
إعراب الآية 65 من سورة الصافات - إعراب القرآن الكريم - سورة الصافات : عدد الآيات 182 - - الصفحة 448 - الجزء 23.
(طَلْعُها) مبتدأ والها مضاف إليه (كَأَنَّهُ) كأن واسمها (رُؤُسُ) خبرها (الشَّياطِينِ) مضاف إليه والجملة خبر طلعها
طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ( 65 ) و { رُءُوسُ الشَّياطِينِ } يجوز أن يكون مراداً بها رؤوس شياطين الجنّ جمع شيطان بالمعنى المشهور ورؤوس هذه الشياطين غير معروفة لهم ، فالتشبيه بها حوالة على ما تصوّر لهم المخيّلة ، وطلع شجرة الزقوم غير معروف فوُصف للناس فَظيعاً بَشِعاً ، وشبهت بشاعته ببشاعة رؤوس الشياطين ، وهذا التشبيه من تشبيه المعقول بالمعقول كتشبيه الإِيمان بالحياة في قوله تعالى : { لتنذر من كان حياً } [ يس : 70 ] والمقصود منه هنا تقريب حال المشبّه فلا يمتنع كون المشبه به غير معروف ولا كون المشبه كذلك .
ونظيره قول امرىء القيس :
ومسنونة زرق كأنياب أغوال .
.
.
وقيل : أريد برؤوس الشياطين ثمر الأسْتن ، والأسْتَن ( بفتح الهمزة وسكون السين وفتح التاء ) شجرة في بادية اليمن يشبه شخوص الناس ويسمى ثمره رؤوس الشياطين ، وإنما سمّوه كذلك لبشاعة مرآه ثم صار معروفاً ، فشبه به في الآية .
وقيل : { الشياطِينِ : } جمع شيطان وهو من الحيات ما لرؤوسه أعراف ، قال الراجز يشبه امرأته بحية منها :
عَنْجَرِدٌ تَحلف حينَ أحلف .
.
.
كمثل شيطاننِ الحَمَاط أعْرَفُ
الحماط : جمع حَمَاطة بفتح الحاء : شجر تكثر فيه الحيات ، والعنجرِد بكسر الراء : المرأة السليطة .
وهذه الصفات التي وصفت بها شجرة الزقوم بالغة حداً عظيماً من الذم وذلك الذم هو الذي عبّر عنه بالملعونة في قوله تعالى : { والشجرة الملعونة في القرآن } في سورة [ الإِسراء : 60 ] ، وكذلك في آية { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل تغلي في البطون كغلي الحميم } في سورة [ الدخان : 43 - 46 ] .
( وقد أنذروا بأنهم آكلون منها إنذاراً مؤكداً ، أي آكلون من ثمرها وهو ذلك الطلع .
وضمير { منها } للشجرة جرى على الشائع من قول الناس أكلت من النخلة ، أي من ثمرها .
والمعنى : أنهم آكلون منها كرهاً وذلك من العذاب ، وإذا كان المأكول كريهاً يزيده كراهة سوءُ منظره ، كما أن المشتهَى إذا كان حسن المنظر كان الإِقبال عليه بِشَرَه لظهور الفرق بين تناول تفاحة صفراء وتناول تفاحةَ مورّدة اللون ، وكذلك محسنات الشراب ، ألاَ ترَى إلى كعب بن زهير كيف أطال في محسنات الماء الذي مزجت به الخمر في قوله :
شُجَّت بذي شَبَم من ماء مَجْنيَة .
.
.
صاففٍ بأبطحَ أضحَى وهو مشمول
تنفي الرياح القذَى عنه وأفرطه .
.
.
من صوب سارية بيضٌ يعاليل
ومَلْءُ البطون كناية عن كثرة ما يأكلون منها على كراهتها .
وإسناد الأكل ومَلْءِ البطون إليهم إسناد حقيقي وإن كانوا مكرهين على ذلك الأكل والملْءِ .
والفاء في قوله : { فَمَالِئُونَ } فاء التفريع ، وفيها معنى التعقيب ، أي لا يلبثون أن تمتلىء بطونهم من سرعة الالتقام ، وذلك تصوير لكراهتها فإن الطعام الكريه كالدواء إذا تناوله آكله أسرع ببلعه وأعظم لقمه لئلا يستقر طعمه على آلة الذوق .
المصدر : إعراب : طلعها كأنه رءوس الشياطين