا الله حين تمسون وحين تصبحون ; ذكره الماوردي . وذكر القول الأول ، ولفظه فيه : فصلوا لله حين تمسون وحين تصبحون . وفي تسمية الصلاة بالتسبيح وجهان : أحدهما : لما تضمنها من ذكر التسبيح في الركوع والسجود . الثاني : مأخوذ من السبحة والسبحة الصلاة ; ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : تكون لهم سبحة يوم القيامة أي صلاة .
﴿ تفسير الطبري ﴾
القول في تأويل قوله تعالى : فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)يقول تعالى ذكره: فسبحوا الله أيها الناس: أي صلوا له (حِينَ تُمْسُونَ)، وذلك صلاة المغرب، (وَحِينَ تُصْبَحُونَ)، وذلك صلاة الصبح .